بغداد اليوم - بغداد
مع بدء العد التنازلي لجلسة الحسم الخاصة بالتصويت على كابينة رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي والمقرر عقدها يوم غد الاحد بتمام الساعة 1 بعد الظهر ، يستمر الجدل السياسي بين مؤيد ورافض لتمريرها، فيما تميل الكفة لجبهة الرافضين الذين يسميهم فريق علاوي بـ "المتحاصصين".
يصر الفريق المعترض على آلية علاوي بتسمية وزراء كابينته على وجوب تغيير النهج، وأن يتم الامر بالتشاور مع القوى السياسية، فيما يصر المكلف على تسمية مستقلين دون التشاور مع أحد بسبب حراجة المرحلة وتصاعد الرفض الشعبي للآليات التي اعتمدتها القوى السياسية في تسمية الحكومات المتعاقبة.
كل ذلك يتزامن مع تصاعد غضب ساحات الاحتجاج التي تستعد لمليونية أمام المنطقة الخضراء، غداً الأحد، رفضاً للاليات المتبعة والتي يقول المتظاهرون انهم لم تراعِ مطالبهم ولم تحترم ما قدموه من تضحيات.
3 تأجيلات ورابع مستحيل
ثلاثة تأجيلات منذ الاثنين الماضي استقرت على موعد الغد للتصويت على الحكومة، عكست حراجة الموقف وتصاعد وتيرة الخلاف، في أسبوع شهد اطلاق عدد من السهام نحو معسكر علاوي، إذ حاول خصومه بشتى الطرق تقليل حظوظه بعد أن كشف، الأربعاء الماضي، عن كابينته، مستثمرين اعتراضات وردت على تشكيلته التي كشف عنها عبر الاعلام لتسقيطها، وخلق رد فعل شعبي رافض للتكليف وآلياته وخياراته ، فيما لم يعد أمام علاوي متسع من الوقت خاصة وان مهلة التكليف الدستورية تنتهي غداً، الأول من اذار.
عبد المهدي: ساغادر السلطة لا محالة
وبعد أن أعلن رئيس مجلس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي، الأربعاء (19 شباط 2020) برسالة وجهها إلى مجلس النواب عدم استعداده للبقاء على رأس السلطة ولو بصلاحيات اقل كثيراً من التي تمتع بها قبل استقالته في 29 تشرين الثاني 2019، تطرح عدة سيناريوهات تؤكد حراجة موقف فريق السلطة الشيعي، اذ إن موقف عبد المهدي يعني بوضوح؛ إن عدم منح الثقة لعلاوي وحكومته يعني ذهاب السلطة التي قبض عليها الشيعة لما يقارب الـ 17 عاماً الى برهم صالح رئيس الجمهورية "الكردي" لأول مرة منذ التغيير .
ويقول الخبير القانوني، علي التميمي، إن البرلمان وفي حال لم يصوت على تمرير كابينة محمد علاوي ولم يمنحه الثقة وترك عبد المهدي المنصب، فمن حق رئيس الجمهورية أن يقوم مقام عبد المهدي في تولي منصب رئاسة الوزراء، بحسب نص المادة 81 بالدستور، دون تحديد مدة لتولي رئيس الجمهورية للمنصب، ودون تحديد الصلاحية، حيث يقوم رئيس الجمهورية بتكليف مرشح آخر جديد لرئاسة الوزراء خلال 15 يوماً من تاريخ خلو المنصب.
السنة والكرد (بيضة القبان) لأول مرة
فريق الأغلبية الشيعية الذي يضم تحالفات سائرون والفتح والحكمة ودولة القانون وجزء من تحالف النصر، لم يتفق ولو بنحو يضمن اغلبية 163 نائباً التي من الممكن ان تمرر الحكومة،؟في ظل صراع وتضارب بالمصالح فيما بين تلك القوى، جعل من الرفضين السني والكردي لتمرير حكومة علاوي بيضة القبان.
التيار الصدري يهدد برد غير متوقع
موقف الرافضين لتكليف علاوي دفع التيار الصدري للتلويح صراحة بموقف متشدد .
اذ أكد القيادي في التيار الصدري، حاكم الزاملي، اليوم السبت (29 شباط، 2020) أن تياره سيرفض تمرير أي بديل لرئيس الوزراء المكلف، محمد توفيق علاوي، في حال حاولت القوى السياسية إفشال عقد جلسة يوم غد الأحد، المخصصة للتصويت على منح الثقة للحكومة الجديدة.
وقال الزاملي، لـ(بغداد اليوم)، إن "على القوى السياسية المعترضة على رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي، والتي تعمل على إفشال جلسات البرلمان، بسبب خسارتها المغانم من الوزارات، ان تعلم جيداً ان عدم التصويت على علاوي، يعني اختيار رئيس وزراء جديد، يكون أشد من علاوي في رفض المحاصصة وإعطاء أي وزارات لأي جهة سياسية".
وبين الزاملي ان "اي بديل لعلاوي، سوف نفرض عليه عدم اعطاء اي مغانم ومناصب لأي جهة سياسية، وبخلاف ذلك سنقف ضد تمريره في البرلمان والشارع العراقي، فعلى القوى السياسية المتحاصصة ان تعلم جيداً ان تغيير علاوي، لا يعني بقاء الوزارات بيدها".
هل تخرج السلطة من الشيعة لأول مرة منذ التغيير
وفي حال تسلم الكرد رئاسة الوزراء في الحكومة، سيكون الرئيس من جناح حزب الاتحاد الوطني الذي يتقاسم ثقل الكرد في العملية السياسية مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود بارزاني، ما يعني كذلك ان الديمقراطي لن يكون سعيداً وفق قراءات محللين كرد رصدتها (بغداد اليوم)، لأن أي ارتفاع بأسهم الاتحاد يعني خسارة في النفوذ على الجانب المقابل.
ورغم ان تصريحات القوى الكردية تشير بوضوح الى وجود وحدة في المواقف ترفض إصرار علاوي على تسمية وزراء كرد في الحكومة (لضمان تمثيل المكون) دون مشاورة الأحزاب، يصر فريق علاوي بأن أي تشاور يعني عودة المحاصصة وهو ما يرفضه المحتجون، لكن في ظل هذا الواقع الذي وضع الديمقراطي بموقف لا يحسد عليه يبدو أن الأخير سيتجه إلى التوصل لصيغة "مرضية" بينه وبين علاوي لا تسمح بذهاب السلطة الى الاتحاد الوطني.
بالمقابل ، وبالعودة الى الطرف الشيعي، تشير قراءة بعض المراقبين إلى ان القوى الشيعية الداعمة لتكليف علاوي والتي تشكل اغلبية شيعية متمثلة بـ (سائرون والفتح)، ربما ستضغط عليه للتنازل قليلاً عن خيار (الوزارة المستقلة بالكامل) لضمان أصوات بقية القوى الشيعية، وأخرى سنية حليفة، لمنع خروج السلطة من بين ايدي الشيعة، وهو امر تشير تسريبات الى انه بحث بالفعل في اجتماعات وراء الأبواب المغلقة، وحذر خلاله الداعمون علاوي من أن أي تضارب بالمواقف والمصالح يعني ذهاب السلطة لجهات حليفة للولايات المتحدة الأميركية ممثلة بالكرد وهنا لن يكون بديل علاوي الا مقرباً شيعياً من أمريكا وهو ما يثير الرعب لدى تلك القوى ولدى ايران داعمتهم الأكبر واكثر من يهمها استمرار الوضع على ماهو عليه لاهداف ومصالح يعرفها القاصي والداني.