بغداد اليوم- متابعة
تحدث مسؤولون أمريكيون في تقرير لموقع عربي، عن علاقة العراق مع روسيا، بعد حادثة اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني، قاسم سليماني قرب مطار بغداد الدولي، مشيراً إلى أن موسكو قد تكون أكبر المستفيدين من تداعيات الحادث رغم اعتبارها أن العملية كانت اغتيالاً غير مشروع، وقراراً ذات دوافع سياسية انتخابية.
رئيسة مكتب صحيفة "الواشطن بوست" في موسكو روبن ديكسون قالت إن الكرملين قد يكون أكبر المستفيدين من تداعيات هذا الحادث في نهاية المطاف، فيما أكد نائب مساعد وزير الدفاع الأمريكي مايكل كاربنتر إذا ما تُوِّجَت الهجمات الإيرانية والضغوط العراقية بانسحاب الولايات المتحدة من العراق، فإن روسيا ستكون هي المرشح الأبرز لملء هذا الفراغ وتعزيز موطئ قدمها لها في البلاد، على غرار ما فعلت في سوريا بعدما أمر ترامب بسحب قواته من هناك في الخريف الماضي.
بينما قال رئيس مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية ريتشارد هاس إحدى النتائج المؤكدة للضربة الأمريكية (التي قتلت سليماني ورفاقه) هي أن عصر التعاون الأمريكي-العراقي قد انتهى، متوقعاً أن ينتهي الوجود الدبلوماسي والعسكري الأمريكي في العراق، سواء بناء على مطالبة العراق للأمريكيين بالمغادرة، أو أن يتحول الوجود الأمريكي هناك إلى هدف، أو كليهما.
وكشف التقرير أن الكرملين لا يحتاج إلى ذريعة القلق من وجود آلاف الإرهابيين القادمين من روسيا، الذين يرتكبون أعمالًا إجرامية إلى جانب تنظيم الدولة، ليدشن التعاون الاستخباراتي والأمني بين بغداد وموسكو وطهران ودمشق لمواجهة التهديد الذي تشكله داعش، هذا ما أعلنته روسيا لتدشن عصرًا من التعاون مع الحكومة العراقية.
هذه الخطوة التي أكدتها قيادة العمليات المشتركة في الجيش العراقي، تمنح الكرملين المزيد من النفوذ في الشرق الأوسط، وتفاقم المخاوف في واشنطن، حسبما كتب ستيفن كالين كبير مراسلي رويترز في السعودية، والذي عمل سابقًا في العراق ولبنان ومصر، خاصة وأن القوات المسلحة العراقية تستعين بالفعل بطائرات هليكوبتر هجومية من طراز (Mi-35 و Mi-28NA) وطائرات (Su-25) ودبابات (T-90) روسية الصنع.
التقرير تحدث أيضاً عن عزم العراق شراء منظومة الدفاع الجوي الصاروخية "إس-400" الروسية قائلاً: الإعلان عن استئناف المحادثات العراقية-الروسية لشراء منظومة الدفاع الجوي الصاروخية «إس-400»، جاء أولًا على لسان رئيس لجنة الأمن والدفاع العراقي، محمد رضا آل حيدر ، ثم أكده السفير العراقي لدى طهران، سعد جواد قنديل، مبيناً أن من حق بغداد تحديث بنيتها التحتية الدفاعية وتنويع مصادر تسليحها، إلا أنها لطالما أحجمت عن ذلك انصياعًا لتهديد الولايات المتحدة بمعاقبة الدول التي تسعى لشراء مثل هذه الأسلحة الروسية، وهو السبب الذي أدى إلى تعليق محادثات سابقة بشأن شراء المنظومة الروسية.
ويكمل التقرير، لكن إذا كان ترامب هدد بفرض عقوبات على العراق، إذا حاولت بغداد طرد القوات الأمريكية، وذهبت وزارة الخارجية الأمريكية إلى أبعد من ذلك، إذ لوَّحت بتعليق حساب المصرف المركزي العراقي لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، وهي خطوة يمكن أن تقوض الاقتصاد العراقي الهش فعلًا.
التقرير يضيف أنه يبدوا أن ترامب دفع العراق هذه المرة إلى الزاوية، ولم يترك لها مناصًا من توسيع تعاونها الدفاعي مع روسيا، خاصة بعد الغارات الإسرائيلية المتصاعدة ضد العراق، واغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني على الأرض العراقية. بل أكد عضو لجنة الأمن والدفاع، النائب بدر الزيادي، أن العراق يخطط لإرسال وفود تنفيذية وتشريعية ليس فقط إلى روسيا، ولكن أيضًا إلى الصين وأوكرانيا، للتفاوض حول شراء أنظمة حديثة لحماية المجال الجوي العراقي.
وبعد سقوط نظام صدام حسين في عام 2003، والاحتلال الأمريكي للعراق، كانت الشركات الروسية غائبة إلى حد كبير عن قطاع النفط العراقي، حتى تغير كل ذلك مع احتدام الصراع الطائفي في عام 2009، في ذلك الوقت، كان العديد من شركات النفط الغربية (مثل إكسون موبيل وشيفرون) تغادر المنطقة جزئيًا أو كليًا، بسبب المخاوف الأمنية، لكن الشركات الروسية، الباحثة عن المغامرة والمتعطشة للمكاسب المغموسة في المخاطر، وجدتها فرصة لكي تحل مكان الشركات المغادرة.
ومصالح روسيا في العراق أوضح من أن تحتاج إلى استدلال، على سبيل المثال فازت شركة "Lukoil" الروسية في عام 2009 بأحد أوائل عقود النفط في عراق ما بعد الحرب لتطوير حقل (غرب القرنة – 2) في البصرة، وهو المشروع الذي من المقرر أن يستمر لمدة 25 عامًا، بهدف تحقيق إنتاج 800 ألف برميل يوميًا بحلول نهاية عام 2024.
صحيح أن هذا الحقل ينتج الآن حوالي 400 ألف برميل يوميًا فقط، لكنه يمثل بالفعل 9% من إجمالي إنتاج العراق من النفط الخام، و 12% من صادرات النفط العراقية، وأبرمت روسيا صفقات أخرى ضخمة منذ عام 2011، شملت: استثمارات لشركة "Gazprom" وشركائها في وسط العراق وإقليم كردستان بقيمة 2.5 مليار دولار.
وفي سبتمبر (أيلول) الماضي فازت شركة "Stroytransgaz" الروسية بعقد مدته 34 عامًا للتنقيب عن النفط والغاز في محافظة الأنبار العراقية، وهي الصفقة التي أشاد بها لافروف خلال زيارته للعراق.
ولا ينحصر الاهتمام الروسي في حقول النفط، إذ تمتلك شركة "Rosneft" مقدار 60% من خط أنابيب نفط كردستان، وهو خط التصدير التشغيلي الرئيسي في العراق.
وفي ربيع عام 2018، أعلنت "Rosneft" أيضًا عن توقيع اتفاقية مع وزارة الموارد الطبيعية في حكومة إقليم كردستان لتطوير بنيتها التحتية للنفط والغاز، بما في ذلك تدشين خط أنابيب جديد للغاز من المتوقع أن تصل طاقته التصديرية إلى 30 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا، أي حوالي 6% من إجمالي الطلب على الغاز في أوروبا. وهي الصفقة التي منحت روسيا الكثير من النفوذ السياسي في العراق، بحسب سياسي عراقي تحدث إلى فورين بوليسي شريطة عدم الكشف عن هويته.
النفط يمثل حوالي 96% من صادرات العراق، لكن بدون وجود خط أنابيب لتصديره، فإن هذه الثروة النفطية ليس لها أي قيمة، وهكذا تسيطر روسيا الآن بشكل أساسي على هذا التصدير، بحسب المسؤول سابق الذكر.
والتقارب العراقي مع روسيا لا يصب فقط في صالح موسكو، بل تستفيد بغداد منه أيضًا، وهي تدرك أهمية أن يكون شريك مثل بوتين إلى جوارها في هذه المرحلة العصيبة، خاصة وأن الشركات الروسية تُبشِّر باستثمار ما يصل إلى 45 مليار دولار أمريكي في العراق بحلول عام 2035، وهي الزيادة الكبيرة مقارنة بالمليارات العشرة التي يستثمرها الروس حاليًا في قطاع النفط والغاز العراقي.