بغداد اليوم - متابعة
نشر موقع امريكي، الاحد (9 شباط 2020)، تقريراً تحدث عن بداية الحرب في العراق عام 2003، وأشار الى أنه منذ ذلك الوقت شكّلت أهمية سلامة الوضع السياسي وسلامة الأراضي في العراق عنصرا أساسيا في سياسة الولايات المتحدة حسب نص التقرير.
وقال موقع "معهد واشنطن" في تقرير كتبه إيريك بوردنكيرشر إنه "على ضوء اغتيال الولايات المتحدة لقاسم سليماني، والردّ الإيراني عليه، واستمرار أعمال العنف في العراق ـ التي تجسّدت مؤخرا في هجوم لم تتبناه أي جهة على السفارة الأميركية ـ يتعيّن على الحكومة الأميركية الآن إعادة النظر في جدوى استمرارية السياسة الحالية المعتمدة تجاه العراق".
وأضاف، "الحكومة الحالية في بغداد أثبتت عدة مرات أنها ليست شريكا موثوقا للولايات المتحدة من خلال إهمال واجباتها الأساسية، بما في ذلك عجزها عن حماية الموظفين الأميركيين في الخارج".
وتابع الموقع، "وعلى سبيل المثال، أظهرت الحكومة أنها إما لا ترغب أو هي عاجزة عن حماية السفارة الأميركية من المتظاهرين العنيفين ومن الهجمات. وطيلة أسابيع، لم تنجح بغداد في منع تعرّض الدبلوماسيين والقوات والمقاولين الخاصين الأميركيين من القصف، علما بأنهم أتوا لتسهيل تدريب الجيش العراقي ـ ما أسفر عن مقتل مقاول أميركي خاص وجرح العديد من المقاولين والجنود الأميركيين الآخرين مؤخرا".
وأشار الموقع، الى أن "عملية التصويت المثيرة للجدل التي أجراها البرلمان العراقي مؤخرا لإنهاء وجود القوات الأميركية في العراق تؤكد ما تم تداوله لأشهر ـ إن لم يكن لسنوات ـ بأن الحكومة العراقية في بغداد خاضعة لعناصر موالية لإيران. ويثبت هذا التصويت أيضا قبولا باستمرار تواجد مجاميع مسلحة، وبالتالي رغبة في تجاهل سيادة القانون".
وذكر التقرير، "علاوة على ذلك، يعكس هذا التصويت الانقسامات الطائفية العميقة داخل الحكومة العراقية. فقد صوتت غالبية النواب الشيعة في البرلمان لصالح طرد القوات الأميركية، في حين لا يزال العراقيون الآخرون يعارضون تدخل إيران. والأهم أن رجال السياسة العراقيين من السنّة والأكراد لم يحضروا جلسة التصويت البرلمانية" حسب نص التقرير.
ولفت التقرير، الى أن "تضامن السياسيين الشيعة، المتجلي بتعزيز قدرات الجيش ومؤسسات الدولة، يعكس عدم استعدادهم لضمان مصلحة الدولة العراقية ككل وليس مجتمعهم فقط، كذلك، تؤكد المسيرة المليونية التي دعا إليها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الأسبوع الماضي أن صانع الملوك الأكثر ترجيحا في تشكيل الحكومة العراقية الجديدة لا يميل أو لا يهتم كثيرا بالحفاظ على وجود عسكري أميركي في العراق، رغم أنه يسعى أيضا إلى الحد من النفوذ الإيراني على سياسة العراق".
وتابع، "وحتى الآن، حدّد صناع السياسة الأميركيون ردَين محتملين على التطورات التي جرت في الآونة الأخيرة. ويقوم أحدهما على البقاء في العراق وإصلاح العلاقات. وتبرر الولايات المتحدة هذا الرد بالاستناد إلى الكم الكبير من رأس المال البشري والموارد التي استثمرتها في العراق، فضلا عن دور العراق المستقبلي في التصدي لعودة تنظيم داعش واحتواء إيران".
وقال الموقع في تقريره، "غير أن إصلاح العلاقات يتطلب شريكا عراقيا شرعيا. وقد يستغرق تشكيل حكومة جديدة أشهرا، بما أن الحكومة العراقية في وضع متقلب بعد استقالة رئيس الوزراء. وكلما انتظرت الولايات المتحدة أكثر لتشكيل حكومة جديدة، ازداد خطر تعرض المسؤولين والجنود والمقاولين الخاصين الأميركيين لهجمات ".
وتابع التقرير، "أما النتيجة المحتملة الثانية فهي نهاية الوجود العسكري الأميركي في العراق. ويمكن أن يتجلى وعد إدارة ترامب في خفض عدد القوات في الخارج وتجنّب الخوض في المزيد من الصراعات في الشرق الأوسط في حال استمرار العنف ضد أهداف أميركية. غير أنه من شأن انسحاب الولايات المتحدة أن يمد إيران ووكلاءها بالجرأة ويشكك بالعزم الأميركي على الصعيدين الإقليمي والدولي ويسفر على الأرجح عن عودة تنظيم داعش، إلا أن خيارا ثالثا أو وسطيا لا يزال قائما. إذ يمكن للولايات المتحدة أن تخفض بشكل ملحوظ تواجدها في بغداد من دون الانسحاب من المنطقة من خلال توطيد علاقتها مع حكومة إقليم كردستان العراق، فمن شأن تعزيز علاقتنا العسكرية بشريك موثوق أن يعوّض عن وجود أميركي محدود في المنطقة ويمكّن الولايات المتحدة من أجل السعي إلى تحقيق أهدافها في المنطقة وأن يضعف الحكومة في بغداد".
وأشار التقرير الى أن "كذلك سيسمح توطيد العلاقة الأميركية ـ الكردية وتعزيز الوجود العسكري في كردستان العراق للولايات المتحدة بالحفاظ ظاهريا على التزامها بالتحالف العالمي لهزيمة تنظيم داعش، وسيخوّل تواجد عسكري متزايد في كردستان الولايات المتحدة ممارسة ضغوط قصوى على الحكومة الإيرانية إلى حين التوصل إلى اتفاق نووي أكثر شمولية، وفي نهاية المطاف، سيرحب حلفاء الولايات المتحدة، على غرار إسرائيل والسعودية والإمارات العربية المتحدة بهذا التطوّر في أعقاب الانسحاب من بغداد".
وتابع التقرير، "وبما يتناقض مع ما هي الحال عليه مع السياسيين في بغداد، ما من علاقة ودية بين قيادة حكومة إقليم كردستان وإيران رغم حاجة هذه الحكومة إلى التنسيق مع جارتها من جهة الشرق بفضل نفوذ هذه الأخيرة الإقليمي وقربها الجغرافي. وبسبب جموح الشريحة الكردية المتواجدة في إيران، تخلت هذه الأخيرة عن الأكراد وتركت مصيرهم في يدي صدام حسين في عدة مناسبات وهي تعارض استقلال الأكراد، ومع تمركز القوات الأميركية في إقليم كردستان، ستتمكن الولايات المتحدة أيضا من تجنب أي من التداعيات المحتملة الناتجة عن التقسيم المستقبلي المستبعد ولكن المحتمل للعراق. ونظرا إلى أنه من المستحيل معرفة إلى أين ستؤدي الاحتجاجات المستمرة والهجمات المضادة في بغداد وغيرها من المدن الكبرى، لا يجب استبعاد أن تتطور لتتحول إلى حرب أهلية بسبب العنف المتجلي أساسا".
وذكر التقرير، "لكن في ظل مثل هذا الانقسام، قد تدفع علاقة متينة مع حكومة إقليم كردستان والإبقاء على تواجد القوات الأميركية على المدى الطويل بأميركا إلى النظر في نهاية المطاف في الاعتراف رسميا بدولة كردية، وهو هدف لطالما سعى الشعب الكردي إلى تحقيقه لكنه تبخر في سبتمبر 2017 حين نجحت حكومة إقليم كردستان في إجراء الاستفتاء بشأن الاستقلال بسهولة ولكنها عجزت عن حشد دعم دولي لنتائجه".
وقال، "وإذا ما كان سيُصار إلى تعزيز مكانة بغداد، من شأن استقلال الأكراد أن يمارس ضغوطا مالية إضافية على حكومة تعاني أساسا لسد عجزها، ما يعزّز مغزى إعادة تركيز القوات الأميركية في إقليم كردستان العراق الآن".
واختتم الموقع تقريرها بالقول: "أخيرا، تُظهر التطورات التي شهدتها الأسابيع الفائتة أنه يجدر بالولايات المتحدة أن تفكر جديا بالخروج من بغداد والترحيب بخيار الالتزام الشديد بالتعاون العسكري مع حكومة إقليم كردستان، ومن المرجح أن تعود إعادة التموضع الاستراتيجي هذه ـ التي تمثل الحل الوسط بين البقاء في بغداد والخروج منها ـ بفائدة أكبر على مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وتساعد على إرساء الاستقرار في المنطقة أيضا".