بغداد اليوم- بغداد
كشف المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح، الثلاثاء (07 كانون الثاني 2020)، عن سيناريوين بشأن تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض عقوبات على العراق في حال إخراج القوات الأمريكية.
وذكر مظهر في مقال له اطلعت عليه (بغداد اليوم)، أن "العراق بين مشهدين :وجهة نظر في الاقتصاد السياسي".
أدناه مقال المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح
1- السيناريو الواقعي
ما ينشر وبشكل مكثف عن حالة الاقتصاد من سيناريو فرض العقوبات الاقتصادية الأمريكية المحتملة على بلادنا يأتي في جوهره لإحداث شيء من الهلع وموجة من الحرب النفسية ضمن تناقض مخرجات اطراف الصراع الدولية ومخرجاتها على الساحة العراقية، فالإشاعة الاقتصادية اليوم ماهي الا تذكير لوقائع قاسية حدثت إبان غزو العراق للكويت وفرض المنظمة الدولية لعقوبات شاملة على العراق بين الاعوام 1990 ولغاية 2003 ومخلفاتها الكارثية التي مزقت نسيج المجتمع وبنيته الاقتصادية والمعيشية والدور الامريكي في تلك العقوبات القاسية.
في معتقدي لا توجد لدى أميركا رغبة فعلية للانتقام الشامل من العراق، سوى موجة من ماكنة التهديدات الإعلامية في إطار ضغط سياسي حتى اللحظة، اما على ارض الواقع فلم يحدث شي ضار للاقتصاد الوطني سوى سلوك فردي خلاصته القلق والتحسب ولم ينعكس على تفاقم الطلب الكلي على السلع والخدمات أو إحداث تأثير في المستوى العام للأسعار أو التضخم كما يسمى، باستثناء تقلبات جزئية حدثت ولساعات في سعر صرف الدينار ازاء الدولار في الاسواق الثانوية خلال الايام القليلة الماضية ازاء قوة البنك المركزي العراقي في ضبط السوق ومناسيب السيولة فيها بكونه يمتلك وسائل تدخل في التصدي لأي موجات مضاربة سعرية ضارة تحصل في سوق الصرف بحكم احتياطياته العالية وحسن التنسيق والتدبير مع البنك الاحتياطي الفيديرالي الامريكي نفسه، وبالرغم من ذلك فحصول سناريو حصار اقتصادي او عقوبات او مقاطعة اقتصادية أمريكية جذرية التأثير سلباً بحق 40 مليون عراقي: سيعني من وجهة نظري الشخصية ان الولايات المتحدة قد غامرت بمشروعها في العراق الذي اسست له في احتلال 2003 وفقدت مصالحها الجيوسياسية في غرب اسيا وهي شبه هزيمة قاسية وضرب لمصالحها في المنطقة!! لذا فان دولة مثل الولايات المتحدة لن تفعل ذلك إطلاقًا مهما كلف الامر ولن تخسر صداقة العراق في ظل معطيات النظام السياسي القائم حالياً كنظام ديمقراطي قام على أنقاض دكتاتورية شرسة!! لذا فان تحليل مضمون هذه الحملة السيكولوجية ونتائجها من وجهة نظر علم الاقتصاد السلوكي هي محصلة للصراع والتصعيد بين الطرفين بالرغم مما يترك حسابات لإدارة المخاطر الاقتصادية هنا وهناك احيانا، وتمثل جزء اً من الحرب النفسية للتخويف واشاعة الهلع بين الناس عادة ما يطلقها المضاربين ومغتنمي الفرص لتحقيق الربح الطارئ بأجواء رديئة غير نقية.
2- السيناريو التخيلي
اذا ما تعرض العراق لهكذا حصار أو عقوبات مدمرة امريكية فعلا، كما يشاع، فإنها ستكون ابتداءً عقوبات ليست أممية مثل ما حصل عام 1990 في حرب الكويت، اذ ستدفع الولايات المتحدة وعلى وفق هذا السيناريو بالعراق الى ايجاد حلفاء دوليين اخرين للعيش والخروج من المأزق الاقتصادي المدمر وفقدان الامل بالمستقبل.
اي إن ثمة فسحة لدخول العراق الى مشهد جيوسياسي يمكن تسميته خيالاً بمربع القوة الجديد: واعني نشوء تكتل ضمن التوجه العالمي الحالي قد يضم: العراق وايران والصين وروسيا. وهذا ما تخشاه اميركا في ضياع العراق كدولة صديقة محبة للحرية والسلام ودولة بعيدة عن سياسة المحاور تماما.
هذا ما سيدفع البلاد للتعاطي مع مفاتيح كتلة اقتصادية وجيوسياسية جديدة تحمي مصالح الشعب من شراسة العقوبات والمرور بتجارب مدمرة للإنسانية وتعقيم التنمية والرخاء الاقتصادي.
ختاماً وفي ضوء ما تقدم ما زلت شخصياً أشك جداً أن تفرض أميركا أي حصار او عقوبات قاسية او شاملة تقود الى نتائج اقتصادية كارثية على العراق في الوقت الحاضر وتخسر صداقة العراق وتوازن سياسته الخارجية القائمة على نبذ المحاور والساعية الى التعاون الإيجابي الدولي والاقليمي.