بغداد اليوم- متابعة
نشر معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، مقالاً بشأن الضربة الأمريكية التي استهدفت موقعاً لكتائب حزب الله والمنضوية تحت لواءي الـ 45 والـ 46 في هيأة الحشد الشعبي، مبيناً أن هذا الاستهداف يأتي رداً على إطلاق 30 صاروخاً على قاعدة "K-1" العسكرية في كركوك.
المقال ذكر أنه في أعقاب قيام كتائب حزب الله بتنفيذ 11 هجوماً ضد مواقع أمريكية، وتحذيرات واشنطن العديدة التي أعقبتها، ردت الولايات المتحدة أخيراً عسكرياً على استهداف قواعدها في العراق.
ففي 29 كانون الأول/ديسمبر، قصفت الطائرات الحربية الأمريكية خمس قواعد تابعة لكتائب حزب الله في العراق وسوريا، مما أسفر عن مقتل 25 وجرح خمسين آخرين، وجاءت الغارة بعد يومين من إطلاق ثلاثين صاروخاً على قاعدة "K-1" العسكرية في العراق، مما أسفر عن مقتل مقاول أمريكي واحد وإصابة عدد من الجنود العراقيين والأمريكيين.
وأضاف المقال أنه "رداً على القصف الأمريكي، قام أعضاء من قوات الحشد الشعبي ومؤيدون لها باقتحام أبواب مجمع السفارة الأمريكية في بغداد في 31 كانون الأول/ديسمبر، وتزعمهم مسؤولون عراقيون رئيسيون مثل مستشار الأمن الوطني فالح الفياض ورئيس منظمة بدر، هادي العامري".
وتابع أن "الهجوم على السفارة الأمريكية والرد الأمريكي المستمر يجب أن يمنحا لحظة صفاء للزعماء العراقيين أثناء اتخاذهم خياراً قاسياً بشأن مستقبل البلاد، متسائلاً، هل سيختارون العزلة الدولية المماثلة لإيران، أو لنوع الدولة السيادية والفعالة التي يطالب بها المحتجون العراقيون ويموتون من أجلها منذ 1 تشرين الأول/أكتوبر؟ أما واشنطن فتواجه مأزقها الخاص - فعلى الرغم من أنه كان من الضروري القيام بعمل عسكري لردع طهران، إلّا أن تنفيذ هذا التصعيد دون اتخاذ تدابير سياسية ضرورية أخرى قد يعطي ذريعة لمواصلة تأخير الإصلاحات الحاسمة التي يطالب بها المتظاهرون في عشرات المدن.
ويوضح المقال أن الغارة الجوية الأمريكية كانت أول عملية من نوعها ضد أهداف عراقية منذ عام 2011، لكن مع ذلك، كانت قيادة البلاد سريعة في إدانتها - حتى في الوقت الذي ظلت فيه صامتة في الغالب حول قتل وجرح جنود أمريكيين الأمر الذي استلزم القيام بهذه العملية في المقام الأول.
وويضيف مقال معهد واشنطن أن الزعماء السياسيين العراقيين قد وقعوا في الفخ، بإدانتهم الضربات الأمريكية بوصفها اعتداء على «قوات الحشد الشعبي»، ومقارنة بصمتهم، فإن إظهار تعاطفهم يبدو وكأنه إيماءة تعكس الخوف من طهران ومن الضغط الذي تمارسه على النخبة السياسية في العراق، كما أنه تناقض للانتقادات الملفوظة الموجهة من قبل حركة الاحتجاج ، التي أدت مغامراتها المدمِّرة إلى خلق الخوف في صفوف المستثمرين الأجانب والتسبب في هجمات انتقامية.
ومع ذلك، فإن الرد من بغداد ليس سيئاً بالكامل، فكما ذُكر أعلاه، إذا قُرئت تصريحات الرئيس صالح وآية الله السيستاني بحذاقة مناسبة، فإنها تلقي اللوم على التصعيد الأخير وضعف الدولة المستمر. بالإضافة إلى ذلك، فإن إصدار إدانات شديدة للغارات الجوية يمكن أن يعطي المزيد من الجهات الفاعلة العراقية العقلانية بعضاً من التنفس السياسي، مما يمكّنها من الخروج من الموجة الحالية من الغضب المعادي لأمريكا دون الرضوخ لدعوات رحيل القوات الأمريكية.
ويكمل المقال: قد تكون حركة الاحتجاج الوطنية التي بدأت بجدية في تشرين الأول/أكتوبر أقوى وسيلة متاحة لجعل الحكومة العراقية أكثر عرضة للمحاسبة حول عدة قضايا من المسائل ذات الأهمية بالنسبة للولايات المتحدة، وقد ساعدت المظاهرات المستمرة في بغداد وجنوب العراق حتى الآن في الحد من تأثير النفوذ الإيراني في بعض المناطق، مما أدى إلى تحوّل هيكل الحوافز لصالح القوميين العراقيين، ومن خلال إيماءات السيستاني والرئيس صالح، أدّت الاحتجاجات إلى إرغام رئيس الوزراء على الاستقالة وأعادت تصميم النظام الانتخابي.
ومع ذلك، ظل عبد المهدي رئيساً مؤقتاً للوزراء، وكلما طال شغله هذا المنصب، كلما كان من السهل على الميليشيات وضع أنصارها في مواقع السلطة، ففي الأسبوع الماضي، على سبيل المثال، قام بتعيين الفريق الركن تحسين العبودي الملقب بأبو منتظر الحسيني في المنصب المسؤول عن أمن "المنطقة الخضراء"، وبمجرد تعيينه في هذا المنصب المهم، سرعان ما سمح الحسيني للمتظاهرين بالدخول إلى مجمع السفارة.
وعلى نطاق أوسع، يجب على المسؤولين الأمريكيين إدراك القيود على متابعة سياسات محلية أكثر تركيزاً على مواجهة إيران من مساعدة العراق، لأن هذه المقاربة تُسهل في النهاية التأثير الإيراني، وبدلاً من ذلك، يجب على واشنطن مضاعفة دعمها المعلن للمحتجين العراقيين الذين يتحالفون ضد الفساد والمحسوبية الطائفية.
ويستلزم ذلك مواصلة الضغط على المؤسسات العراقية الرسمية وغير الرسمية لحماية حقوق الإنسان والحفاظ على قدرة المواطنين على الاحتجاج، وتحقيقاً لهذه الغاية، ينبغي على الحكومة الأمريكية الإشارة إلى عقوبات إضافية وفقاً لـ "قانون ماغنيتسكي" تُفرض على المستويات العليا للطبقة السياسية، وكذلك مواصلة دعمها للإصلاح السياسي والاقتصادي بالتنسيق مع "الاتحاد الأوروبي" و"بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في العراق" ("يونامي").
وإذا استمرت الجهود القمعية داخل العراق، فينبغي على واشنطن إيجاد طرق مبتكرة لمساعدة الإصلاحيين على إسماع أصواتهم بشكل أفضل.