بغداد اليوم _ بغداد
بعدما طُرح اسمه ضمن مجموعة أسماء كمرشحين لتولي رئاسة مجلس الوزراء خلفاً للمستقيل عادل عبد المهدي، عزز محمد شياع السوادني، وزير العمل السابق، والمقرب من زعيم إئتلاف دولة القانون نوري المالكي، التسريبات الإعلامية التي تحدثت عن حصول اتفاق بين مجموعة كتل سياسية ذات توجه واحد على ترشيحه للمنصب، عبر إعلانه الاستقالة من حزب الدعوة وكذلك إئتلاف دولة القانون.
السوداني الذي قال في بيان "استقالته" من الدعوة وإئتلاف المالكي والذي دونه في تغريدة على حسابه بموقع تويتر، يوم أمس الجمعة: "إني لست مرشحاً عن أي حزب.. العراق انتمائي أولاً"، كان قد واجه رفضاً مسبقاً، في مرحلة التسريبات الإعلامية، من قبل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الذي كتب "وزيره وثقته" صالح محمد العراقي على صفحته في فيسبوك أكثر من مرة عن رفض التيار الصدري للسوداني، وكذلك إبراهيم بحر العلوم، الاسم الثاني الذي تم تداوله أيضاً.
بعيد الاستقالة بساعاتٍ، حصل تواتر في حديث مصادر تُوصف بـأنها "مطلعة"، نقلت عنها وسائل إعلام، تفيد بمجملها بأن اتفاقاً سياسياً جرى على ترشيح محمد شياع السوادني لتولي قيادة المرحلة المقبلة، وهو ما قابله "صالح محمد العراقي" بكلمة "وداعاً" نشرها على صفحته في فيسبوك، تاركاً أتباع التيار الصدري في حيرة من أمرهم حول موقف زعيمهم مقتدى الصدر في الأيام القادمة.
مصادر في التيار الصدري قالت في حديث لـ(بغداد اليوم)، إن "كلمة وداعاً التي كتبها صالح محمد العراقي جاءت بعد اتفاق الكتل السياسية على ترشيح السوادني لرئاسة الحكومة الجديدة".
اليوم، قالت النائب عن إئتلاف دولة القانون، انتصار الغريباوي إن "الكتل المنضوية في تحالف البناء، وهم كل من إئتلاف دولة القانون، كتلة بدر، الصادقون، وكتلة عطاء (بزعامة فالح الفياض)، إضافة إلى كتل سنية وكردية، فضلاً عن تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم، جميعهم وافقوا على ترشيح محمد شياع السوادني لمنصب رئاسة الوزراء"، مؤكدة بالقول: "ترشيحه حُسم وسيقدم خلال الـ72 ساعة المقبلة كمرشح للكتلة الأكبر في البرلمان".
في مقابل ذلك، يؤكد أعضاء في تحالف سائرون المدعوم من مقتدى الصدر، والذي يضم في عضويته 54 نائباً، أن تحالفهم الذي يعتبرونه الكتلة الأكبر، تنازل عن حقه في ترشيح بديل عن عبد المهدي لرئاسة الوزراء "للشعب وليس للكتل السياسية"، مشددين على إصرار تحالفهم على ترك هذا الأمر إلى المتظاهرين وساحات الاحتجاج، فيما حذروا الكتل السياسية من أن "اختيارها لشخصية رئيس الوزراء الجديد سيعقد المشهد ويكرس المحاصصة".
في ساحات التظاهر سواءً ببغداد أو في مدن وسط وجنوب العراق، سارع المتظاهرون الذين قُتل منهم حتى الآن أكثر من 450 متظاهراً وأصيب الآلاف منذ بداية موجة التظاهر الثانية في 25 تشرين الأول الماضي، إلى تبيان موقفهم الرافض لترشيح محمد شياع السوادني لمنصب رئاسة الوزراء، وكذلك أية شخصية ترشحها الأحزاب السياسية، بعدة طرق منها الهتافات والإهزوجات المنددة باتفاق الكتل السياسية على ترشيحه، ورفع صوره موضوع عليها علامة "كروس" وأخرى تجمعه بنوري المالكي للدلالة على كونه "حزبياً" وإن استقالته عن حزب الدعوة وإئتلاف دولة القانون "شكلية"
الموقف الأكثر صرامة، جاء اليوم من محافظة الديوانية، إذ حذر متظاهرون هناك نواب البرلمان عن المحافظة، البالغ عددهم 11 نائباً، من التصويت لصالح السوداني في البرلمان، وقال بعضهم مخاطباً أحد أولئك النواب: "ستكونون خصومنا إذا صوتّم له.. ستكون دماء الشهداء برقابكم.. وستسقط الشرعية عنكم".
"صفاته جيدة بنظر نواب سُنة والكرد ينتظرون التوافق"
أول موقف سياسي سُني من ترشيح السوادني لخلافة عادل عبد المهدي، جاء على شكل تغريدة للنائب عن محافظة نينوى أحمد الجبوري، حيث كتب: "ترشيح محمد شياع السوداني رئيس وزراء للعراق في هذه المرحلة اختيار موفق"، عازياً ذلك إلى "كونه (السوادني) اول رئيس وزراء لم يغادر العراق في زمن النظام السابق "عراقي الداخل".. لم يؤشر عليه اي ملف فساد بالمطلق .. قوياً وسيفرض القانون وهيبة الدولة .. لن يرضخ للكتل والأحزاب ولديه رؤية لإدارة الدولة".
هذه الزاوية في النظر لشخصية السوادني، حضرت في ذهن القيادي بجبهة الإنقاذ والتنمية مشعان الجبوري، فكتب في تغريدة على حسابه بموقع تويتر: "ما يميز محمد شياع السوداني عن غيره من الطبقة السياسية التي ادارت البلاد بعد 2003 انه عاش معاناة الشعب خلال مراحل الحروب والحصار والقهر ولم يترك العراق معارضا ما يعني ان لا صلات له او التزامات مع اجهزة المخابرات التي كانت تدير المعارضة في الخارج غربية كانت او شرقية ام خليجية".
أما الموقف الكردي من المسألة، فقد جاء من الحزبين الديمقراطي والوطني الكردستانيين، متشابهاً تقريباً ، إذ أكد النائب عن الاتحاد الوطني الكردستاني، حسن آلي، أن حزبه "لا يعترض على تسمية السوادني رئيساً للوزراء، وليس لديه فيتو ضده.. وفي حال تم الاتفاق عليه داخل الكتل الشيعية، وكانت لديه مقبولية من جميع الأطراف، فلن نختلف عليه من أجل انقاذ البلد من المأزق الذي يمر به".
ومثله تحدث عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني ريبين سلام، لكنه أضاف قائلاً: "نأمل أن يتم الاتفاق داخل البيت الشيعي (على ترشيح محمد شياع السوادني)، لأن عدم إرضاء زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر تهدد الاستقرار، وهو لديه ثقل سياسي وشعبي".
في حديثه لـ(بغداد اليوم) لفت حسن آلي، النائب عن الاتحاد الوطني، وهو ذات الحزب الذي ينتمي إليه رئيس الجمهورية برهم صالح، إلى أن "ترشيح السوادني ما زال حديثاً إعلاميا فقط، ولم تُفاتح كتلة الاتحاد الوطني بشأن تسميته، ولم يُقدم اسمه إلى رئيس الجمهورية، كما لم يُطلب منا ككتلة التصويت له أبداً". في حين لم يصدر أي موقف رسمي أو توضيح من رئاسة الجمهورية بشأن ترشيح محمد شياع السوداني حتى الآن.
نوابٌ كثر يتحدثون عن حصول اتفاق سياسي على أن يتولى رئيس الوزراء المقبل حكومة مؤقتة لمدة سنة واحدة على الأقل، وتكون مهمته الأساسية توفير "بيئة مناسبة" لإجراء انتخابات مبكرة فور انهاء مفوضية الانتخابات الجديدة التي لم تتشكل بعد، وصوت البرلمان على قانون خاصٍ بها، الاستعدادات اللازمة لذلك، وبعد أن يصوت البرلمان أيضاً على قانون جديد للانتخابات، لكن قطاعاً واسعاً من المتظاهرين المتواجدين في ساحات الاحتجاجات يرون أن محاسبة قتلة زملاءهم الذين تجاوز عددهم الـ450 متظاهراً، هو أولى الخطوات التي يجب على الحكومة الجديدة القيام بها.