الصفحة الرئيسية / هيومن رايتس: كردستان تفرض قيوداً على لاجئي ’’مخمور’’ منذ مقتل الدبلوماسي التركي في تموز الماضي

هيومن رايتس: كردستان تفرض قيوداً على لاجئي ’’مخمور’’ منذ مقتل الدبلوماسي التركي في تموز الماضي

بغداد اليوم- بغداد

قالت "هيومن رايتس ووتش"، في تقرير نشرته اليوم الأربعاء، إن قوّات أمن حكومة إقليم كردستان العراق فرضت قيودا تعسفية على أغلب سكان مخيّم مخمور للاجئي أكراد تركيا منذ منتصف تموز 2019.

وذكرت المنظمة الدولية في تقريرها، أن "هذه القيود فُرضت إثر قتل ديبلوماسي تركي في مدينة أربيل المجاورة يوم 17 تموز على يد مجهولين يُشتبه في انتمائهم إلى حزب العمال الكردستاني (PKK)، وهو جماعة مسلحة في حالة صراع مع تركيا منذ عقود".

وأضافت، أن "قوات أمن الاقليم، المعروفة بالأسايش، اعتقلت العديد من المشتبه فيهم وفرضت القيود، على ما يبدو بسبب ما اعتبرته مساندة من بعض السكان لحزب العمال، ونتيجة لذلك، فقد العديد من سكان المخيم وظائفهم وباتوا يواجهون صعوبات في الحصول على الرعاية الصحية".

قالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "لا يجوز أن تعاقب السلطات جميع سكان المخيم بسبب تعاطف بعضهم مع حزب العمال، دون أي دليل على ارتكابهم جريمة. هذه القيود التعسفية على سكان المخيّم منعتهم من الوصول إلى وظائفهم والحصول على رعاية صحية".

وتابعت ويستن، أن "المخيّم يأوي، وهو على مسافة 60 كيلومتر جنوب غرب أربيل، 12 ألفا على الأقل من أكراد تركيا، أغلبهم فرّوا من جنوب شرق تركيا في 1993-1994 عندما هجّر الجيش التركي مئات آلاف الأكراد قسرا من قراهم أثناء النزاع مع حزب العمال. وفي 2011، سجّلت كل من السلطات العراقية والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (مفوضية اللاجئين) الموقع بشكل رسمي كمخيم للاجئين، ومنحت السلطات سكانه وضع اللجوء".

في 30 أكتوبر/تشرين الأول، ردّ ديندار زيباري، المسؤول عن التواصل مع المنظمات الدولية في حكومة الاقليم، على استفسار حول الوضع من هيومن رايتس ووتش، قائلا إن سلطات الإقليم "قيّدت قليلا، وبشكل مؤقت تنقل سكان المخيم بسبب مخاوف أمنية".

وزعم زيباري، أن "التدابير الجديدة لم تشمل الذين لهم وظائف، والطلاب، والباحثين عن علاج في مستشفيات إقليم كردستان ما داموا يحملون وثائق موافقة".

بينما في رسالة إلكترونية لاحقة بتاريخ 6 نوفمبر/تشرين الثاني، كرّر زيباري أن "جميع هذه الاحتياطات مؤقتة وترمي إلى حفظ سلامة الجميع"، مشيراً الى أن "وثائق الموافقة تعني الرسائل التي يقدمها أصحاب العمل والمؤسسات التعليمية والتي تؤكد وضع الشخص".

وقال خمسة سكان لـ "هيومن رايتس ووتش" إنهم "كانوا يحملون الوثائق المطلوبة وتصريحا بمغادرة المخيم، لكن قوات الأمن منعتهم من تجاوز أول نقطة تفتيش على الطريق إلى أربيل ومدن الإقليم الأخرى".

بينما أشار رجل آخر الى أنه "خسر وظيفته نتيجة لذلك، ولم يجد وظيفة جديدة توفّر له رسالة عمل. قالوا إن الطلاب فقط وبعض الأشخاص ممن أحيلوا إلى المستشفيات تمكنوا من العبور".

وأردفت امرأة تسكن المخيم، أن "قوات الأمن سمحت لها بعبور نقطة التفتيش الأولى لكنها أعيدت من نقطة تفتيش أخرى أقرب إلى أربيل".

بينما قالت طبيبة من عيادة المخيم إنها "حاولت إحالة العديد من الحالات إلى مستشفيات أربيل بسبب محدودية خيارات العلاج في المخيم، لكنها لم تنجح في أغلبها"، لافتة الى أن "الأسايش قالوا لنا إنهم لا يثقون في صحة الإحالات القادمة من عيادتنا. وبعد ذلك اتصلنا بمستشفى مخمور، الذي يعاني من شح الموارد الطبية أيضا، لنحيل عليه نفس الحالات لكنهم رفضوها أيضا".

وذكرت امرأة حامل في شهرها الثالث، أنها "كانت لديها إحالة من مستشفى مخمور، عليها ختم مكتب رئيس بلدية مخمور، لإجراء فحوصات حمل في مستشفى أربيل، وانتظرت في نقطة التفتيش من الساعة 7 صباحا إلى ظهر يوم 31 أكتوبر/تشرين الأول"، مبينة، ان "عنصر أمن وقح جداً، قال لي، إنني أستطيع الانتظار سنة كاملة لكنه لن يسمح لي بالعبور إلى إربيل، حتى وإن كان لدي جميع الوثائق المطلوبة. أخذ مني وثيقة الإحالة ثم أرجعني".

وبحسب التقرير، الذي نشرته هيومن رايتس ووتش، أن "امرأة أخرى قالت، إن زوجها أخذها مساء 8 أغسطس/آب، لما كانت حامل في شهرها السادس، إلى مستشفى المخيم بسبب نزيف حاد، طلبت منها الطبيبة هناك التوجه إلى مستشفى في أربيل للحصول على علاج طارئ، لم يكن في المخيم سيارة إسعاف، فحملها زوجها في سيارة، تمكنوا من عبور ثلاث نقاط تفتيش، لكنهم أُوقفوا في النقطة الأخيرة".

وأضافت المرأة، أن "عنصر أمن، قال لزوجي إن لديهم تعليمات بمنع مرور أي شخص من المخيم إلى إربيل. كنت أنزف في السيارة، لكن عنصر الأمن نظر إليّ وقال إنني بخير". موضحة، أنهم عادوا أدراجهم، ففقدت جنينها في طريق العودة"، قائلة: "عندما فقدت جنيني، كنت حزينة وشعرت أنني قد أموت في تلك اللحظة دون أن ينتبه إليّ أحد. ومنذ ذلك الوقت، لم أحصل على أي رعاية طبية لازمة".

وأكدت طبيبة المخيم رواية المرأة، وقالت إنها تعرف امرأة أخرى من المخيم فقدت جنينها أيضا لأنها مُنعت من الوصول إلى المستشفى بعد توقيفها في نفس نقطة التفتيش.

وقالت امرأة عمرها 45 عاما، لها خمسة أطفال، إن "القيود تسببت في فقدانها هي وزوجها وظيفتيهما كعاملي نظافة، وهو عمل لا يقدّم أصحابه رسائل إحالة. قالت إن حوالي ألف من سكان المخيم كان يعملون في هكذا وظائف في أربيل والمدن الأخرى: "رواتبنا اليومية كانت بالكاد تكفي لتغطية النفقات اليومية. في صباح يوم العيد، بكيتُ لأنني لم أتمكن من شراء ملابس وحلويات لأطفالي. لم يكن عيدا بالنسبة لنا".

بينما قال مهندس، كان في السابق يعمل في شركة بناء في السليمانية، إنه "خسر وظيفته لما بدأت السلطات تمنع العمال من عبور نقطة التفتيش". مبيناً، أنه "يحمل بطاقة لاجئ سارية المفعول وبطاقة تثبت عضويته في نقابة مهندسي كوردستان، لكن عناصر الأمن قالوا له إن لا أحد من سكان المخيم يستطيع الذهاب إلى أربيل".

في 6 نوفمبر/تشرين الثاني، قال أحد السكان الأكراد العراقيين، من بلدة مخمور، قرب المخيم، إنه كلما مرّ بسيارته من نقطة التفتيش يُسأل ما إذا كان ينقل أحدا من المخيم. "أرى الكثير من سكان المخيم، منهم نساء كبار في السن ومرضى، يجلسون على الأرض عند نقطة التفتيش، يتوسلون الأسايش حتى يسمحوا لهم بالعبور... لا أفهم لماذا لا يتركونهم يعبرون".

وتابعت المنظمة، أن سكان المخيم الذين قابلناهم، قالوا إنهم "يستطيعون مغادرة المخيم إلى المدن الخاضعة لسيطرة بغداد، مثل الموصل، لكنهم يخشون ذلك لأسباب منها عدم إتقان اللغة العربية، وافتقارهم إلى وثائق مثل بطاقات الهوية، فضلا عن الخوف من الاعتقال. انتهت صلاحية بطاقات هوية العديد من العائلات في 2014، ولم تشرع السلطات في إعادة إصدارها إلا في 2018. لكن على امتداد هذه السنوات الأربع، سمحت لهم السلطات بالوصول إلى مدن إقليم كردستان".

وفي مطلع سبتمبر/أيلول 2019، قال ثلاثة من سكان المخيم إن "رجلين كانا يعيشان في المخيم ببطاقات هوية منتهية الصلاحية حاولا السفر إلى دهوك في الإقليم عبر الموصل، لكنهم اختطفوا على يد مهاجمين مجهولين ومازالوا مفقودين".

وأشارت المنظمة الى أن "الالتزامات الدولية لسلطات كردستان العراق تفرض عليها ضمان حق اختيار مكان الإقامة والتنقل بحرية لكل شخص على أراضيها، بموجب القانون الدولي، لا تستطيع السلطات فرض قيود على حركة الأشخاص – مواطنين وأجانب – غير تلك التي ينص عليها القانون، وتكون ضرورية لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم، إضافة إلى ذلك، يجب أن تكون هذه القيود غير تمييزية ومتناسبة مع الهدف الذي وُضعت من أجله".

كما يحظر القانون الدولي جعل حرية التنقل "تعتمد على أي هدف أو سبب محدد بالنسبة إلى الشخص الراغب في التنقل".

قالت ويتسن: "هل يجب أن تفقد الأمهات أطفالهن حتى تفهم سلطات إقليم كردستان أن القيود مفرطة؟ استمرار السلطات في تقييد حق لاجئي مخمور في التنقل يثير الصدمة".

27-11-2019, 02:13
العودة للخلف