آخر الأخبار
هيئة الحشد الشعبي تعلن حدوث انفجار في قاعدة كالسو العسكرية رئيس اللجنة الأمنية في مجلس بابل: إصابة 3 عناصر من الحشد جراء القصف بقاعدة كالسو تفاصيل دوي الانفجار الشديد في مدينة المسيب شمال بابل (فيديو) قبيلة بني سكين في البصرة تتنازل عن حقها بحادثة دهس تلاميذ بالهارثة نينوى تعطل الدوام الأحد بمناسبة مهرجان الربيع

بينها رؤية هلال العيد بالعين المسلحة.. المرجع السيستاني يجيب عن استفتاءات جديدة

سياسة | 10-05-2021, 15:14 |

+A -A

بغداد اليوم- النجف

نشر مكتب المرجع الأعلى في النجف، السيد علي السيستاني، الاثنين (10 أيار 2021)، عدداً من الاستفتاءات الجديدة الخاصة برؤية هلال العيد، وإفطار أواخر رمضان.

وحصلت وكالة (بغداد اليوم)، على نسخة من الاستفتاءات، ولم تتدخل بتحريرها أو كتابتها توخياً للدقة والموضوعية في نقلها.

السؤال: يفتي معظم الفقهاء بأنه (لا عبرة برؤية الهلال بالعين المسلّحة سواء بالنسبة إلى الرائي وغيره). ويسأل البعض عن وجه هذه الفتوى مع أن (الرؤية) المذكورة في النصوص (صم للرؤية وأفطر للرؤية) تعمّ بإطلاقها الرؤية بالعين المجرّدة والعين المسلّحة، ومجرّد عدم كون الرؤية بالعين المسلّحة متيسرة في عصر المعصومين عليهم السلام لا يمنع من شمول الإطلاق لها، فأي وجه لعدم الاعتماد على الأجهزة الحديثة في رؤية الهلال مع أنه تتم الاستعانة بها في تشخيص سائر الموضوعات الشرعية؟

الجواب: هذا بحث تخصصي وليس متاحاً في بعض جوانبه الا لأهل الاختصاص ولكن نذكر ما ربما يسع استيعابه لغيرهم أيضاً فنقول: إن القرآن الكريم قد دلّ على أن أهلة الشهور إنما جعلت مواقيت يعتمد عليها الناس في أمور دينهم ودنياهم، قال تعالى: [يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ] وما يصلح أن يكون ميقاتاً لعامة الناس هو الهلال الذي يظهر على الأفق المحلي بنحوٍ قابلٍ للرؤية بالعين المجرّدة، وأما ما لا يرى إلا بالأدوات المقربة فهو لا يصلح أن يكون ميقاتاً للناس عامة.

وبعبارة أخرى: حكم الهلال في الليلة الاولى والليالي اللاحقة من الشهر حكم عقارب الساعة، فكما أن عقاربها تحكي بحركتها الدورية عن أوقات الليل والنهار، كذلك القمر بأوضاعه المختلفة ـ حيث يزداد جزؤه المضيء ليلة بعد أخرى ثم يبدأ بالتناقص حتى يدخل في المحاق ـ تحكي عن عدد الليالي في الشهر القمري، ومعنى جعل الأهلة مواقيت للناس هو أن ظهورها بمراحلها المختلفة بمثابة عدّاد سماوي مشهود لعامة الناس يمكنهم الرجوع اليه لمعرفة ايام الشهر القمري لتنظيم شؤون دينهم ودنياهم، وهذا يقتضي أن تكون العبرة في رؤيته بما يتيسر التأكد منه لعامة الناس لا لخصوص من يمتلك جهازاً صناعياً يكشف عن وجود الهلال في الأفق في الوقت الذي لا يتيسر التحقق من ذلك لغيره. فان هذا لا ينسجم مع كون الأهلة مواقيت للناس عامة.

ومن هنا يعلم أن عدم الأخذ بالرؤية بالتلسكوب ونحوه في اثبات الهلال ليس من جهة الاحجام عن الاستعانة بالأجهزة الحديثة في تشخيص موضوع الحكم الشرعي، بل من جهة أن ما جعل موضوعاً له إنما هو من قبيل ما يعتبر أن يكون قابلاً للتحقق من وجوده لعامة الناس ممن يملك عيناً سليمة حتى أهل الارياف وسكنة البراري والجبال ممن لا طريق لهم للتحقق من ظهور الهلال في الأفق الا أعينهم.

ونظير المقام ـ من وجه ـ أن من موجبات الجنابة هو خروج السائل المنوي من الرجل، وعندما تجرى له عملية استئصال غدة البروستات يؤدي ذلك عند المقاربة ـ كما يقول أهل الاختصاص ـ الى رجوع المني الى المثانة وخروجه مستهلكاً في البول، فاذا أخذت عيّنة من بوله واكتشف في المختبر بالمجهر اشتمالها على بعض الحيوانات المنوية لم يحكم على صاحبها بوجوب الغسل، لان ما يوجبه هو خروج المني وهو ما لم يحصل، وأما احراز وجود حيوانات منوية فيما يخرج من البول بالأجهزة الحديثة فهو مما لا أثر له، لعدم تحقق موضوع وجوب الغسل بذلك.

ونظيره أيضاً ما اذا خرج من وطنه وابتعد عنه بحيث لا يراه من يسكن فيه الا بالمنظار ونحوه، أو لا يسمع هو صوت الأذان المرفوع فيه الا ببعض الآلات المعدّة لالتقاط الاصوات من الامكنة البعيدة، فانه لا يتأخر وصوله الى حد الترخص بهذا المقدار بل يصل اليه اذا لم يكن يراه أهل بلده بالعين المجردة ـ وعلى رأي اذا لم يكن يسمع الأذان المرفوع فيه بأذُنه المتعارفة ـ لأن ما هو موضوع الحكم بوجوب التقصير في الصلاة والترخيص في الافطار في شهر رمضان هو الابتعاد عن الوطن بهذا المقدار وليس عدم الرؤية أو عدم السماع بعنوانهما.

وهكذا أيضاً ما اذا نظّف السمكة مما فيها من الدم ـ وهو ما يحرم أكله وإن كان طاهراً ـ ولكن لاحظ بالمجهر بقاء جزيئات صغيرة جداً من الدم فيها بحيث لا ترى بالعين المجردة، فانه لا يضر ذلك بجواز أكلها، لأن موضوع حرمة الأكل هو ما يعدّ دماً بالنظر العرفي، وتلك الجزيئات لا تعدّ كذلك.

فهذه الموارد تختلف عن موارد أخرى يمكن أن يكون للأجهزة الحديثة دور في تحقق موضوع الحكم الشرعي أو احراز تحققه، ومن أمثلته:

1 ـ ما اذا شك في وقوع شيء من النجاسة في كأس من الماء فنظر بعينه المجردة فلم يجد شيئاً ثم نظر بالمجهر فوجد فيه ذرة من النجاسة لا ترى بالعين المجردة، فانه يحكم فيه بتنجس الماء لان موضوع الحكم بالتنجس هو الملاقاة مع النجاسة ولو بمقدار ذرة منها وقد أمكن احرازها ولو بالمجهر.

2 ـ ما اذا نظر الى ما يحرم النظر اليه ـ كبدن غير المحارم من النساء ـ بالمنظار أو نحوه، فانه يحكم بكونه آثماً لأن موضوع الحرمة هو النظر وقد تحقق ولو بالآلة.

3 ـ ما اذا تجسس على الغير بآلات التنصت الحديثة، فانه يكون مرتكباً للحرام لصدق التجسس الذي هو موضوع الحكم بالحرمة ولا خصوصية للتنصت بلا واسطة.

4 ـ ما اذا مات زوج الحامل واريد تقسيم تركته على سائر الورثة بعد عزل مقدار نصيب الحمل، فان استعين بالسونار ـ مثلاً ـ للتعرف على حاله من أنه واحد أو متعدد ذكر أو أنثى أخذ بمقتضاه، لأن موضوع الحكم بوجوب عزل مقدار نصيب الحمل من تركة المتوفى قبل تقسيمها هو ما يحتمل أن يكون عليه من الوحدة والتعدد والذكورة والأنوثة فإن تيسر تشخيص ذلك بالأجهزة الحديثة لزم العمل بذلك.

5 ـ ما اذا شُك في مولود أنه ابن فلان أو لا فأجري عليه فحص الحمض النووي ( DNA ) فكشف عن التطابق بينهما في الجينات الوراثية، فانه يؤخذ بمقتضاه، لأن موضوع الحكم ببنوة المولود لرجل هو تكونه من حيمنه وهو ما أمكن احرازه بالفحص المذكور حسب الفرض، فتترتب عليه أحكامها.

والحاصل: إن التفريق بين الموارد بإمكان الاستعانة في بعضها بالأجهزة الحديثة للرؤية أو الاستماع أو نحوها وعدم العبرة بها في البعض الآخر إنما هو من حيث اختلاف الموارد فيما هو موضوع الحكم الشرعي، وليس للفقيه الا التقيد بذلك حسب ما يستفيده من الادلة.

وفي مورد الهلال استفاد معظم الفقهاء من جعل الأهلة مواقيت للناس ـ كما نصت عليه الآية المباركة ـ أنها مقياس زمني يتاح لعامة الناس الرجوع اليه وتنظيم أمورهم المعيشية والدينية بذلك، لا أنه مقياس لا يتسنى الا للبعض منهم خاصة بحيث لا يستفيد منه الآخرون الا بالرجوع الى ذلك البعض الذي يملك الآلة المقربة لرؤية الهلال.

وبذلك يعرف أنه لو كان العلماء قد توصلوا الى صنع التلسكوبات في عصر المعصومين لما كانوا عليهم السلام يأخذون برؤية الهلال بها، ليس استنكافاً عن الاستعانة بالأجهزة الحديثة، بل لأن الهلال الذي لا يكون ظاهراً لعامة الناس لم يجعل ميقاتاً لهم.

وبهذه القرينة يتعين أن تكون الرؤية المذكورة في نصوص الصيام والإفطار طريقاً الى ظهور الهلال في الأفق المحلي بحيث يكون قابلاً للرؤية بالعين المجردة لعامة الناس، ولا اطلاق لها لتشمل الرؤية بالأدوات المقربة.

مضافاً إلى أنه لو بني على كون المناط في دخول الشهر بظهور الهلال في الأفق بنحوٍ قابلٍ للرؤية ولو بأقوى التلسكوبات والأدوات المقرّبة لاقتضى ذلك أن صيام النبي (ص) والأئمة (ع) وفطرهم وحجهم وسائر أعمالهم التي لها أيام خاصة من الشهور لم تكن تقع في كثير من الحالات في أيامها الحقيقية، لوضوح أنهم عليهم السلام كانوا يعتمدون على الرؤية المتعارفة في تعيين بدايات الأشهر الهلالية، مع أنهم ـ وكذلك كثير من أهل النباهة في عصرهم ـ كانوا على علمٍ بأنه قلّما يرى الهلال بالعين المجرّدة واضحاً ومرتفعاً في ليلة الا ويكون في الليلة السابقة عليها قابلاً للرؤية بأداة مقرّبة قوية لو كانت متوفرة، فلماذا لم يعهد منهم ولا من غيرهم التعويل على ذلك في عدّ الهلال لليلتين عندما يرى لأول مرة واضحاً ومرتفعاً؟!

السؤال: ان ما ذكر من ان النبي (ص) والأئمة (ع) كانوا يعتمدون على الرؤية المتعارفة في تعيين بدايات الأشهر الهلالية، مع أنهم كانوا على علمٍ بأن الهلال اذا رئي بالعين المجرّدة واضحاً ومرتفعاً في ليلة يكون في الليلة السابقة عليها قابلاً للرؤية بأداة مقرّبة قوية لو كانت متوفرة ، وإن كان صحيحاً ولكن لعل السبب فيه هو أنهم عليهم السلام كانوا مأمورين بمتابعة الطرق الظاهرية والعمل بما تقتضيه دون العمل بما يعلمونه من واقع الحال، ولذلك ورد عن النبي (ص) أنه قال ( إنما أقضي بينكم بالأيمان والبينات ) وكان الأئمة (ع) يتعاملون في النسب بما تقتضيه قاعدة الفراش وإن علموا مخالفتها للواقع في بعض الموارد، وأيضاً كانوا يصومون في يوم الشك في آخر رمضان إذا كان في السماء غيم أو نحوه ولا يعملون بما يعلمونه من وجود الهلال خلف الغيم. فلماذا لا يكون المقام من هذا القبيل؟

الجواب: يجب التفريق بين العلم بالواقع الذي لا سبيل الى الوصول اليه الا بإفاضة غيبية وبين الذي يمكن الوصول اليه بمحاسبة رياضية او بالتنبه الى أمارة خارجية. والمقام من قبيل الثاني فانه اذا كان الهلال عندما يشاهد لأول مرة واضحاً ومرتفعاً جداً فان العلم بكونه في الليلة الماضية موجوداً في الأفق بحيث لو كان هناك تلسكوب ـ مثلاً ـ لأمكن رؤيته من خلاله لا يحتاج الى علم الغيب بل الى مجرد الالتفات بانه كلما كان حجم الهلال وارتفاعه اكبر دل على انه ولد منذ وقت أطول مما يعني ـ في مفروض الكلام ـ انه كان موجوداً في الأفق في الليلة الماضية، أقصى الامر انه لضآلة حجمه او لقلة ارتفاعه عند الغروب لم يمكن مشاهدته بالعين المجردة، ولو كانت العين مسلحة بالتلسكوب لأمكن مشاهدته يقيتاً. وليس هذا من العلم المختص بالمعصوم (ع) بل هو ـ كما ذكر في جواب السؤال السابق ـ مما كان يحصل حتى للنابهين في عصرهم. وبذلك يظهر الفرق بينه وبين علم المعصوم (ع) بالواقع في الأمثلة المذكورة حيث لا يحصل له الا بإفاضة غيبية، أي العلم بكون الحق لغير من له البينة الشرعية من المتخاصمين، أو كون الولد لغير من ولد على فراشه، أو كون الهلال موجوداً بنحو قابل للرؤية بالعين المجردة لو لم يحجبه الغيم. وفي هذه الموارد لو كان يحصل لهم العلم من الأمارات المتعارفة والشواهد الخارجية كما يحصل لغيرهم اذا التفت اليها لعملوا بمقتضاه.

السؤال: قد يقال أن في زمن النبي و الأئمة عليهم السلام كانت قوة البصر أقوى بمراحل من هذا الزمن و كان صفاء السماء و قلة التلوث يسمحان بالرؤية بالعين المجردة، أما في زماننا هذا فليس الأمر كذلك فلماذا لا يتم البناء على كفاية الرؤية بالأدوات المقربة؟

الجواب: لا دليل على ان العيون كانت فيما مضى أقوى بمراحل، بل في زماننا هذا يمكن استخدام النظارة الطبية لمن يعاني من قصر النظر ـ حيث لا يرى الاشياء البعيدة بوضوح ـ ولم يكن هذا متاحاً في الأزمنة السابقة. وأما الملوث البيئي فيختلف مستواه من منطقة الى أخرى، فاذا تأكد للمكلف في مكان معين أن المانع من رؤية الهلال بالعين المجردة الاعتيادية (6/6) هو وجود الملوثات الجوية في ذلك المكان فلا بأس بالبناء على دخول الشهر الجديد فيه، وأما جعل ذلك ذريعة للاعتماد على التلسكوب والمناظير بصورة عامة وهي التي تفوق امكانيتها لرؤية الاشياء البعيدة عشرات المرات ما يتسبب فيه التلوث الجوي من حاجب عن الرؤية البصرية غير المسلحة فهو مما لا مجال له.

السؤال: الدين الإسلامي دين متجدد صالح لكل الأزمان، والاعتماد على الرؤية بالعين المجردة كان يصلح لزمن لا تتوفر فيه الأدوات المقربة، فلماذا لا يفتى بالاعتماد عليها في هذا الزمان؟

الجواب: نعم الدين الاسلامي الحنيف يصلح لكل زمان، ولكن من قال ان الاعتماد على الرؤية المحلية بالعين المجردة لا يصلح لهذا الزمان؟ بل لو كان اهل كل منطقة يعتمدون على الرؤية غير المسلحة فيها فيفطروا إن شاهدوا هلال شوال ويصوموا إن لم يشاهدوه لما حدث هذا الاختلاف والارباك الذي نشهده في كثير من السنين.

هذا بالاضافة الى ان الفقيه ليس مشرعاً ولا يحق له أن يضيف على الاحكام الشرعية شيئاً لا يقوم عليه الدليل من الكتاب والسنة ـ حسب ما يستفيده منهما ـ بزعم انه مما يلائم هذا العصر.

السؤال: ان الآية الكريمة (يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس) لا تدل على حصر ما يعرف به دخول الشهر الجديد في الهلال إن سلّم كون المراد به خصوص ما يكون قابلة للرؤية بالعين المجردة، وعلى ذلك فأي مانع من أن يكون الهلال المرئي بالتلسكوب أيضاً مما جُعل مؤشراً الى بدء الشهر الجديد؟

الجواب: ان الآية الكريمة وإن لم تدل على حصر المواقيت في الأهلة ولكن بعد فرض ان المراد بالهلال الذي هو مؤشر الى حلول أول الشهر خصوص ما يكون قابلاً للرؤية بالعين المجردة لا يمكن أن يجعل في الوقت نفسه الهلال المرئي بالتلسكوب مؤشراً الى ذلك، لحصول التضارب بينهما في تحديد أول الشهر.

وببيان آخر: يجوز أن يكون عدّاد الوقت متنوعاً ولكن لا بد من أن تشير الجميع الى وقت واحد ـ كما في الساعة الميكانيكية والإلكترونية ـ ولا يجوز أن تختلف في ذلك ، ومن هنا لا يجوز الجمع بين كون الهلال القابل للرؤية بالعين المجردة، والهلال الذي يرى بالأجهزة المقربة فقط مؤشراً الى دخول أول الشهر, واذ دلت الآية الكريمة على الاول فلا مجال للالتزام بالثاني.

السؤال: السلام عليكم

اختلفت الآراء في اثبات الهلال من عدمه وتمت النية على اتمام الشهر الفضيل لعام 1441هـ، وفي وقت لاحق وبعد صلاة الفجر وصلت بعض الأنباء التصحيحية من بعض المشايخ الثقات في مدينة القطيف على أنه عيد بناء على ما أثبته بعض المراجع الكرام، وبناء عليه أفطر جمع كثير من أتباع السيد حفظه الله. بالرغم من ذلك بقي على إتمام الصيام جمع آخر وزاد اللغط بينهم. ما رأي سماحة السيد في هذه المسألة وهل يكفي ثبوت الهلال عند مرجع آخر وماذا يترتب عليه؟ أفيدونا (حفظكم الله)

هاني - القطيف

الجواب: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته

من أفطر من مقلدي سماحة السيد (دام ظله) في يوم الأحد ثقة ببعض المشايخ ثم تبين أنه اعتمد على ثبوت الهلال عند من يكتفي برؤيته في غير المنطقة من المراجع الاعلام (أيدهم الله) فعليه القضاء، وكذلك يجب القضاء على من أفطر أخذا بعدد من شهادات الرؤية في المنطقة ثم تبين أنها لم تكن جديرة بالاعتماد لمعارضتها الحكمية بشهادات من استهلوا ولم يروا الهلال ولا سيما أنه كان فيهم عدد من أهل الاختصاص مع استعانتهم بالأدوات المقربة.

ولا بد للمؤمنين (وفقهم الله تعالى لمراضيه) من أن لا يبادروا الى الافطار عند اعلان العيد في المنطقة قبل أن يتأكدوا أنه وفق المبنى الفقهي لمرجعهم في التقليد لئلا يقعوا في خلاف ما تقتضيه وظيفتهم الشرعية. كما نوصيهم بالابتعاد عن إثارة الفرقة والدخول في المهاترات الكلامية بسبب الاختلاف في أمر الهلال، بل ليعمل كل بوظيفته الشرعية، وليحمل فعل الآخرين على الصحة.

السؤال: ذكر سيدنا (دام ظله) أن الهلال لا يثبت بإخبار الفلكيين ، مع أن علم الفلك يقوم على أسس علمية متينة وحسابات رياضية دقيقة ، ونسبة احتمال الخطأ فيها لا تكاد تذكر ، ولا يزال الفلكيون يعدّون جداول شروق الشمس والقمر وسائر الكواكب السيّارة المعروفة في المجموعة الشمسية، ويلاحظ أنها في نهاية الدقّة بحيث لم تتخلف عن الواقع ــ وعلى الأقل خلال هذا القرن ــ ولا مرة واحدة .وأيضاً أن أرصاد علماء الفلك بخصوص وقت دخول القمر في المحاق وخروجه والوقت المحدّد لرؤيته ومقدار بعده الزاوي مقاساً بالدرجات القوسية عن الشمس ومقدار ارتفاعه فوق الأفق مقاساً بالدرجات القوسية و رصد بعده الأقصى عن الأرض و بعده الأدنى عنها كلها معلومات دقيقة يقينية معروفة لعلماء وطلاب علم الفلك وليست من قبيل الظنيات.

وعلى ذلك فلماذا لا يتم الاعتماد على إخبار الفلكيين الثقات عن ولادة الهلال للحكم بدخول الشهر الجديد؟

الجواب: إن المستفاد من الأدلّة الشرعية كون العبرة في بداية الشهر القمري بظهور الهلال على الأفق بنحو قابل للرؤية بالعين المجرّدة لولا الغيم ونحوه من الموانع الخارجية ، فلا تكفى ولادة الهلال وكونه موجوداً على الأفق ولكن بنحو غير قابل للرؤية مطلقاً أو بنحو غير قابل للرؤية إلا بالأدوات المقربّة والرصد المركّز.

وعلى هذا الأساس فإن إخبار الفلكيين عن ولادة الهلال وخروجه عن المحاق مما لا ينفع في الحكم بدخول الشهر القمري الجديد وإن كان معتمداً على الحسابات الرياضية القطعية .

وأما إخبارهم عن إمكانية رؤية الهلال بالعين المجرّدة في مناطق معينة إما مطلقاً أو في الأجواء المثالية ــ كما يعبّرون ــ فهو يعتمد على عنصرين :

أحدهما : المحاسبات الفلكية الخاصّة بوضع الهلال في تلك المناطق ، أي من حيث عمره ودرجة ارتفاعه عن الأفق ومقدار بُعده الزاوي عن الشمس ونحو ذلك من العوامل المؤثرة في الرؤية .

وثانيهما : التجارب الفلكية المعتمدة على رصد الهلال ميدانيّاً للتحقق من أدنى الشروط المطلوبة لرؤيته بالعين المجرّدة ، أي من حيث العمر والارتفاع والبعد عن الشمس وغير ذلك.

وهذا ما اختلفت بشأنه آراء الفلكيين ، مثلاً بنى بعضهم على إمكانية رؤية الهلال وهو بعمر (14) ساعة في حين اشترط آخرون أن يكون في الحد الأدنى بعمر (16) ساعة ، وقال بعضهم (18) ساعة وقيل غير ذلك. وأيضاً ادّعى بعضهم إمكانية رؤية الهلال وهو بارتفاع (٤) درجات على الأفق حين غروب الشمس ، وقال آخرون أن الحد الأدنى من الارتفاع المطلوب لرؤيته هو (5) درجات ، وقال جمع أنه (6) درجات وقيل غير ذلك ، وهكذا الحال في سائر العوامل المؤثّرة في الرؤية .

وعلى ذلك فلا سبيل للمكلف إلى الأخذ بإخبار الفلكيين من إمكانية رؤية الهلال في منطقة كذا وكذا مما لا يتأكد من ظهور الهلال فيها بنحو قابل للرؤية بالعين المجرّدة ، للنصوص الدالة على النهي عن الاعتماد على الرأي و التظني في أمر الهلال كقول الباقر (ع) ( إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فافطروا وليس هو بالرأي ولا بالتظني ولكن بالرؤية) (1).

نعم إذا حصل للمكلّف العلم أو الاطمئنان ــ ولو من خلال التجربة والممارسة ـ بأن الهلال الموجود على الأفق المحلّي بحجم كذا وبارتفاع كذا وبسائر الخصوصيات المؤثرة في الرؤية قابل لأن يُرى بالعين المجردة وإنما لم يُرَ بسبب السحاب أو الضباب أو الغبار أو نحوها يلزمه العمل بموجب ما حصل له من العلم أو الاطمئنان .

السؤال: يُحكى عن سيدّنا المرجع ( دام ظلّه ) أنه لا يأخذ أحياناً بشهادات الشهود على رؤية الهلال إذا خالفت إخبار الفلكيين بعدم قابليته للرؤية مع أن الشهادات حسّية والإخبار حدسي فما الوجه في ذلك؟

الجواب: إن إخبار الفلكيين على قسمين :

1 ـ ما يعتمد الحسابات الرياضية ولا يتخلله الاجتهاد والحدس الشخصي كإخبارهم عن زمان ولادة الهلال ووقت خروجه من المحاق ومقدار ارتفاعه فوق الأفق ونسبة القسم المنار إلى اكبر قطر يبلغه القرص ونحو ذلك ، ولا يحدث عادةً اختلاف بين الفلكيين في هذا القسم ، نعم ربما يخطئُ بعضهم في المحاسبة.

2 ـ ما يخضع للحدس والاجتهاد ويعتمد التجربة والممارسة ، كقول بعضهم إن الهلال لا يكون قابلاً للرؤية إلا إذا كان بارتفاع (6) درجات فوق الأفق أو بعمر (22) ساعة أو ببُعد كذا عن الشمس وأشباه ذلك ، وفي هذا القسم يكثر الاختلاف في وجهات النظر .

فإذا كانت شهادات الشهود على رؤية الهلال مخالفة لإخبار الفلكيين من القسم الأول يحصل عادة العلم أو الاطمئنان بخطأ الشهادة إذا اخبروا وفق حسابات دقيقة أن الهلال بعدُ في المحاق أو أنه قد غرب قبل غروب الشمس ومع ذلك شهد اثنان أو أزيد برؤيته!

وأما إذا كانت الشهادات مخالفة لإخبار الفلكيين من القسم الثاني فربما يحصل الاطمئنان بخطأ الشهادات ـ بتجميع القرائن والشواهد ـ و ربما لا يحصل الاطمئنان بذلك، وإن لم يحصل وكان من ضمن الشهود عدلان تتوفر في شهادتهما شروط الحجيّة لزم العمل بمقتضاها ولا أثر للظن بخلافها .

وبالجملة : إن من شروط حجّية البيّنة ((شهادة العدلين)) على رؤية الهلال هو عدم العلم أو الاطمئنان باشتباهها ، فإن حصل العلم أو الاطمئنان بذلك ولو من إخبار الفلكي ــ مثلاً ــ بكون الهلال بعدُ في المحاق أو بكونه بعدُ رفيعاً جدّاً بحيث لم ير مثله بالعين المجرّدة من قبل فلا عبرة بالبيّنة ، و إلا يؤخذ بها ولا أثر لإخبار الفلكي.

السؤال: نحن قسم من أهالي منطقة جبلة في محافظة الحلة وتوجد في منطقتنا حسينية كنا نعتمد عليها في الافطار وفي هذه المرة سمعنا فيها صلاة العيد وقد شاع يبن أهالي المنطقة انه عيد وتعذر علينا الاتصال بالنجف الأشرف وتم الافطار. فهل يجب القضاء مع الكفارة أم القضاء فقط؟

الجواب: إذا حصل الاطمئنان بثبوت هلال شوال من شياع ونحوه ثم تبين خلافه فلا كفارة ولكن يجب القضاء وإن لم يحصل الاطمئنان ومع ذلك تمّ الافطار لزمت الكفارة مع القضاء.

السؤال: لماذا لانتبع التقنية العلمية، اقصد الاجهزة في ما يخص رؤية الهلال في الاعياد وبدايات الاشهر ونعتمد الرؤية بالعين المجردة؟

الجواب: لان المستفاد من النصوص الشرعية ان العبرة في دخول الشهر القمري بوجود الهلال في الأفق عند غروب الشمس بدرجة من الارتفاع والاضاءة بحيث يكون قابلاً للرؤية بالعين المجردة الاعتيادية لولا الموانع.

السؤال: هل يوجب ثبوت الهلال في بلد ثبوته في الاخر ام يشترط اتفاق الافق؟

الجواب: يشترط الاتفاق في الافق بمعني كون الرؤية في البلد الاول مستلزمة للرؤية في البلد الثاني لو لا المانع من سحاب او جبل او نحوهما ، ويتحقق ذلك في ما إذا كان الهلال في الثاني وفق الحسابات الدقيقة الفلكية بمواصفات أفضل أو مماثلة لما كان عليه في البلد الأول من حيث الحجم والارتفاع عن الأفق وقت الغروب والبعد الزاوي عن الشمس.

السؤال: ما حكم الهلال الذي يثبت في مكان دون غيره؟

الجواب: لكل مكان حكمه الاّ إذا ثبتت وحدة المكانين في الأفق.

السؤال: إذا كان بين البلدين نحو ساعة او اكثر في طلوع الشمس وغروبها فهل يعتبر افقها في الهلال واحداً ام لا؟

الجواب: لا يعتبران متحدين في الافق نعم رؤية الهلال في البلد ملازمة عادةً لرؤيته ـ لولا الموانع ـ في البلدان التي تقع علي الغرب منه مع تقاربها في خطوط العرض ـ وكذلك اذا مكث الهلال في بلد الرؤية بازيد مما يختلف مع البلدان الواقعة علي شرقه في طلوع الشمس وغروبها كشف ذلك عن امكانية رؤيته في تلك البلدان في صورة تقاربها مع بلد الرؤية في خطوط العرض.

السؤال: هل يمكن تحديد المدي الذي نستطيع ان نقول فيه عن (منطقتين) انهما متوافقتان في الافق؟

الجواب: لا يمكن تحديد ذلك بصورة مضبوطة. نعم إذا كان بلد المكلّف في غربي بلد الرؤية وكانا متقاربين في خطوط العرض ــ بأن لم يختلفا الاّ بدرجة أو درجتين ــ تكفي الرؤية لبلده أيضاً.

السؤال: اذا حلّت الليلة الثلاثون من شهر شعبان ولم ير الهلال فهل يجوز صوم نهارها؟

الجواب: يجوز صومه لا بنية رمضان بل بنية اليوم الاخير من شعبان او بنية القضاء مثلاً.

السؤال: جاء في كتاب الفقه للمغتربين (المسألة 113) : إذا ثبت الهلال في الشرق ، فهل يثبت عندنا في الغرب وكان الجواب من سماحتكم : (إذا ثبت الهلال في الشرق فهو ثابت للغرب أيضاً مع عدم ابتعاد المكانين في خطوط العرض كثيراً) وهذا الأستثناء (عدم ابتعاد المكانين في خطوط العرض كثيراً ) قد فهم منه عدم التلازم بين ثبوت الهلال في الشرق الأوسط كايران والعراق والخليج وثبوته في بلاد الغرب كبريطانيا وفرنسا لأختلاف خطوط العرض وهذا مما أوجب بلبلة وإرباكاً في ثبوت الهلال لدي أفراد الأسرة الواحدة داخل الجالية الشيعية في هذه البلدان ، حيث إن السيد الخوئي (قدس سره) قد حكي الوفاق بين القائلين بمسلكه في الهلال ومسلك المشهور سواء اشترطنا أم لم نشترط اتحاد الأفق في ثبوت الهلال ـ في تلازم الرؤية وثبوت الهلال بين بلد الرؤية والبلاد التي تقع علي الغرب منه ، في حالة فرض تأخر غروب الشمس في ذلك البلد الغربي عن بلد الرؤية ، وان اختلف خط العرض مادام الخط الفاصل بين النهار والليل وهو خط غروب الشمس يمر علي بلد الرؤية قبل مروره علي البلد الغربي ، حكي ذلك السيد الخوئي في مراسلاته مع بعض تلاميذه في مسألة رؤية الهلال، التي طبعت في رسالة مستقلة تحت عنوان (مسألة رؤية الهلال)، وقد حكي في ضمن تلك الرسالة كلام كل من الشهيدين الأول والثاني والنراقي في المستند ، دعواهم الوفاق من المشهور علي ذلك ، هذا مع ان لازم الأستثناء المذكور في جوابكم هو حصول التعدد في بداية الشهر الهلالي إلي ثلاثة أيام ، كما هو حاصل في عامنا هذا وفق التفصيل الذي ذكرتموه في الجواب بضميمة بيانات علماء الأرصاد الفلكية حيث قرّروا تولد الهلال وامكانية الرؤية المجردة في مناطق المحيط الهادي ليلة الثلاثاء ، وامتناع الرؤية فيما سواها في تلك الليلة ، وأمكان الرؤية ليلة الأربعاء في بلاد العراق وايران والخليج وحوض المتوسط دون شمال أوروبا الذي يزيد في خطوط العرض والذي يمتنع عندهم الرؤية ليلة الأربعاء ، ويمكن لهم الرؤية ليلة الخميس ، فيكون مبدأ الشهر الهلالي في بقاع الأرض ثلاثة ايام ، وبنحو حلزوني الشكل ، وهذا مما يقتضي عدم تطابق وعدم امكان تطبيق اليوم القمري علي اليوم الشمسي فكيف التوفيق بين هذا التسالم المحكي والتفصيل المذكور في جوابكم مع ملاحظة المحاذير المتقدمة؟

ثم إن ها هنا بحثاً صغروياً وتطبيقياً آخر وهو أنه مع ثبوت الهلال في الشرق الأوسط كبلاد ايران والعراق والخلِيج وعدم إمكان الرؤية في بلاد الغرب كبريطانيا وفرنسا بسبب مانع في الأفق كالضباب ، فهل يوجب ذلك التعدد في ثبوت الهلال بحسب الظاهر؟

وهل دعوي الفلكيين بامتناع الرؤية في الغرب وإمكانها في الشرق توجب تعدد الثبوت؟

الجواب: هنا عدة امور :

1 ـ انه وان ذكر جمع من فقهاء الفريقين ان رؤية الهلال في ايّ مكان تستلزم رؤيته في الامكنة الواقعة في غربه (١) ، الا انه لم يثبت كون ذلك مشهوراً حتي بين المتأخرين فضلاً عن التسالم عليه بل يستفاد من كلام شيخنا الشهيد الاول خلاف ذلك حيث ذكر ما نصه ( ويحتمل ثبوت الهلال في البلاد المغربية برؤيته في البلاد المشرقية وان تباعدت للقطع بالرؤية عند عدم المانع) (2) فيلاحظ انه قدس سره لم يتبنّ الملازمة بين الرؤية في البلاد المشرقية وثبوت الرؤية في البلاد المغربية وانما ذكرها علي سبيل الاحتمال بالرغم من التزامه بالملازمة بحسب الضوابط الفلكية .

وبعض الفقهاء الاخرين الذين التزموا بالملازمة المذكورة انما قالوا بها اعتقاداً منهم بالاولوية القطعية ، قال السيد الحكيم قدس سره ( واذا رئي في البلاد الشرقية فانه تثبت رؤيته في الغربية بطريق اولي ) وعلل ذلك بعضهم بان القمر لا يرجع ولا يتوقف .

ولكن الوجه المذكور لا يقتضي الا ازدياد القسم المنار من القمر كلما اتجه غرباً ، فاذا كان عمره عند غروب الشمس في استراليا 21 ساعة و36 دقيقة يكون عمره في طهران 27 ساعة و50 دقيقة وفي النجف 28 ساعة و19 دقيقة وفي لندن 30 ساعة و57 دقيقة وهكذا ولكن هذا لا يقتضي كونه قابلاً للرؤية في جميع تلك البلاد اذ لدرجة ارتفاع الهلال عن الافق دخل تام في امكانية الرؤية وعدمها ، فقد يكون الهلال بعمر 21 ساعة في ارتفاع 8 درجات قابلاً للرؤية ولا يكون بعمر 30 ساعة قابلاً لها لكونه في ارتفاع ١ درجة فقط .

ان قيل : ان عدم امكانية الرؤية عند كون الهلال قريباً من الافق وقت الغروب انما هو من جهة المانع الخارجي وهو اجتماع الغبار والبخار ونحوهما حوالي الافق وقد ادعي المحقق النراقي الاجماع علي عدم العبرة بالموانع الخارجية الهوائية والارضية (3) .

قلت : ان ذلك في الموانع الطارئة المتغيرة كالسحاب والضباب واما الموانع الطبيعية التي لا تنفك عن المناطق القريبة من الافق في مختلف الازمنة والامكنة فليست كذلك لعدم الدليل عليه بل مقتضي كون الاهلة مواقيت للناس ـ كما ورد في الاية الكريمة ـ عدم العبرة بوجود الهلال في الافق الا اذا كان من حيث الحجم ومن حيث الارتفاع عن الافق ومن حيث البعد عن الشمس قابلاً للرؤية بالعين المجردة لولا الغيم ونحوه ، فالهلال الذي يكون بارتفاع 3 درجات مثلاً حيث انه لا يكون قابلاً للرؤية عادة لا يصلح ان يكون ميقاتاً للناس .

2 ـ المعلومات الفلكية المتوفرة لديناً لا تشير الي حصول التعدد في بداية الشهر بثلاثة ايام في رمضان الجاري اذ لم يكن الهلال في ليلة الثلاثاء قابلاً للرؤية في ايّ من البقاع لان القسم المنار منه كان دون الحد الادني المطلوب وانما كان يري في ليلة الاربعاء حتي في سيدني ونحوه من البلاد، مع أنه لو فرض حصول التعدد في بداية الشهر بثلاثة أيام فليس في ذلك محذور أصلاً.

3 ـ قد ظهر مما مرّ انه مع رؤية الهلال في بلاد الشرق ان كان عدم امكان الرؤية في بلاد الغرب من جهة الغيم والضباب ونحوهما يحكم بدخول الشهر فيها ايضاً واما اذا لم يكن الهلال في افقها بالارتفاع الذي يمكن رؤيته عادة فلا يحكم بدخول الشهر فتعدد بداية الشهر الهلالي وهذا التعدد واقعي لا ظاهري .

ودعوي الفلكيين عدم امكان الرؤية لانخفاض درجة الهلال في الافق مما لا عبرة بها الا من حيث عدم حصول الاطمئنان بامكانية الرؤية عادة والله العالم .

السؤال: سبق إن سئل سيدنا المرجع (دام ظلّه) عمّا إذا رئي الهلال بالتلسكوب (المنظار) وحصل اليقين للرائي بكونه هلالاً ، ولكن لم يمكن رؤيته بالعين المجرّدة ، فهل يعتد الرائي بهذه الرؤية وهل يعتد بها غيره أم لا ؟ فأجاب (دام ظلّه):(( لا عبرة برؤية الهلال بالعين المسلحة سواء بالنسبة إلى الرائي وغيره)) ويسأل بعض أهل العلم عن الوجه في هذه الفتوى مع أن ( الرؤية ) المذكورة في النصوص تعمّ بإطلاقها الرؤية بالعين المجردة والعين المسلحة ، و مجرد كون الرؤية بالعين المسلحة غير متعارفة لا يمنع من شمول الإطلاق لها كما في نظائر المورد ، ولاسيما أن الرؤية طريق إلى ظهور الهلال على الأفق ولا موضوعية لها .

هذا ، بالإضافة إلى صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (ع) (قال: سألته عن الرجل يرى الهلال في شهر رمضان وحده لا يبصره غيره له أن يصوم؟ قال إذا لم يشك فيه فليصم وإلا فليصم مع الناس) (تهذيب الأحكام ج4 ص 317).

فإنها لو لم تختص بذي البصر الحاد بقرينة قوله (ولا يبصره غيره) بدل (ولم يبصره غيره) فلا أقل من شمولها له بإطلاقها ، وعلى ذلك فهي دليل على كفاية رؤية الهلال بالعين الحادة جدّا فتلحق بها الرؤية بالمنظار لوحدة المناط.

الجواب: 1- أما التمسك بإطلاق نصوص الرؤية فهو مخدوش من جهة أن الهلال كان عند العرب ميقاتاً يبتدئون به الشهر القمري الذي اعتمدوا عليه في مختلف شؤون حياتهم ، ولما جاء الدين الإسلامي الحنيف أقرّهم على ذلك ، قال تعالى : ( يسألونك عن الأهِلّة قل هي مواقيت للناس والحج ) ومن المؤكد أن ما يصلح أن يكون ميقاتاً للناس بصورة عامة هو الهلال الذي يظهر على الأفق المحلّي بنحو قابل للرؤية بالعين المتعارفة المجرّدة ، وأما ما لا يرى إلا بالأدوات المقرّبة أو ما لا يراه إلا نادر من الناس يمتاز برؤية بصرية حادّة جدّاً فهو لا يصلح أن يكون ميقاتاً للناس عامة.

فبهذه القرينة لابدّ من البناء على أن الرؤية المذكورة في النصوص إنمّا أخذت طريقاً إلى ظهور الهلال على الأفق بحجم وبارتفاع مناسبين لأن يُرى بالعين المتعارفة غير المسلّحة لولا الموانع الخارجية من سحاب ونحوه .

2- وأمّا صحيحة علي بن جعفر ، فالظاهر أن المراد بقول الراوي فيها ( ولا يبصره غيره ) هو مجرّد عدم تحقق الرؤية من غيره لا عدم إمكانية تحققها من جهة تفّرد الرائي بحدّة البصر بحيث لا يوجد نظير له فإنه فرض لا واقع له في أي عصر كما لا يخفى ، وعلى ذلك فليس مورد الصحيحة هو خصوص ذي البصر الحادّ جدّاً الذي يرى من الهلال ما لا يراه غيره ، وأما إطلاقها لهذا المورد فهو مخدوش لما سبق.

على أنه يمكن أن يقال أن هذه الصحيحة ناظرة سؤالاً وجواباً إلى أمر آخر وهو أن رؤية الهلال حجّة للمتفرد بها أم لا ؟ وذلك أنه لما ورد في العديد من النصوص ــ ومنها روايات محمد بن مسلم وأبي أيوب الخزاز وعبد الله بن بكير وأبي العباس (1) ــ التأكيد على أنه لا عبرة بالرؤية إذا ادعاها شخص ولم يصدقه سائر المستهلين أراد الراوي أن يستفسر عن اختصاص هذا الحكم بالآخرين أو شموله للرائي نفسه ـ و لاسيما أنه قد ذهب عدد من فقهاء الجمهور إلى شموله للرائي و أنه لا يصوم إلا مع الناس ـ وقد أجاب الإمام (عليه السلام) بان الرائي إذا كان متيقناً من رؤيته للهلال فليعمل بموجبها وإلا فليتابع الناس ، أي أن رؤيته معتبرة لنفسه وإن لم تكن معتبرة للآخرين.

وعلى ذلك فالصحيحة مسوقة لبيان أن رؤية المتفرد بها حجّة لنفسه دون غيره ولا ينعقد لها الإطلاق من جهة كون الهلال غير قابل للرؤية بالعين المتعارفة.

هذا كله مضافاً إلى أنه لو بني على كون المناط في دخول الشهر بظهور الهلال في الأفق بنحو قابل للرؤية ولو بأقوى التلسكوبات والأدوات المقرّبة لاقتضى ذلك أن صيام النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) وفطرهم وحجهم وسائر أعمالهم التي لها أيام خاصة من الشهور لم تكن تقع في كثير من الحالات في أيامها الحقيقية ، لوضوح أنهم (عليهم السلام) كانوا يعتمدون على الرؤية المتعارفة في تعيين بدايات الأشهر الهلالية مع أنه قلّما يرى الهلال بالعين المجرّدة واضحاً ومرتفعاً في ليلة ولا يكون قابلاً للرؤية في الليلة السابقة عليها ببعض الأدوات المقرّبة القوية، وهل هذا ما يمكن الالتزام به؟!

السؤال: هناك شخص مؤمن قد اشتهر برؤيته الهلال لسنوات عديدة، فهل يكفي حصول الاطمئنان من قوله في ثبوت الهلال؟ وهل يكفي هذا الاطمئنان للآخرين بمعنى أن آمر اهل بيتي ليعملوا باطمئناني؟

الجواب: من حصل له الاطمئنان يعمل بمقتضاه ومن لم يحصل له فعليه العمل وفق الموازين الاخرى ولا ينفع اطمئنان شخص لشخص آخر ، علماً أنّ انفراد شخص بدعوى رؤيته للهلال مع وجود مستهلين آخرين يماثلونه في معرفة مكان الهلال وحدّة النظر مع فرض صفاء الجو وعدم وجود ما يحتمل أن يكون مانعاً عن رؤيتهم يثير الريب عادةً في صحّة دعواه بل يظن وقوعه فريسة الخطأ في الحسّ فكيف يتصوّر حصول الاطمئنان من قوله؟!.

السؤال: يقوم علم الفلك في يومنا هذا على أسس علمية متينة وحسابات رياضية دقيقة ، حيث إن احتمال نسبة الخطأ فيها قد تكون لا تذكر، حيث يخبر الفلكيون بخسوف القمر وكسوف الشمس لعدة سنوات مقبلة بدقة متناهية وغيرها من الأمور الأخرى.

السؤال: لماذا لا يعتدّ بقول هؤلاء الفلكيين في ثبوت الهلال، عندما يفتي هؤلاء الفلكيون بخروج القمر من المحاق وولادته الِّا انه لا يمكن رؤيته، وهل الأساس فُي ثبوت الهلال ولادة الهلال ام رؤيته؟

الجواب: هنا عدة امور :

أ) ان اخبار الفلكيين عن الكسوف والخسوف والمحاق وولادة الهلال ونحو ذلك يبتني على محاسبات رياضية كانت معروفة منذ مئات السنين ولا يقع فيها خطأ عادة الّا ممن لا يكون خبيراً باجرائها ، وعلى هذا الاساس يحصل الاطمئنان عادة من قول الفلكيين أن القمر في الشهر الفلاني يدخل في المحاق في الساعة كذا ويخرج منه في الساعة كذا.

ب) العبرة في بداية الشهر شرعاً بظهور الهلال في الافق على نحو قابل للرؤية بالعين المجردة لولا السحاب ونحوه من الموانع ، فلا يكفي العلم بوجوده بعد ولادته ولكن على نحو غير قابل للرؤية مطلقاً او على نحو غير قابل للرؤية الّا بالادوات المقرّبة والرصد المركّز ، ومن هنا لا ينفع اخبار الفلكي عن ولادة الهلال وخروجه من المحاق في ثبوت أول الشهر . نعم إذا اخبروا عن عدم ولادة الهلال بعد عند الغروب او اخبروا ان له من العمر ساعة او ساعتين مثلاً اوجب ذلك ـ عادة ـ الاطمئنان بعدم صحة الشهادة على رؤيته في تلك الليلة.

ج) هناك اختلاف كثير بين الفلكيين في خصوصيات الهلال الذي يكون قابلاً للرؤية بالعين المجردة ـ لو لا العوائق الخارجية ـ من حيث نسبة القدر المنار منه ودرجة ارتفاعه عن الافق ومقدار بعده الزاوي عن الشمس وغير ذلك من الخصوصيات ولا يمكن الاعتماد على قول ايّ منهم في هذا المجال ، والعبرة بما يحصل من الاطمئنان بملاحظة مجموع الخصوصيات والقرائن.

السؤال: باي شيء يثبت الهلال ، وهل يثبت بقول المنجّم ؟

الجواب: طرق ثبوت الهلال مشروحة في الرسائل الفتوائية كالعروة الوثقى مع تعليقتنا عليها ومنهاج الصالحين ، وليس منها اخبار الفلكي ، نعم قد يكون اخباره من بواعث حصول الاطمئنان بكون الهلال ظاهراً على الافق بنحو قابل للرؤية بالعين المجردة ، كما ان اخباره بعدم تولد الهلال وكونه بعد في المحاق او مرور وقت قصير جداً ـ كبضع ساعات ـ على ولادته قد يكون من موجبات حصول الاطمئنان بعدم ظهوره في الافق على الوجه القابل للرؤية بالعين المجردة .

السؤال: ألم يكن هناك شياع عالمي على رؤية هلال العيد في هذا العام فلماذا لم يأخذ به سماحة السيد؟

أليس احتياط سماحته في أمر الهلال زائد على الحد ؟ ألا يخشى أن يصوم الناس بسبب ذلك في يوم العيد؟

أليس من الأجدر أن يحتاط سماحته في مسألة الهلال لكي يرجع الناس إلى غيره من المراجع ويرتفع الحرج عن المؤمنين و لا يحدث الهرج و المرج في الأسرة الواحدة فإن كبار السن يقلدون السيد الخوئي وأبناؤهم يقلدون سماحته فنرى الآباء يفطرون والأبناء يصومون!!

الجواب: 1 ـ عن أي ( شياع عالمي ) تتحدّث ؟! لعلّك لا تعلم أن معظم المراجع الذين اثبتوا الهلال في ليلة الجمعة إنما اعتمدوا على ثبوت رؤيته في استراليا وأفريقيا بناءً منهم على القول بوحدة الآفاق ، وبعضهم اعتمد على كفاية رؤيته بالتلسكوب ، وبعضهم بناءً على اعتبار حكم الحاكم الشرعي في الهلال ، وسماحة السيد ـ (دام ظله) ـ لا يرى شيئاً من ذلك .

ولعلّك لا تعلم أن مئآت الأشخاص في الاحساء والقطيف والكويت والعراق وفي سائر أرجاء المنطقة استهلّوا ليلة الجمعة ومعهم الأدوات المقرّبة وفيهم الكثير ممن يعلم مكان الهلال بدقّة ومع ذلك لم يتيسّر لهم رؤيته ، ولكنّ هناك أشخاصاً آخرين ادعوا الرؤية وفيهم كما قيل (عدول أو ثقات) فاعتمدهم جمع من وكلاء المنطقة وهذا لا ينسجم مع مبنى سماحة السيد ـ (مدّ ظلّه) ـ من وقوع التعارض الحكمي بين الشهادات المثبتة والنافية في مثل هذه الحالة لما ورد في النص الصحيح عن أبي عبد الله (ع) من أنه ( إذا رآه واحد رآه مائة وإذا رآه مائة رآه ألف).

2ـ لعلّك لا تعلم أن حرمة صوم يوم العيد إنما هي حرمة تشريعية لا ذاتية أي إن من يعلم أنه يوم عيد ويصومه بداعي كونه مأموراً به يرتكب الحرام وأمّا من لا يعلم أنه يوم عيد فلو صامه لا يكون مرتكباً للحرام واقعاً ، وهذا بخلاف حرمة الإفطار في يوم من شهر رمضان فإن من اعتقد اشتباهاً أن آخر أيام رمضان هو يوم العيد فافطر فيه يكون مرتكباً للحرام واقعاً وإن لم يستحق العقاب إذا كان معذرواً في اعتقاده .

3ـ إن الاختلاف في بداية الأشهر القمرية مما لا محيص منه في ضوء اختلاف مباني الفقهاء في ما هو المناط في بداية الشهر القمري وعلى كل مكلّف أن يعمل وفق رأي مرجع تقليده ولا يحدث هرج ولا مرج بذلك وأي ضير في أن يكون الأب مفطراً والولد صائماً كل حسب فتوى مقلّده؟!

4 ـ إن سماحة السيد ـ (دام ظلّه) ـ لا يحتاط في أمر الهلال إلا بمقدار ما تلزمه به الأدلة، وهو أعلم بموارد الفتوى والاحتياط، وإذا كنت ترغب في من يفتي أو يحتاط مثل ما تحب فقلّد غير سماحة السيد ـ (دام ظلّه) ـ .

السؤال: هل يثبت الهلال بالرؤية عن طريق الارصاد الفلكية حيث تقول الآية الكريمة « فَمَن شَهدَ مِنكم الشَّهرَ فليَصُمهُ » فهل الآية الكريمة تختص بمن شهد الشهر بعينه المجرّدة أم تشمل كل من شهده بأي طريق كان؟

الجواب: دخول الشهر منوط شرعاً ـــ بمقتضي الدليل المذكور في محله ـــ بظهور الهلال فوق الافق على نحو قابل للرؤية بالعين المجردة الاعتيادية ، فلا تكفي رؤيته بالادوات المقرّبة إذا لم يمكن رؤيته بدونها .

السؤال: اذا رؤي في بلد كفى في الثبوت في غيره مع اشتراكهما في الأفق بمعنى كون الرؤية الفعلية في البلد الأول ملازماً للرؤية في البلد الثاني لولا المانع من سحاب أو غيم أو جبل أو نحو ذلك. السؤال هو:

1- يرجى من سماحتكم توضيح الاشتراك في الأفق والتلازم في الرؤية لان البعض يعتقد ان التلازم يقع حتى اذا اشترك البلدان في جزء من الليل؟