بغداد اليوم - ذي قار 

أية سكينة يبعثها الشارع في نفس بائع الحلوى؟ لا قلة الزبائن، ولا أخبار الفيروس الذي يجتاح العالم، ولا رشقات الرصاص الحي على بعد شوارع قليلة من موضعه، تثنيه على إغلاق محله البسيط.

تجول مراسل (بغداد اليوم) في شوارع الناصرية باتجاه موضع إطلاق النار الذي اندلع مساء اليوم وسط المدينة، والذي جاء لتفريق تجمع "مفاجئ" للمتظاهرين بعد حوالي شهر على الهدوء وتعليق الاحتجاجات، خوفا من تفشي فيروس كورونا المستجد على نطاق اوسع.

من المدخل الرئيس المؤدي إلى ساحة الحبوبي، حيث سوق هرج، يبدو كل شيء طبيعيا، السمك يلبط، والدجاج يحاول النوم، لكن ضوضاء الباعة والمشترين، تعكر نومه، الجزار يقطع اللحم، والبقال يهتف بجودة خضاره، كما لو أن المدينة لا حظر تجوال فيها.

من القطع الأول، تحت جسر النبي ابراهيم، تنساب الدراجات الصغيرة، المعروفة محليا بالذبانة، ودراجات أكبر، وبعض "الستوتات"، والعشرات من المواطنين، باتجاه ساحة الحبوبي.

وفي فلكة الحبوبي يتجمع المئات، من جهاتها الأربع  وروافدها، كما لو أنها أنفضت جيوبها من الشباب الذين خبأتهم لهذه اللحظة، هؤلاء المئات يتوجه عدد كبير منهم باتجاه ساحة التربية، هناك حيث أحرقوا الإطارات في منتصف الشارع، وبوابة مديرية التربية.

يقول أحد المتظاهرين، إن "الشغب ينوي حرق الحبوبي، الحظر خدعة".

يقول آخر، إن "الناصرية لم تسجل ولا إصابة كورونا، منذ أسبوعين، الله حفظنا"، مضيفا، أن "كورونا خدعة لفض التظاهرات".

أزمة الثقة بين المتظاهرين والسلطات قديمة، قدم التظاهرات في المدينة نفسها، حينما اندلعت مطلع تشرين الأول، من العام الماضي، واستأنفت نشاطها في الخامس والعشرين من الشهر ذاته، واستمرت حتى اليوم، على الرغم من تعليق عدد كبير من المتظاهرين نشاطهم، لحين التفادي تماما من خطر  جائحة كورونا.

وعصر هذا اليوم، قرر العشرات من المحتجين، كسر قرار حظر التجوال في المحافظة، والذي اتخذته خلية الأزمة المحلية، المشكلة لمتابعة إجراءات الوقاية من فيروس كورونا، بناء على الموقف الوبائي للفيروس في المحافظة، والبلاد عموما.

كسر الحظر، وإحراق الإطارات على جسر النصر، وفي تقاطع التربية، دفع قيادة شرطة ذي قار لإعلان الانذار لقواتها، لفض تجمعات الذين خرقوا حظر التجوال، وإغلاق المحال التجارية وسط الحبوبي، كافة.

وفي وقت سابق من اليوم، أعلنت دائرة صحة ذي قار تسجيل، 12 حالة إصابة مؤكدة، بفيروس كورونا، في المحافظة، وسلامة 37 حالة مشتبه بإصابتها.

ويأتي قرار كسر الحظر من المحتجين، بعد دعوات أطلقها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، تحت وسم #ثورة_الجياع، احتجاجا على قرار فرض حظر التجوال، كونه لا يؤثر، إلا على أصحاب الأجر اليومي، والكسبة.

بائع الحلوى المكشوفة، يبيع لمشترٍ واحد، وعند سؤاله عن عدد الإصابات بفيروس كورونا في المحافظة اليوم، قال: "لا أدري، المحافظة لم تسجل شيئا".