مراسلون بلا حدود: العراق يحتل المركز الـ 156 من بين 180 دولة في حرية الصحافة
سياسة | 23-04-2019, 04:54 |
بغداد اليوم _ بغداد
تُظهر نسخة 2019 من التصنيف العالمي لحرية الصحافة، الذي أعدَّته منظمة مراسلون بلا حدود، أن العراق قد احتل المركز 156 من اصل 180 دولة شاركت في التصنيف، فيما أكدت المنظمة أن وتيرة الكراهية ضد الصحفيين قد تصاعدت إلى درجة جعلتها تبلغ حد العنف، الأمر الذي أدى إلى تنامي الشعور بالخوف.
وبين تصنيف المنظمة، الذي يقيِّم سنويًا حالة الصحافة في 180 بلدًا، أن آلة الخوف تعمل بأقصى طاقتها، مما يقوض بشدة ممارسة الصحافة في ظروف هادئة. فقد ترتب على العداء المُعلن ضد الصحفيين، بل وحتى الكراهية التي ينقل عدواها بعض القادة السياسيين في العديد من البلدان، أعمال عنف أكثر خطورة من ذي قبل وعلى نحو متكرر أكثر من أي وقت مضى، مما أدى إلى تفاقم الأخطار التي تنطوي عليها مهنة الصحافة، وهو ما خلق مستوى غير مسبوق من الخوف في بعض الأماكن.
وقال الأمين العام للمظمة كريستوف ديلوار، "إذا انحرف النقاش السياسي بشكل خفي أو جلي نحو جو أشبه ما يكون بالحرب الأهلية، حيث يُعد الصحفيون من ضحاياها، فإن النماذج الديمقراطية تُصبح في خطر كبير"، مضيفًا أن "وقف آلة الخوف هذه ضرورة مُلحة بالنسبة لذوي النوايا الحسنة المتشبثين بالحريات المكتسبة عبر التاريخ".
واوضحت المنظمة، ان تصنيف 2019 يتميز بتربع النرويج على الصدارة للسنة الثالثة على التوالي، في حين استعادت فنلندا (+2) المركز الثاني، على حساب هولندا (4، -1)، حيث يُجبر صحفيان متخصصان في الجريمة المنظمة على العيش تحت حماية الشرطة الدائمة. وفي المقابل تراجعت السويد مرتبة واحدة لتحتل المركز الثالث، بعد تجدد أحداث التنمر السيبراني ضد الصحفيين. وعلى صعيد القارة الأفريقية، حققت كل من إثيوبيا (110، +40) وغامبيا (92، +30) تقدمًا ملحوظًا.
واضافت أن العديد من الدول الخاضعة لحكم أنظمة استبدادية تواصل تراجعها على جدول في التصنيف، كما هو الحال بالنسبة لفنزويلا (148، -5)، حيث يتعرض الصحفيون للاعتقالات وأعمال العنف على أيدي عناصر الشرطة، وروسيا (149، -1) التي تشهد موجة من الضغط المتزايد من الكرملين على شبكة الإنترنت ووسائل الإعلام المستقلة، التي تطالها اعتقالات وعمليات تفتيش تعسفي، ناهيك عن القوانين السالبة للحريات. من جهتها، فقدت فيتنام (176) مرتبة واحدة، متقدمة بفارق ضئيل عن الصين (177، -1). وفي القرن الأفريقي، تراوح إريتريا ( 1 + 178) مكانها ، رغم تهدئة علاقاتها مع الجارة إثيوبيا، بينما حلت تركمانستان (180، - 2) محل كوريا الشمالية (179، +1) في المركز الأخير.
وتابع: وفي هذا السياق، تشهد 24٪ فقط من البلدان الـ 180 حالة "جيدة" (المنطقة البيضاء) أو "جيدة إلى حد ما" (المنطقة الصفراء) مقارنة بـ 26٪ العام الماضي. وفي ضوء ترسُّخ مناخ معادٍ للصحافة أكثر فأكثر، بسبب تصريحات دونالد ترامب وغيرها من الممارسات، فقدت الولايات المتحدة (48) ثلاث مراتب في عام 2019 لتنضم إلى المنطقة البرتقالية، مما يعكس بوضوح الوضع الإشكالي الذي تعيشه البلاد، حيث لم يسبق أبدًا أن بلغت وتيرة التهديدات بالقتل ضد الفاعلين الإعلاميين الحد الذي وصلت إليه في الآونة الأخيرة، كما لم يسبق للصحفيين أبدًا أن تقدموا بمثل هذا الكم الهائل من طلبات الحماية لشركات أمن خاصة في الولايات المتحدة. وقد بلغت الكراهية ضد وسائل الإعلام ذروتها في بلد "العم سام" عندما أطلق رجل النار على صحفيي جريدة كابيتال غازيت في ولاية ماريلاند، مما أسفر عن سقوط خمسة قتلى، علمًا بأن مرتكب الجريمة كان قد أفصح عن كراهيته للصحيفة علانية من خلال رسائل نشرها عبر منصات التواصل الاجتماعي قبل الإقدام على تلك المجزرة الشنيعة.
ولفتت الى أن التهديدات والشتائم والاعتداءات اصبحت جزءًا من "مخاطر العمل" الصحفي بالعديد من البلدان. فقد شهد عام 2018 مقتل ستة صحفيين في الهند (140، -2)، حيث يوصف منتقدو الأيديولوجية القومية الهندوسية بأنهم عناصر "معادية للوطن" في حملات تنمر سيبراني واسعة النطاق. وفي البرازيل (105، -3)، يستهدف أنصار بولسونارو الصحفيين ووسائل الإعلام سواء في الفضاء الافتراضي أو على الميدان.
وبينت أن الشجاعة والصمود، سلاح الصحفيين الاستقصائيين أمام العراقيل والتهديدات في هذه البيئة المشوبة بالعداء والكراهية على نطاق واسع، يتطلب الأمر التحلي بكثير من الشجاعة لمواصلة التحقيق في الفساد أو التهرب الضريبي أو الجريمة المنظمة. ففي إيطاليا (43، +3)، أعرب وزير الداخلية، ماتيو سالفيني، عن نيته إعادة النظر في قرار توفير الحماية للكاتب روبرتو سافيانو، الذي يوجد حاليًا تحت حراسة عناصر الشرطة، لأنه تجرأ على انتقاد زعيم حزب "رابطة الشمال". وفي مختلف أنحاء العالم -وخاصة الجزائر (141، -5) أو كرواتيا (64، +5)– تنهال المضايقات القضائية بشكل متزايد على وسائل الإعلام والصحفيين.
واكملت: ففي فرنسا أو مالطا (77، 12)، مثلًا، يستخدم ضد الصحفيين الاستقصائيين ما يسمى بإجراءات "الإسكات" -وهي غالبًا ما تكون على شكل دعاوى قضائية الهدف منها هو إنهاكهم ماليًا، أو حتى دفعهم إلى السجن- كما هو الحال في بولندا (59، -1)، حيث أصبح صحفيو جازيتا فيبوركزا مهددين بالحبس لمجرد تلميحهم باحتمال تورط زعيم الحزب الحاكم في صفقة بناء مشبوهة، وأيضًا في بلغاريا (111)، حيث اعتقلت الشرطة صحفيَين مستقلين، بينما كانا يحققان على مدى أشهر عديدة في اختلاس أموال قادمة من الاتحاد الأوروبي. وبالإضافة إلى الضغوط القضائية، يواجه الصحفيون الاستقصائيون أشكالًا متعددة من الترهيب كلما سلطوا الضوء على ممارسات مشبوهة أو قضايا مرتبطة بالفساد. فقد أُحرِق منزل صحفي استقصائي في صربيا (90، -14)، بينما اغتيل آخرون بدم بارد، كما كان الحال في مالطا وسلوفاكيا (35، -8) والمكسيك (144، +3) وغانا (27، -4)، على سبيل المثال لا الحصر.
ويبدو أن ملاحقة الصحفيين الذين يزعجون السلطات القائمة باتت تتخذ أشكالًا لا حدود لها. فقد كانت جريمة اغتيال الصحفي والكاتب السعودي جمال خاشقجي -بدم بارد داخل قنصلية بلاده في تركيا شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي- كرسالة فظيعة إلى الصحفيين والمراسلين في جميع أنحاء العالم، وليس فقط داخل حدود المملكة العربية السعودية (172، - 3)، علمًا بأن العديد من الصحفيين في المنطقة استسلموا للرقابة الذاتية أو توقفوا عن الكتابة، خوفًا على حياتهم.
البلدان الأكثر تراجعًا تقع في مناطق معروفة مبدئيًا باحترامها لحرية الصحافة
واشارت الى أن هذا العام، سجلت منطقة أمريكا الشمالية والجنوبية أكبر تقهقر على مستوى حصيلتها الإقليمية (+ 3.6٪)، علمًا بأن هذا التراجع لم يكن فقط بسبب السجل السيئ لكل من الولايات المتحدة والبرازيل وفنزويلا. ذلك أن نيكاراغوا (114) كانت من البلدان الأكثر تراجعًا في 2019، بعد فقدانها ما لا يقل عن 24 مرتبة، حيث تطال الهجمات الصحفيين النيكاراغويين الذين يغطون الاحتجاجات المناهضة لحكومة أورتيغا، التي تعتبرهم في عداد المعارضين، علمًا بأن الكثير منهم اضطروا إلى العيش في المنفى لتجنب اتهامهم بالإرهاب والزج بهم في السجن. كما تُعد القارة الأمريكية موطنًا لواحدة من أخطر الدول على سلامة أهل الصحافة. فقد شهدت المكسيك مقتل ما لا يقل عن 10 صحفيين في 2018، علمًا بأن توتر العلاقات بين السلطات والصحافة خفَّ بعض الشيء منذ وصول أندريس مانويل لوبيز أوبرادور إلى سدة الرئاسة، وإن كان استمرار أعمال العنف والاغتيالات ضد الصحفيين -أمام إفلات تام من العقاب- قد دفع منظمة مراسلون بلا حدود إلى مناشدة المحكمة الجنائية الدولية للتدخل في مارس/آذار الماضي.
واردفت: من جهتها، سجلت منطقة الاتحاد الأوروبي والبلقان ثاني أكبر تراجع في التصنيف (+1.7٪). صحيح أنها لا تزال المنطقة حيث تحظى حرية الصحافة بأكبر قدر من الاحترام والأمان، بيد أن الصحفيين باتوا يواجهون فيها أسوأ التهديدات، بعد الاغتيالات التي دوَّت أصداؤها في كل من مالطا وسلوفاكيا وبلغاريا (111) والهجمات اللفظية والجسدية التي خيَّمت على الأجواء في صربيا أو الجبل الأسود (104، -1)، ناهيك عن المستويات غير المسبوقة من العنف خلال مظاهرات "السترات الصفراء" في فرنسا (32، +1) - لدرجة أصبح معها مراسلو بعض القنوات لا يجرؤون على إظهار شعار أو علامة المؤسسة الإعلامية التي يعملون لحسابها، بل هناك من اضطر إلى الاستعانة بحراس شخصيين للتمكن من تغطية المظاهرات. كما أضحى الانتقاص من قيمة العمل الصحفي أسلوبًا من الأساليب المُتبعة بشكل علني في مختلف أنحاء أوروبا: ففي المجر (87، -14)، يواصل قادة حزب فيكتور أوربان رفضهم التحدث إلى الصحفيين الذين لا ينتمون إلى وسائل الإعلام "الصديقة"، بينما تحولت الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون في بولندا إلى أداة دعائية تستخدمها الحكومة حسب أهوائها لتكثيف الضغط على الصحفيين.
وأكدت مراسلون بلا حدود، انه رغم تدهور مؤشرها الإقليمي بشكل أقل حدة هذا العام، فإن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا تزال هي المنطقة الأصعب والأخطر على سلامة الصحفيين. فبينما انخفض بشكل طفيف عدد الصحفيين القتلى في سوريا (174، +3) خلال عام 2018، فإن ممارسة العمل الصحفي لا تزال خطيرة للغاية في بعض البلدان، مثل اليمن (168، -1). فإلى جانب الحروب والأزمات العميقة، كما هو الحال في ليبيا (162)، كما ان العراق قد احتل المرتبة 156.