سياسة / اقتصاد / ملفات خاصة اليوم, 10:00 | --

رهينة المساومات السياسية


المواطن الكردي يترقب بوجل.. الرواتب على خيط رفيع بين الالتزام النفطي والمفاوضات القادمة

بغداد اليوم - كردستان

على وقع الانتخابات البرلمانية، يعود القلق مجدداً إلى الشارع الكردي. الخوف من عودة أزمة الرواتب يتسلل بصمت، كهاجس متكرر بعد كل دورة سياسية، حين تتحول المفاوضات بين بغداد وأربيل إلى معادلة دقيقة بين التمويل والولاء السياسي.

منذ توقيع الاتفاق المالي منتصف عام 2025، استمر إرسال الرواتب إلى موظفي الإقليم ضمن آلية محددة تربط التمويل بالالتزامات النفطية وغير النفطية. عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني شيرزاد حسين يؤكد لـ"بغداد اليوم" أن الاتفاق "يضمن صرف الرواتب حتى إقرار الموازنة المقبلة"، مضيفاً أن "الكتل السياسية الشيعية ستحتاج إلى الكرد لتشكيل الحكومة المقبلة، ما يجعل الاتفاق قائماً حتى إشعار آخر".

لكن خلف هذا الاطمئنان الظاهري، تكمن شبكة من التعقيدات القانونية والمالية التي تجعل كل راتب يصل إلى موظف كردي نتيجة تسويات متكررة لا ضمانات دائمة. فالاتفاق المالي المبرم بين الحكومتين يقضي بأن يسلم الإقليم 120 مليار دينار شهرياً من الإيرادات غير النفطية، إلى جانب كميات من النفط تقدر بنحو 230 ألف برميل يومياً لشركة تسويق النفط الوطنية (سومو). في المقابل، تتكفل بغداد بتأمين رواتب موظفي الإقليم حتى موعد إقرار الموازنة الجديدة.

هذا الترتيب الذي بدا في بدايته خطوة نحو التهدئة، يظل هشاً أمام أي اضطراب سياسي أو خلل في التنفيذ. فالعلاقة بين بغداد وأربيل لم تُبْنَ بعد على إطار مالي دائم، بل على تفاهمات مؤقتة تتجدد بتغير المزاج السياسي في العاصمة.

في سبتمبر 2025، أعلنت وزارة مالية الإقليم استلام 945 مليار دينار من الخزينة الاتحادية، أودعت في فرع البنك المركزي بأربيل، بينما حوّلت حكومة الإقليم المبلغ المقابل من الإيرادات المحلية إلى بغداد. ومع أن هذا التبادل المالي يعكس التزام الطرفين ببنود الاتفاق، فإنّ السجال لم يهدأ بشأن نسب الاستحقاق وآلية احتساب الإيرادات.

الملف النفطي هو الآخر ظل محور التوتر. فبعد توقف دام عامين ونصف، أُعيد في أواخر أيلول استئناف تصدير نفط كردستان عبر أنبوب العراق – تركيا، بعد تسوية ثلاثية أنهت نزاعاً كلف الإقليم أكثر من 30 مليار دولار من الإيرادات المفقودة. غير أن المراقبين يرون أن الاستئناف لا يعني الاستقرار، لأن الشركات العالمية مثل DNO وGenel Energy ما تزال تطالب بمستحقات مالية متراكمة تتجاوز 300 مليون دولار، وهو ما قد يضع أي دفعة مالية مستقبلية تحت طائلة التأجيل.

في هذا السياق، يُنظر إلى اتفاق بغداد وأربيل كترتيب هدنة مالية أكثر منه حلاً بنيوياً. فكل طرف يرى في الآخر شريكاً مؤقتاً لتمرير مرحلة سياسية حساسة. فالإقليم يعتمد على التمويل الاتحادي لتغطية كتلة رواتب تتجاوز 900 مليار دينار شهرياً، بينما تستخدم بغداد التزام أربيل بالنفط والإيرادات غير النفطية كأداة ضبط تفاوضي، خصوصاً في مرحلة تشكيل الحكومة المقبلة.

ومع أن الاتفاق يمنح رواتب الأشهر القادمة غطاءً مالياً واضحاً، إلا أن التاريخ المالي بين الطرفين يشير إلى أن أي أزمة سياسية كفيلة بإيقاف التحويلات أو تجميدها. فالمحكمة الاتحادية سبق أن أوقفت في تموز الماضي ثلاث دعاوى متعلقة بالرواتب والكهرباء، ما أعاد النقاش حول غياب إطار تشريعي ملزم يضمن التدفقات النقدية دون تدخل سياسي.

تبدو الصورة أكثر تعقيداً حين يُترجم هذا التذبذب المالي إلى واقع اجتماعي داخل الإقليم. الموظفون الذين اعتادوا انتظار الرواتب كإشارة استقرار، يدركون أن كل انتخابات تعني احتمالاً جديداً للتأخير. وبين بيانات الطمأنة الصادرة من أربيل وتصريحات بغداد المتحفظة، يظل المواطن الكردي هو الحلقة الأضعف في معادلة تُدار بالأرقام والاتفاقات، بينما يظل أثرها اليومي ملموساً في تفاصيل المعيشة والديون والمصارف.

ومع اقتراب تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، يبدو أن استمرار التدفق المالي للإقليم مرهون بتوازن دقيق: نفط مقابل رواتب، وإيرادات مقابل صمت سياسي. اتفاق مؤقت يمدّ حبل الثقة بين الطرفين، لكنه لا يلغِي هشاشة الأرض التي يقف عليها.

المصدر: بغداد اليوم+ وكالات

أهم الاخبار

تعطّل اجتماع مجلس وزراء إقليم كردستان بسبب انشغال الوزراء بالدعاية الانتخابية

بغداد اليوم -بغداد أفاد مصدر مطلع، اليوم الأربعاء (29 تشرين الاول 2025)، بتعطّل اجتماع مجلس وزراء إقليم كردستان بسبب انشغال الوزراء بالدعاية الانتخابية. وقال المصدر لـ"بغداد اليوم"، إنه "لن يتم عقد مجلس وزراء حكومة إقليم كردستان اجتماعه

اليوم, 12:13