سياسة / أمن / ملفات خاصة اليوم, 11:00 | --

الدبلوماسية الرمادية


الظل الأمريكي يعود إلى بغداد.. باتريوس في زيارة محملة بقراءات استخبارية وأصداء إقليمية

بغداد اليوم – بغداد

أجرى الجنرال الأمريكي السابق ديفيد باتريوس، زيارة إلى القصر الجمهوري في بغداد، التقى خلالها رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، في خطوةٍ وُصفت بأنها ذات طابع استخباري واستطلاعي، تهدف إلى تقييم المشهد الأمني والسياسي في العراق، وسط تحركات أمريكية متصاعدة في الإقليم لإعادة رسم خريطة النفوذ والتوازن بعد التطورات الأخيرة في سوريا وإيران.

باتريوس ليس مجرد اسمٍ عسكري متقاعد؛ فهو أحد أكثر القادة الأمريكيين تأثيراً في صياغة العقيدة الميدانية للولايات المتحدة في العراق خلال حقبة ما بعد عام 2003. فقد قاد القوات الأمريكية في أصعب مراحل الصراع الداخلي بين عامي 2007 و2010، حيث أشرف على تنفيذ استراتيجية “الصحوات” التي كانت بمثابة نقطة التحول في مواجهة تنظيم القاعدة آنذاك. وبعدها تسلّم منصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA)، ليصبح لاحقًا مرجعاً استراتيجياً في الدراسات العسكرية والأمنية داخل المراكز البحثية المرتبطة بالبنتاغون والكونغرس.

الخبير الأمني أحمد التميمي قال في حديثٍ لـ"بغداد اليوم"، اليوم الاربعاء (15 تشرين الأول 2025)، إن "زيارة باتريوس امس إلى القصر الجمهوري ولقاءه رئيس الجمهورية تأتي في إطارٍ استكشافي، يهدف إلى الاطلاع على واقع الأمن الوطني العراقي ومواقف الدولة من الملفات الإقليمية الحساسة، وربما لإعداد خلاصة أو تقرير يُرفع إلى مراكز القرار الأمريكية".

وأضاف أن "باتريوس يمتلك خبرة ميدانية واستخبارية تمتد لأكثر من أربعة عقود، وزياراته المتكررة إلى العواصم العربية والإسلامية تأتي عادةً في سياق مهام تحليلية تهدف إلى قراءة اتجاهات الأمن الإقليمي، لاسيما في المراحل التي تشهد إعادة تموضع للقوات الأمريكية أو تحولات في علاقات واشنطن مع شركائها في المنطقة".

وأشار التميمي إلى أن "توقيت الزيارة يحمل دلالات واضحة، إذ تأتي بالتزامن مع تصاعد الخطاب الأمريكي تجاه إيران، والتغيرات السريعة في الساحة السورية بعد التقارب الإقليمي الأخير، فضلاً عن النقاشات الجارية داخل الإدارة الأمريكية بشأن مستقبل الوجود العسكري في العراق"، مبينًا أن "التحركات غير الرسمية لشخصيات أمنية رفيعة مثل باتريوس تُعدّ مؤشراً على رغبة واشنطن في إعادة تقييم الميدان قبل اتخاذ أي قرارات استراتيجية جديدة".

ويُشار إلى أن الجنرال باتريوس كان قد التقى الرئيس السوري أحمد الشرع خلال فعاليات دولية في الولايات المتحدة، ما أثار تساؤلات حول ما إذا كانت جولته الأخيرة في المنطقة امتداداً لرؤيةٍ أمريكيةٍ أوسع تشمل ملفات الأمن والسياسة في الشرق الأوسط. ومع أنه لم تصدر تأكيدات رسمية تربط بين اللقاءين، إلا أن تتابع الأحداث يوحي بأن زيارة بغداد قد تندرج ضمن إطار استخباري غير معلن لإعادة قراءة خريطة التحالفات في المشرق، خصوصاً بعد المتغيرات التي تشهدها الساحتان السورية والإيرانية، بحسب قراءات متقاطعة.

وتأتي زيارة باتريوس في وقتٍ تشهد فيه المنطقة تحولاتٍ متسارعة، حيث تحاول واشنطن تثبيت حضورها الاستخباري في بيئة تتغير فيها موازين القوى بين طهران ودمشق وبغداد. فالعراق بالنسبة للولايات المتحدة ما زال نقطة الارتكاز الاستراتيجية في معادلة الردع ضد إيران، وممرّاً استخبارياً لمراقبة التطورات في سوريا والخليج على حدٍ سواء.

ويرى مراقبون أن نشاط شخصيات أمنية رفيعة خارج الإطار الرسمي، كباتريوس، يعكس رغبة واشنطن في اعتماد الدبلوماسية الرمادية، التي تمزج بين الاستطلاع والمشورة غير المباشرة، في محاولة لفهم توجهات القيادات العراقية إزاء ملفات حساسة، مثل مستقبل الوجود الأجنبي، وعلاقات بغداد بطهران ودمشق، ودور الحشد الشعبي في المعادلة الأمنية.

ومع أن الزيارة لم تحمل إعلاناً سياسياً واضحاً، إلا أنها تندرج ضمن سلسلة تحركات أمريكية تهدف إلى إعادة تقييم العلاقة مع العراق في ضوء التحولات الأمنية والسياسية الجارية، ولا سيما في ظل تزايد الحديث عن الحاجة إلى مراجعة آليات التنسيق الميداني وضبط التوازنات الداخلية، بما يضمن استقرار البيئة الأمنية ويحافظ على المصالح المشتركة بين الجانبين، بحسب متخصصين في الشؤون العسكرية.

المصدر: قسم الرصد والمتابعة في "بغداد اليوم"

أهم الاخبار

أخطر مواسم الجفاف منذ قرن.. إنتاج الحنطة في العراق مهدد بالضياع- عاجل

بغداد اليوم – ديالى تتسع أزمة الجفاف في العراق لتتحول إلى تهديد مباشر للأمن الغذائي، بعدما طالت أكثر من 75% من مساحة البلاد، لتنعكس على الموسم الزراعي الشتوي ومحصول الحنطة الذي يشكّل عصب الاكتفاء الذاتي في العراق. ويُحذّر مختصون من أن استمرار الأزمة

اليوم, 13:00