بغداد اليوم - بغداد
في خضم الاستحقاق الانتخابي القادم، تبدو الديناميات الداخلية في الأحزاب الشيعية، وخصوصًا بين التيار الصدري والإطار التنسيقي، أكثر تعقيدًا مما يُرى على السطح. يستند التنافس إلى بنى مؤسسية، دينية، وقواعد جماهيرية، إلى جانب حساسية التوازنات في المحافظات المختلطة التي تشكّل ساحة اختبار حقيقية لتصويت الهوية والمكون. في هذا السياق، جاءت توقعات عضو الإطار التنسيقي عدي عبد الهادي بشأن خطوة مفاجئة من التيار الصدري قبل الانتخابات لتُثري النقاش حول الاستراتيجية الصدرية المقبلة والتأثير المحتمل على التشكيل البرلماني والسلطوي.
خلال حديثه لـ"بغداد اليوم"، يرى عبد الهادي أن القاعدة الشعبية الصدرية ليست محصورة في بغداد فقط، بل تمتد إلى محافظات مثل كركوك والموصل وصلاح الدين وديالى وبابل، مشيرًا إلى أن غياب التيار عن المشهد في تلك المحافظات سيرافقه متغيرات صعبة على المستويين السياسي والاجتماعي. وفقًا له، فإن اللقاءات التي يجريها زعيم التيار مع المرجعية وطلبه من أنصاره تحديث بطاقاتهم الانتخابية تُعد مؤشرات على احتمالية مفاجأة انتخابية من نوع خاص. وقد يكون هذا الانخراط المفاجئ محاولة لتعزيز التوازن في المحافظات المختلطة التي غالبًا ما تشهد صراعات على الهوية والتوزيع السياسي للمقاعد.
من الناحية القانونية، يُعد إحياء الحضور الانتخابي للتيار الصدري في المحافظات المختلطة تحدياً في ظل قانون الانتخابات والتوزيع الديموغرافي للمقاعد. فكل صوت يضاف في منتخب المحافظة المختلطة قد يصب في موازين التحالفات أو يغيّر تشكيل الكتلة البرلمانية في تلك المنطقة. وتشير المداولات الدستورية إلى أن أي تحرك صدري كبير في هذه المحافظات سيكون خاضعًا لرقابة محكمة المفوضية الانتخابية، وقد يواجه طعونًا سياسية أو قانونية في حال اتُهم بالتلاعب أو التأثير المسبق على المجريات الانتخابية.
في تقييم الخبراء، يُنظر إلى هذا التصعيد المحتمل كإعادة صياغة للضغوط التي يواجهها التيار بعد انسحابه الجزئي من المشهد الانتخابي في دورات سابقة. قد تكون هذه الخطوة محاولة لإعادة تعبئة القاعدة، تجديد الثقة، وفرض الشكوك داخل الإطار التنسيقي بشأن قدرتهم على ملء الفراغ. وفق مقاربات سياسية حديثة، فإن التيار قد يحاول تمرير نفسه باعتباره الفاعل الشعبي الذي لا يمكن تجاهله، خصوصًا في المحافظات التي تشهد تنافس مكوني معبّر عن سنّة وشيعة.
إذا نجح التيار الصدري في تفعيل مفاجأة انتخابية بتلك المحافظات، فثمة آثار عدة متوقعة: تغيّر في توزيع المقاعد قد يصب في صالح الكتلة الصدرية أو قوّض تحالفات الإطار التنسيقي، إضعاف النفوذ السنّي أو الكردي في المقاعد المخصصة في تلك المحافظات، وزعزعة التوزان السياسي المحلي الذي قد ينعكس على تشكيل الحكومة المقبلة. تلك التحولات قد تُظهر أن التيار الصدري لا يزال يمتلك مقوّمات بعجز البعض عن تجاوزها، رغم التحديات الراهنة.
الخطاب الذي أطلقه عبد الهادي — مفاده أن التيار الصدري قد يفاجئ المشهد — لا يُقرأ كتهديد فحسب بل كإشارة إلى أن الصدريين يستعدون للدخول بقوة في معركة المحافظات المختلطة. وإن كانت الخطوة التي يتنبأ بها قد لا تُحدث انقلابًا هائلاً، فهي بالتأكيد ستعيد وضوح البعد الصدري في المنافسة الانتخابية، وقد تُجبر المنافسين على إعادة حساباتهم. في النهاية، ستبقى القدرة على ترجمة هذا التوقع إلى واقع انتخابي هي المعيار الحقيقي للفعل السياسي في الأيام المقبلة.