بغداد اليوم - بغداد
منذ انطلاق الحملات الانتخابية في العراق، شهد المشهد الدعائي تصاعدًا في التوترات على الأرض، حيث لم تقتصر المنافسة على الشعارات واللوحات فحسب، بل امتدّت إلى مواجهات بين أنصار المرشحين، وعمليات تمزيق للصور والبوسترات في عدد من المحافظات. وفق تقديرات قانونية، فإن هذا الانزلاق من الدعاية إلى الاحتكاك هو عَرَضٌ لضعف الضوابط القانونية وضعف آليات الرقابة الميدانية. وترى دراسات بحثية أن استثمار الخطاب الدعائي في إشعال العداوات المذهبية أو الاجتماعية قد يؤدي إلى جرّ الشارع إلى مواجهات بين الفئات، وهو ما صُدم به العراقيون مؤخرًا في البصرة، بينما شهدت الأنبار تمزيق صور مرشحين كجزء من المعركة الدعائية.
في تصريح لـ"بغداد اليوم"، نبه أستاذ العلوم السياسية جاسم الحريري إلى أن "المشهد الانتخابي يشهد منذ أسابيع تصاعدًا في التنافس الدعائي، والذي قد يتحول إلى صدام مباشر إذا لم تضبط إيقاعاته ضمن الأطر القانونية". يُستخدم هذا التصريح كدليل على أن المنافسة الدعائية لم تعد مرحلة تمهيديـة فحسب، بل دخلت في طور تتداخل فيه الأفعال الميدانية مع الدعاية. بحسب قراءات قانونية، هذا التصعيد قد يدفع العملية الانتخابية من كسب الأصوات إلى إدارة الصراعات الأمنية في الشارع.
ما يلفت الانتباه أن يوم أمس تشهد البصرة مواجهات بين جهتين بسبب تعليق صور وملصقات انتخابية. اشتباكات تطورت إلى ما وصفته بعض المصادر بأنها حرب شوارع، قبل تدخل الأجهزة الأمنية لاحتواء الوضع. تقول بيانات رقابية إن الجهات التي تنفّذ مثل هذه الإجراءات تسعى إلى فرض النفوذ في مناطق يُعتقد أنها ساحة تنافس حيوية. في الأنبار أيضًا تم رصد عمليات تمزيق لصور المرشحين، كإحدى الوجوه الصارخة لصراع الدعاية على الأرض. خبراء في الشأن المؤسسي يربطون ذلك بسعي البعض إلى تأجيج التوتر للعزف على وتر الكراهية لتعبئة القواعد الشعبية.
في ضوء هذا الواقع، يضيف الحريري أن "المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والأجهزة الأمنية مطالبون باتخاذ إجراءات وقائية مشددة لمنع أي احتكاك أو اعتداء متبادل، فضلاً عن إلزام الكيانات السياسية بمدونات السلوك الانتخابي التي تضمن احترام القانون وعدم المساس بالسلم الأهلي". هذه التوجيهات تنفتح أمام تحدٍ مؤسسي كبير، إذ من غير الواضح حتى الآن مدى قدرة المفوضية أو الأجهزة الأمنية على فرض هذه الضوابط على الأرض. وفق مقاربات سياسية حديثة، النجاح في ضبط الإيقاع الدعائي مرتبط بوجود إرادة سياسية حقيقية ورقابة مستقلة قادرة على التعامل مع الانتهاكات في الوقت الفعلي.
إن تحليل المشهد يدعو إلى استخلاص استنتاج مفاده أن النزعة إلى استغلال الشارع كأدوات في الدعاية الانتخابية تمثّل خطراً حقيقياً على الاستقرار المحلي. فحين تتحول الدعاية إلى مواجهة مسلحة، تتبدّل العملية السياسية من معركة أصوات إلى معركة وجود. تدخّل الأجهزة بحزم، والتزام الكيانات بالضوابط، هما الشرطان الوحيدان اللذان يمكن أن يحدّا من نزيف العنف الذي قد يبتلع العملية الديمقراطية نفسها.
المصدر: بغداد اليوم + وكالات
بغداد اليوم - بغداد تشهد الساحة السنية العراقية في مرحلة ما قبل الانتخابات المقبلة حالة من الحراك الشعبي والسياسي المكثف، حيث تحوّلت الزيارات الميدانية لزعماء الكتل إلى منصات لعرض القوة وقياس الحضور الجماهيري. المحافظات المحررة مثل نينوى والأنبار باتت