سياسة / ملفات خاصة اليوم, 18:10 | --


مقاطعة التيار الصدري تعيد خلط التوازنات وتعمق أزمة الثقة بالعملية السياسية

بغداد اليوم - بغداد

يمثل انسحاب أي قوة سياسية كبرى من العملية الانتخابية في العراق اختباراً جدياً لبنية النظام السياسي والدستوري الذي تأسس بعد عام 2003. فالدستور العراقي أرسى مبدأ المشاركة الواسعة باعتباره ضمانة للتوازنات الوطنية وحماية للتنوع المجتمعي، لكن المشهد الميداني أظهر أن غياب طرف أساسي قد يفتح ثغرات في البنية السياسية والاجتماعية. وفي هذا السياق، يأتي قرار التيار الصدري مقاطعة الانتخابات، وهو يشكل واحداً من أبرز القوى الشعبية والتنظيمية، ليكشف عن ملامح فراغ سياسي مرشح للتوسع، ويطرح أسئلة حول قدرة المؤسسات القائمة على إدارة هذا الغياب دون انزلاق نحو أزمات متراكمة.

من الناحية المؤسسية، يشكل التيار الصدري ركناً أساسياً في معادلة التوازن داخل البرلمان والحكومات المتعاقبة، إذ طالما مثّل ثقلاً انتخابياً صعب تجاوزه. وهنا يوضح الباحث والأكاديمي عمار البهادلي، لـ"بغداد اليوم"، أن "قرار التيار الصدري مقاطعة الانتخابات والابتعاد عن المشهد السياسي ستكون له انعكاسات مباشرة على الوضعين السياسي والاجتماعي في العراق، فعلى المدى القريب، سيؤدي غياب التيار الصدري إلى إحداث فراغ في التوازنات السياسية، لاسيما وأنه يمثل ثقلاً جماهيرياً واسعاً يصعب تجاوزه". وفق مقاربات سياسية حديثة، مثل هذا الفراغ قد يفتح المجال أمام قوى أخرى لتوسيع نفوذها، لكنه يضع المنظومة الحاكمة أمام تحدي إدارة الشارع دون طرف له امتداد جماهيري واسع.

لا يقتصر غياب التيار على المؤسسات السياسية، بل يمتد إلى المشهد الاجتماعي حيث يشكل جمهوره كتلة ضغط شعبية واسعة. وهنا يشير البهادلي إلى أن "هذا الغياب قد يمنح بعض القوى السياسية مساحة أكبر للتحرك والسيطرة على القرار، لكنه في المقابل يفتح الباب أمام تصاعد التوترات الشعبية، خصوصاً أن جمهور التيار يمتلك حضوراً قوياً في الشارع العراقي". تقديرات بحثية مستقلة تؤكد أن هذا الحضور الشعبي قد يتحول إلى عامل ضغط خارج المؤسسات إذا شعر أن إرادته لم تجد تمثيلاً سياسياً، وهو ما قد يقود إلى موجات احتجاجية متكررة تعيد إنتاج أزمات الشارع.

العملية الانتخابية في العراق تقوم على مبدأ التمثيل الشامل للمكونات السياسية والاجتماعية، وأي مقاطعة واسعة تُضعف من شرعيتها. ويضيف البهادلي أن "أما على المدى البعيد، فإن استمرار ابتعاد التيار عن العملية السياسية قد يضعف من شرعية النظام الانتخابي ويؤثر على نسبة المشاركة الشعبية، إذ يشعر جزء واسع من المواطنين أن الانتخابات لا تعبر عن إرادتهم الحقيقية". وفق تقديرات قانونية، فإن أي تراجع في نسب المشاركة يعمّق أزمة الشرعية ويؤثر على صورة النظام أمام المجتمع الدولي، فيما تشير تجارب مقارنة إلى أن مقاطعة القوى الكبرى للانتخابات غالباً ما تنعكس على استقرار المؤسسات وفاعليتها.

إن مقاطعة التيار الصدري لا تمثل مجرد موقف سياسي عابر، بل هي متغير مؤثر يعيد صياغة التوازنات الداخلية ويضع العملية الانتخابية أمام تحديات جوهرية. فغياب التيار عن المشهد يضعف من ثقة الجمهور بالمنظومة القائمة، ويفتح الباب أمام قوى جديدة لملء الفراغ، لكنه في الوقت نفسه يضاعف مخاطر التوتر الاجتماعي ويزيد من احتمالية اهتزاز الشرعية المؤسسية. وكما ختم البهادلي بالقول إن "مستقبل العملية السياسية سيبقى مرهوناً بمدى قدرة القوى الحالية على استيعاب غياب التيار الصدري، وتقديم إصلاحات حقيقية تمنع تراكم الأزمات وتوسع الفجوة بين الشعب والدولة"، وهو ما يجعل الاستجابة المؤسسية والإصلاحية ضرورة ملحّة لتجنب انتقال الأزمة من حيّز السياسة إلى بنية الدولة ذاتها.

المصدر: بغداد اليوم+ وكالات

أهم الاخبار

السوداني يوجه بحشد الجهود لإتمام مشروع قناة البدعة وإيصال المياه إلى البصرة

ترأس رئيس مجلس الوزراء السيد محمد شياع السوداني، اليوم الأربعاء، اجتماعاً لمتابعة إتمام مشروع قناة البدعة بحضور السادة؛ وزير الموارد المائية، ورئيس هيئة المستشارين في مكتب رئيس مجلس الوزراء، وعدد من المسؤولين في وزارة الموارد المائية. وجرى، خلال

اليوم, 20:09