أمن / ملفات خاصة أمس, 22:30 | --


انتبهوا.. أنتم في خطر! هجمات سيبرانية تضرب العراق والأمن الوطني يحذر من احتيال واتساب

بغداد اليوم - بغداد

لم تعد التهديدات السيبرانية مجرد هواجس تقنية، بل تحولت إلى ملف يمسّ الأمن القومي للدول ويهدد المجتمعات اقتصادياً واجتماعياً. العراق، كغيره من بلدان المنطقة، يواجه موجة متصاعدة من الهجمات الرقمية، تتراوح بين محاولات احتيال فردية عبر تطبيقات المراسلة، وهجمات منظمة تستهدف المواقع الحكومية والبنى التحتية. تقارير دولية توثق أن العراق كان هدفاً لهجمات رفض الخدمة (DDoS) بلغت سرعتها في إحدى الحالات 83 جيجابت/ثانية ضمن آلاف المحاولات المسجلة، فيما أعلنت شركة "ميتا" عن إزالة 6.8 مليون حساب مرتبط بمراكز احتيال منظمة خلال النصف الأول من 2025. هذا السياق يفسر خطورة التحذيرات التي صدرت مؤخراً عن جهاز الأمن الوطني العراقي.

جهاز الأمن الوطني أوضح أن "المهاجمين يقومون باستدراج المواطنين من خلال طلب رمز التحقق الخاص بالتطبيق للسيطرة على الحسابات واستغلالها في طلب الأموال وسرقة بيانات البطاقات الائتمانية ونشر روابط خبيثة". وشدد على أن "مواجهة هذه المحاولات تتطلب الحذر والامتناع عن مشاركة أي رمز أو بيانات شخصية وعدم التفاعل مع الحسابات أو الروابط المشبوهة، مع ضرورة الإبلاغ الفوري للجهات المختصة".

الخبير التقني عثمان أحمد تحدث لـ"بغداد اليوم"، مؤكداً أن "مثل هذه الهجمات الإلكترونية ليست محصورة بتطبيق واتساب وحده، بل تحدث بين الحين والآخر على أغلب منصات التواصل الاجتماعي". وفق تقديرات بحثية مستقلة، هذا النمط من الاحتيال يُمثل جزءاً من هجمات أوسع تستغل سلوك المستخدم كحلقة أضعف.

يرى عثمان أحمد أن الوقاية تبدأ من وعي الأفراد، حيث أوضح: "يجب أن نكون واعين ويقظين عند التعامل مع أي رسالة أو اتصال نشعر أنه غريب أو غير مألوف، عبر الالتزام بعده قواعد، من بينها عدم مشاركة رمز التحقق أو أي بيانات شخصية أبدًا". هذه التوصية تلتقي مع تجارب مقارنة في دول آسيوية أثبتت أن حملات التثقيف حول خاصية التحقق بخطوتين (2FA) خفّضت معدلات الاختراق بنسبة تتراوح بين 30–50%. وفق قراءات قانونية، الوعي الفردي وحده لا يكفي إذا لم يُدعَم بإطار تشريعي صارم يُلزم الشركات والمنصات بتوفير أدوات حماية متقدمة.

أضاف عثمان أحمد أن "يجب تفعّيل التحقق بخطوتين والحرص على تحديث التطبيق باستمرار، فضلاً عن تجنّب وتجاهل الروابط المشبوهة وعدم التفاعل مع أي طلب غير متوقع". هذه النقطة تُعيد فتح ملف الثغرات التقنية في الأجهزة الذكية نفسها. فقد كشف تحقيق صحفي عن وجود تطبيق إجباري باسم AppCloud في بعض هواتف سامسونج المخصصة لأسواق الشرق الأوسط، تابع لشركة إسرائيلية الأصل (IronSource). التحقيق أشار إلى أن التطبيق يجمع بيانات حساسة مثل أرقام الهواتف والموقع الجغرافي، ولا يمكن حذفه من النظام. تشير بيانات رقابية إلى أن هذه الثغرات تزيد من هشاشة الأمن الرقمي، خاصة إذا انتشرت في أجهزة موظفين أو مؤسسات حكومية.

عثمان أحمد لفت إلى جانب آخر من المشكلة حين قال: "عند الشك أو التعرض لمحاولة احتيال، أبلغ الجهات المختصة، بالإضافة الوعي واليقظة هما خط الدفاع الأول لحماية حساباتنا وبياناتنا". هذه الإشارة إلى دور المؤسسات تتقاطع مع ما أعلنه المركز الوطني للأمن السيبراني الذي أكد إحباط محاولات لاختراق مواقع حكومية في كركوك، موضحاً أن ما تداوله المهاجمون من بيانات لم يكن سوى معلومات قديمة بلا قيمة. وفق مقاربات سياسية حديثة، هذا النوع من الهجمات لا يستهدف البيانات بقدر ما يستهدف ثقة المواطنين بالمؤسسات، عبر تضخيم إعلامي متعمد.

من جانبه، شدّد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في معرض الأمن والدفاع على أن "الأمن السيبراني أصبح محوراً رئيسياً لحماية العراق من التهديدات الخارجية"، مؤكداً أن "بناء القدرات البشرية والتكنولوجية والبرمجية يجب أن يكون مواكباً لأعلى مستويات التهديدات، وأن التنظيمات الإرهابية توسع من استخدام الفضاء الإلكتروني". ويفسّر خبراء في الشأن المؤسسي هذه التصريحات بأنها انتقال من التعامل مع الهجمات الرقمية كملف تقني إلى اعتبارها جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي الشامل.

يتضح أن العراق يواجه مشهداً سيبرانياً معقداً: محاولات احتيال فردية عبر واتساب، ثغرات في الأجهزة الذكية، هجمات تضليل إعلامي تستهدف المؤسسات، وتصاعد تهديدات منظمة بمستويات قياسية. تصريحات جهاز الأمن الوطني وتحذيرات الخبير عثمان أحمد تعكس أن الحل يبدأ من وعي المواطن، لكنه لا يكتمل إلا بتشريعات حديثة، وتطوير البنى التحتية الرقمية، وتعزيز القدرات الوطنية للأمن السيبراني. الأرقام العالمية (6.8 مليون حساب احتيالي أُزيل، 83 جيجابت/ثانية في هجوم واحد) تؤكد أن العراق ليس في مأمن، وأن أي تأخير في بناء منظومة حماية متكاملة سيتركه عرضةً لخسائر مالية ومعنوية، ويضع سيادته الرقمية في مهب الريح.

المصدر: قسم الرصد والمتابعة في "بغداد اليوم"

أهم الاخبار