بغداد اليوم – أربيل
يُظهر ملف استئناف تصدير نفط كردستان عبر ميناء جيهان التركي تعقيداته في تداخل القانوني بالسياسي والاقتصادي، وسط خسائر تراكمت على بغداد وأربيل منذ توقف التصدير. الاتفاق الموقّع مع تركيا، والنافذ حتى منتصف 2026، يمنح أساسًا قانونيًا للعودة، لكن المشكلة لا تكمن في النصوص وحدها، بل في مدى قدرة الطرفين على التفاهم حول الإيرادات وآليات توزيعها. وتشير بيانات رقابية إلى أن توقف الصادرات انعكس مباشرة على الرواتب والأسواق في الإقليم، ما جعل هذا الملف أولوية قصوى للطرفين.
قال عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني صالح عمر في حديثه لـ"بغداد اليوم"، إن "مع الاقتراب من تصدير نفط كردستان، والاتفاق الثلاثي بين بغداد وأربيل والشركات النفطية، فإن على الحكومة الاتحادية تقديم تنازلات هي الأخرى في ملف الإيرادات غير النفطية". هذا الطرح، وفق مقاربات سياسية حديثة، يضع مركز الثقل على أن التزامات أربيل بتسليم النفط يجب أن تترافق مع مرونة اتحادية في ملفات الإيرادات الداخلية، التي ظلت منذ 2003 نقطة خلافية مفتوحة.
الخلاف على الإيرادات يأخذ أبعادًا أكبر عندما يتعلق بنسبة المشاركة. فصالح عمر أشار إلى أن "الإصرار على تسليم 50% من الإيرادات الداخلية الاتحادية والمحلية، فيه ضرر كبير على الإقليم، ويعيق تنفيذ الالتزامات التي بذمة الحكومة، خاصة بعد تسليم النفط كاملاً". وبحسب قراءات قانونية، فإن هذا الموقف يكشف ثغرة في الدستور العراقي الذي لم يُحدد بشكل دقيق آليات توزيع الموارد غير النفطية، وهو ما جعلها ساحة دائمة للتجاذب السياسي.
الأبعاد المعيشية حاضرة أيضًا، إذ يرى عمر أن "بغداد مطالبة بإبداء المرونة في هذا الملف، والمباشرة بصرف رواتب تموز وآب بشكل فوري، لكي تستعيد أسواق كردستان والقطاعات المختلفة الحياة مجدداً". تقديرات بحثية مستقلة تؤكد أن انتظام الرواتب هو العامل الأكثر تأثيرًا في استقرار النشاط الاقتصادي والاجتماعي، وأن أي تأخير يترك أثرًا عميقًا على الثقة العامة بالعملية السياسية.
من الجانب التركي، أوضح الخبير في الشأن النفطي بهجت أحمد لـ"بغداد اليوم"، أن "تركيا وافقت على استئناف تصدير نفط إقليم كردستان عبر ميناء جيهان التركي، مشيرًا إلى أن الاتفاق السابق الموقع بين العراق وتركيا ما يزال ساري المفعول حتى تموز 2026، وهو ما يتيح استئناف التصدير من دون عوائق قانونية أو إجرائية". هذا التصريح، وفق خبراء في الشأن المؤسسي، يعكس تصميم أنقرة على حماية مصالحها بوصفها ممرًا استراتيجيًا للطاقة، وضمان استمرار عوائدها من رسوم العبور.
أما في ما يتعلق بالشركات النفطية، فقد بيّن أحمد أن "اتفاق النفط الثلاثي بين بغداد وأربيل والشركات النفطية الأجنبية سيمضي هذه المرة، كونه مفيد لكل الأطراف، فالشركات النفطية ستأخذ حقوقها المال على شكل نفط، ما قيمة 16 دولاراً عن كل برميل، وهذا أفيد للشركات لكي لا تنتظر حتى تأخذ حقوقها، وأفيد للحكومة الاتحادية التي لن تدفع أموالاً بل تدفع نفطاً، لأن لديها أزمة سيولة". وتشير بيانات رقابية إلى أن هذه الآلية من المدفوعات العينية تخلق متنفسًا لبغداد في مواجهة أزمة السيولة، لكنها تظل مرتبطة باستقرار أسعار النفط عالميًا.
وبحسب مصادر مطلعة تحدثت لـ"بغداد اليوم"، فإن المذكرة الموقعة بين وزارة الثروات الطبيعية في الإقليم ووزارة النفط الاتحادية نصّت على أن يحتفظ الإقليم بـ50% من النفط المنتج لاستخدامه في الداخل، فيما يُصدَّر المتبقي عبر شركة سومو، مع تسديد مستحقات الشركات بسعر مقطوع يبلغ 16 دولارًا للبرميل. ووفق تقديرات بحثية مستقلة، فإن هذه الآلية تمنح الشركات أفقًا أوضح لاسترداد حقوقها، لكنها بحاجة إلى رقابة شفافة لتجنب أي نزاعات مالية مستقبلية. وهنا تبدو الرسالة النهائية لبهجت أحمد أن نجاح الاتفاق لا يُقاس بالتوقيع فقط، بل بالقدرة على استدامته عبر تنفيذ بنوده على أرض الواقع.
الخلاصة أن التصدير من بوابة جيهان بات وشيكًا، لكنه سيظل مرهونًا بمرونة بغداد وأربيل في معالجة ملف الإيرادات الداخلية. فإذا التُزِمَ بالاتفاق بحذافيره، فإن أسواق كردستان ستنتعش مجددًا، وستخفف بغداد من ضغوط السيولة عبر الدفع بالنفط بدل الأموال. أما إذا بقيت التسويات جزئية، فإن أي عودة للتصدير ستبقى هشة وعرضة للتوقف عند أول خلاف جديد.
المصدر: بغداد اليوم+ وكالات
بغداد اليوم - الانبار أكد رئيس تحالف العزم، مثنى السامرائي، اليوم الأحد (21 أيلول 2025)، أن تحالفه ليس مجرد حالة انتخابية بل هو كيان سياسي أصبح "رقماً صعباً" في المعادلة السياسية العراقية. وجاء ذلك في كلمة ألقاها خلال زيارته لمحافظة الأنبار،