اقتصاد / ملفات خاصة اليوم, 15:30 | --


التغيرات النقدية الأمريكية تعيد رسم مشهد الذهب.. والعراق يواجه تحديا مزدوجا- عاجل

بغداد اليوم – بغداد

منذ عقود يُعد قرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بشأن معدلات الفائدة أداة مركزية في توجيه الاقتصاد العالمي، لما يحمله من انعكاسات مباشرة على قيمة الدولار وأسعار السلع الاستراتيجية. الذهب تحديدًا، بصفته ملاذًا آمنًا في أوقات الاضطرابات، يرتبط بعلاقة معكوسة مع أسعار الفائدة، حيث إن أي خفض للفائدة يفتح المجال أمام صعود المعدن النفيس. وفق مقاربات سياسية حديثة، فإن هذه التغيرات لا تقتصر على الاقتصاد الأمريكي وحده، بل تمتد إلى الأسواق الناشئة والدول النامية ومنها العراق الذي يتأثر مباشرة بالتحركات العالمية.

وفي هذا السياق، أوضح المختص في الشأن الاقتصادي رشيد السعدي أن "قرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض معدل الفائدة يحمل تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على أسعار الذهب في الأسواق العالمية، خاصة وأن الذهب يعتبر أحد أهم الملاذات الآمنة في أوقات التغيرات الاقتصادية، ومع خفض الفائدة تتراجع عوائد الاستثمار في الأصول الدولارية مثل السندات، مما يزيد من جاذبية الذهب للمستثمرين". ويفسّر خبراء في الشأن المؤسسي هذه العلاقة بكونها انعكاسًا لديناميكيات السوق التي تدفع المستثمرين للتحول نحو الأصول الصلبة كلما فقدت الأصول النقدية جاذبيتها.

الأثر الآخر يظهر في حركة الدولار نفسها، حيث يؤكد السعدي أن "الدولار غالبًا ما يتراجع مع مثل هذه القرارات، وهو ما يعزز بدوره من ارتفاع أسعار المعدن النفيس، كما أن المستثمرين يتجهون عادة إلى شراء الذهب كأداة للتحوط ضد التضخم وضعف العملة، وبالتالي فإن التوقعات تشير إلى إمكانية استمرار الذهب في تحقيق مكاسب إذا استمرت السياسة النقدية التيسيرية للفيدرالي". وتشير بيانات رقابية دولية إلى أن هذه العلاقة بين ضعف العملة وصعود الذهب باتت قاعدة متكررة في الأزمات المالية منذ الأزمة العالمية في 2008.

مع ذلك، فإن التغيرات ليست فورية بالكامل. السعدي شدّد على أن "التأثير قد لا يكون لحظيًا بالكامل، إذ ترتبط حركة الذهب أيضًا بعوامل أخرى مثل مستويات الطلب العالمي، والمخاطر الجيوسياسية، وأسعار الطاقة، لكن الاتجاه العام يبقى داعمًا لصعود الذهب مع استمرار خفض الفائدة". وترى دراسات بحثية مستقلة أن هذه العوامل المتداخلة تجعل من قراءة سوق الذهب عملية مركبة، حيث تتداخل الاعتبارات الاقتصادية مع اعتبارات سياسية وأمنية.

أما في البعد المحلي، فإن العراق ليس بمنأى عن هذه التأثيرات العالمية. السعدي أوضح أن "العراق يتأثر بشكل مباشر بحركة السوق العالمية، وفي حالة وجود أي انخفاض أو ارتفاع عالمي ينعكس ذلك على الأسواق المحلية، التي تشهد حاليًا ارتفاعًا واضحًا في أسعار الذهب نتيجة الارتفاع العالمي". ووفق تقديرات اقتصادية، فإن هذه التبعية تكشف محدودية قدرة السوق العراقية على عزل نفسها عن الصدمات الخارجية، وهو ما يفرض على صانع القرار المالي التفكير بآليات تحوط أكثر فعالية.

في المحصلة، يتضح أن التحول الأبرز يتمثل في تعزيز موقع الذهب كخيار استثماري رئيسي كلما اتجه الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى خفض معدلات الفائدة، فيما تبقى عوامل أخرى مثل حجم الطلب العالمي والتوترات الجيوسياسية مؤثرة باستمرار في تحديد مسار السوق. ويُتوقع أن يواصل المعدن النفيس تحقيق مكاسب على المدى القريب، في وقت تبقى الأسواق العراقية مرتبطة بشكل وثيق بهذه الموجات الدولية. ومن هنا، تدخل المرحلة المقبلة في دائرة حساسة تتطلب مراقبة دقيقة للتطورات الاقتصادية قبل اتخاذ أي خطوات استثمارية، وهو ما يضع الأسواق المحلية أمام تحدٍّ مضاعف بين مجاراة الضغوط العالمية وتأمين الحماية للمستهلكين داخليًا.

المصدر: بغداد اليوم+ وكالات

أهم الاخبار

الرئيس الإيراني يحذر من عودة "سناب باك": البشر هم من يبنون نطنز وما هو أهم منها

بغداد اليوم - متابعة حذّر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان ، اليوم السبت (20 أيلول 2025)، من محاولات أوروبية لإعادة تفعيل آلية "سناب باك" الخاصة بإرجاع العقوبات الأممية على طهران، معتبرًا أن هذه الدول "تسعى لإعادة العقوبات لكنها في الوقت

اليوم, 16:48