بغداد اليوم - بغداد
شكّل القصف الإسرائيلي للدوحة منعطفا أمنيا حادًا في الخليج، فتح الباب أمام هواجس جماعية حول مستقبل الأمن الإقليمي. لم تعد المسألة مقتصرة على قطر وحدها، بل ارتفعت درجة القلق لدى بقية العواصم الخليجية التي رأت أن الخطر بات وجوديًا، وهو ما عبّر عنه تصريح آل ثاني بأن "الخليج بات كله في خطر". من هنا برزت بقوة فكرة "الناتو العربي" كإطار دفاعي جماعي، ليس فقط للرد على التهديد الإسرائيلي، بل لتثبيت معادلات ردع جديدة. صحيفة وول ستريت جورنال كشفت أن مسؤولين خليجيين أجروا اتصالات مكثفة لمناقشة الحاجة إلى رد موحد، لكنهم لم يتوصلوا بعد إلى تفاصيل، فيما أكدت أن مسؤولين سعوديين يعتزمون إبلاغ الولايات المتحدة بأن مشروعها للسلام عبر التكامل الإقليمي أصبح مهددا بالانهيار بفعل هذا التصعيد.
وفي قلب هذه التحركات، برز العراق كلاعب لا يمكن تجاوزه، إذ تلقى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني اتصالا من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لبحث مقاربة العمل العربي المشترك. هذا التواصل يعكس رغبة القاهرة في إشراك بغداد ضمن أي ترتيبات جديدة، بالنظر إلى موقعه الجغرافي والسياسي الرابط بين الخليج وبلاد الشام. وفق تقديرات سياسية، فإن استدعاء العراق بهذا الشكل يعني أن مشروع التحالف الدفاعي العربي لم يعد مجرد فكرة خليجية، بل اتجه نحو محاولة إعطائه بعدا مؤسسيا أشمل.
القراءة العراقية للتصعيد
تواكب هذه الترتيبات الإقليمية قراءة عراقية حذرة للمشهد. وقال النائب ثائر الجبوري في حديث لـ"بغداد اليوم"، إن "التصعيد الإعلامي وصل إلى ذروته، وسط صدور بيانات متضاربة من عدة أطراف، تحمل في مضمونها إشارات واضحة للتصعيد"، مبيناً أن "ارتدادات أحداث حزيران ما تزال ماثلة حتى الآن، إلا أن قراءة متأنية لطبيعة الأحداث والمواقف الدولية وخفايا ما يجري خلف الكواليس تشير بوضوح إلى أن الجميع لا يريد عودة الحرب إلى الشرق الأوسط".
هذا التقدير يتقاطع مع اتجاهات دبلوماسية ترى أن التصعيد الحالي هو أقرب إلى "إدارة للأزمات" وليس تمهيدًا لحرب مفتوحة. فالمواقف الدولية، كما يشير الجبوري، متناقضة ظاهريًا لكنها في جوهرها تعكس حرص الأطراف الكبرى على تجنب انفجار إقليمي لا يمكن السيطرة عليه. وفق مداولات سياسية، فإن استدعاء ملف الدفاع العربي المشترك لا يعني بالضرورة أن الحرب على الأبواب، بل إن القوى العربية تحاول رفع سقف الردع أمام إسرائيل دون الانزلاق إلى مواجهة شاملة، وهو ما يفسر المزج بين التصعيد الإعلامي والبحث عن ترتيبات جماعية.
الولايات المتحدة والارتدادات المحتملة
لم يكن الموقف الأمريكي بعيدًا عن هذه الحسابات، بل يشكّل عنصرًا محوريا فيها. وأضاف الجبوري أن "الولايات المتحدة تدرك أن أي حرب قادمة لن تبقى محصورة جغرافياً، بل ستكون ارتداداتها على عموم المنطقة، وربما على مصالحها نفسها"، لافتاً إلى أن "دورها في دعم الكيان المحتل وجرائمه ضد الدول العربية قد ينقلب عليها في المستقبل القريب والمتوسط، بما يجعلها الأكثر تضرراً من أي حرب قادمة".
هذا التوصيف يضع واشنطن أمام معضلة حقيقية: فهي من جهة متمسكة بتحالفها مع إسرائيل، ومن جهة أخرى تخشى أن يؤدي انفجار الأوضاع إلى تهديد مصالحها النفطية والأمنية في الخليج. وفق تقديرات أمنية، فإن القصف الإسرائيلي لقطر فتح الباب أمام سيناريوهات لم تكن واشنطن مستعدة لها، أهمها احتمال بلورة رد عربي جماعي قد يأخذ شكل تحالف دفاعي شبيه بالناتو، وهو أمر قد يحد من هامش المناورة الأمريكية. في الوقت نفسه، يشير مراقبون إلى أن أي توسع عسكري عربي ليشمل الجنوب السوري – بالتحالف مع تركيا – سيعني اقتراب قوات عربية من حدود إسرائيل بشكل مباشر، ما يضاعف حساسية الموقف الأمريكي.
استشراف المعادلة الجديدة
وختم الجبوري حديثه بالقول: "كل المؤشرات الراهنة توحي بعدم وجود نية حقيقية لاندلاع حرب كبيرة في المنطقة، لأن جميع الأطراف، وفي مقدمتها أميركا والكيان المحتل، ستكون الخاسر الأكبر في حال وقوعها". هذا الاستنتاج يعكس إدراكًا إقليميا بأن كلفة الحرب أكبر من عوائدها، وأن خيار الدفاع الجماعي العربي يُطرح اليوم كأداة ردع أكثر منه مقدمة لمواجهة مباشرة.
وفق تقديرات سياسية، فإن ما تغير هو انتقال المزاج الخليجي من الاعتماد على الحماية الأمريكية إلى التفكير في بناء منظومة دفاع ذاتي، وهو ما ظهر في النقاشات حول "الناتو العربي" والاتصال المصري بالعراق. أما ما لم يتغير فهو واقع التباينات الداخلية وصعوبة توحيد القرار العربي في ملف عسكري بهذا الحجم. والنتيجة المتوقعة أن المنطقة تتجه نحو معادلة جديدة عنوانها: تصعيد محسوب، وضبط إيقاع الخطر الإسرائيلي بردع جماعي، دون الانزلاق إلى حرب شاملة قد تدمر مصالح الجميع.
المصدر: قسم الرصد والمتابعة في "بغداد اليوم"
بغداد اليوم - متابعة أكدت تقارير صحفية، اليوم الجمعة (12 أيلول 2025)، أن لاعب وسط برشلونة ومنتخب إسبانيا بابلو مارتن بايز غافيرا الملقب "بجافي" سيحرم من اللعب حتى نهاية العام الجاري بسبب الإصابة برباط صليبي. وذكرت صحيفة "آس