بغداد اليوم – بغداد
تثير العلاقة بين العمل التنفيذي والعملية الانتخابية في العراق إشكاليات متكررة منذ عام 2003، حيث تتهم قوى سياسية وزراء ومسؤولين باستخدام مواقعهم الإدارية لتعزيز نفوذهم الانتخابي. هذه الإشكالية تعكس هشاشة الفصل بين الدولة كإطار إداري محايد يفترض أن يقدم خدمات عامة متساوية، وبين الأحزاب التي تنظر إلى الوزارات كموارد يمكن استثمارها سياسياً. ومع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، تتصاعد التحذيرات من خطورة هذا المسار على نزاهة الانتخابات وثقة الشارع بها، وهو ما يؤكده الخبير في الشؤون الاستراتيجية جاسم الغرابي، الذي يشدد على أن بعض الوزراء يحوّلون وزاراتهم إلى أدوات دعائية لأحزابهم، في انحراف واضح عن مبدأ الحياد المؤسسي.
يشير الغرابي في حديثه لـ"بغداد اليوم" إلى أن بعض الوزراء في الحكومة العراقية يتجاوزون حدود وظائفهم الإدارية بتحويل وزاراتهم إلى منصات دعاية انتخابية. ويصف هذا السلوك بأنه "تجاوز خطير وانحراف عن مبدأ الحياد المؤسسي"، ما يعكس خللاً في طبيعة العلاقة بين الدولة كإطار إداري محايد وبين القوى السياسية التي تتعامل مع الوزارات باعتبارها أدوات نفوذ انتخابي.
هذا التوصيف يضع أمامنا إشكالية واضحة: الوزارة في السياق الديمقراطي يفترض أن تكون مؤسسة خدمية، تلتزم بتقديم الخدمات العامة لجميع المواطنين دون تمييز. غير أن الواقع، وفق الغرابي، يشير إلى أن بعض المسؤولين يتعمدون استخدام الوزارات لأغراض دعائية، وهو ما يحوّل القرار التنفيذي إلى أداة حزبية. المختصون في الشأن السياسي يرون أن هذه الممارسات تمثل تآكلاً تدريجياً لمفهوم الدولة الحيادية، الأمر الذي ينعكس سلباً على شرعية العملية الانتخابية.
ويُلفت الغرابي إلى أن "استمرار هذه الممارسات يهدد نزاهة العملية الانتخابية ويقوض ثقة الشارع بالاستحقاقات المقبلة"، وهو تحذير يرتبط بالبعد المؤسسي للعملية الديمقراطية. إذ إن أي انحراف إداري، خصوصاً في مرحلة ما قبل الانتخابات، لا يُقرأ باعتباره خرقاً إجرائياً فحسب، بل بوصفه عاملاً يقوض ثقة الناخبين بالآليات الديمقراطية نفسها. ولهذا يشدد خبراء على أن خطورة الأمر تكمن في تراكم الأثر؛ فكل سلوك غير محايد داخل الوزارة يُنتج موجة إضافية من الشكوك لدى المواطنين.
ويطرح الغرابي مقارنة مهمة حين يؤكد أن "من يتخذ الوزارة منصة انتخابية لا يختلف عن من يستغل المال العام"، في إشارة إلى أن الانحراف المؤسسي والمالي يمثلان وجهين لخلل واحد. هذا الربط يكشف أن المشكلة ليست في طبيعة الموارد المستغلة فقط، بل في غياب الالتزام بالقواعد القانونية والأخلاقية التي تنظّم العلاقة بين المسؤولية العامة والمصلحة الحزبية. المحللون يعدّون هذا النمط من السلوك مؤشراً على هشاشة الثقافة المؤسسية، حيث لا يتم الفصل بين ما هو سياسي وما هو إداري.
أمام هذا الواقع، يبرز سؤال جوهري يتعلق بفاعلية أدوات الرقابة: هل تستطيع الأجهزة الرقابية والبرلمان التدخل "الفوري"، كما يطالب الغرابي، لوقف هذا "العبث بالمال العام والقرار التنفيذي"، أم أن مؤسسات الرقابة ستظل عاجزة عن كبح نفوذ القوى السياسية داخل الوزارات؟ المختصون يجمعون على أن الإجابة عن هذا السؤال ستحدد مدى قدرة الدولة العراقية على تنظيم انتخابات نزيهة في المستقبل القريب.
فبينما يقدّم الغرابي تشخيصاً حاداً لانحراف الوزارات عن وظائفها، يظل مستقبل الحياد المؤسسي مرهوناً بقدرة البرلمان والجهات الرقابية على فرض قواعد واضحة تمنع هذا الاستخدام السياسي للمؤسسات. وإلا فإن العملية الانتخابية ستبقى محاطة بالشكوك، وهو ما يضع الديمقراطية العراقية أمام اختبار متجدد عند كل دورة انتخابية.
المصدر: بغداد اليوم+ وكالات
بغداد اليوم- متابعة تخطط إيران لإطلاق أربعة أقمار اصطناعية إلى مدار الأرض بحلول منتصف مارس آذار 2026، وفتح قاعدة فضائية جديدة في تشابهار جنوب شرقي البلاد. وقال حسن سالاريه، رئيس وكالة الفضاء الإيرانية، اليوم الاثنين (8 أيلول 2025)، للصحفيين: "لقد