بغداد اليوم – بغداد
المتقاعدون في العراق يواجهون اليوم أقسى لحظة إذلال علني منذ سنوات. رجال ونساء تجاوزوا الستين والسبعين، أفنوا أعمارهم في خدمة الدولة، يقفون على أبواب المصارف بأعين دامعة، ينتظرون راتباً لا يتجاوز مئات آلاف الدنانير، فيما تتقاذف المؤسسات مسؤولية التأخير وتلقي اللوم على "السيولة". ما يُسمّى راتب التقاعد صار معركة بقاء يومية، بينما المسؤولون يتداولون بالتصريحات وكأن الأرواح المهددة بالجوع والمرض مجرد أرقام في بيانات حكومية.
مراسل "بغداد اليوم" وثّق مشاهد صادمة: متقاعد ينهار بالبكاء قائلاً: "لم نعد نملك ثمن الدواء، المسؤولون يتداولون أموالنا بينهم، ونحن نموت على أبواب المصارف"، فيما أضاف آخر بصوت مرتجف: "إذا مات أحدنا بسبب تأخير الراتب، فلتعتبروا ذلك جريمة مكتملة الأركان، وليتحمل الفاسدون دماءنا"، في كلمات تلخص مأساة جيل كامل يعيش على وعود مؤجلة.
اللجنة المالية النيابية لم تجد سوى لغة التحذير، فأكد النائب كريم عليوي المحمداوي أن "رواتب المتقاعدين خط أحمر ورفض أي تأخير بمستحقاتهم"، محذراً من أن "تلاعب الحكومات في صندوق التقاعد جريمة ويجب محاسبة المتسببين". لكنه في الوقت نفسه اعترف بأن الصرف مرهون بتوفر السيولة، ما يعكس عجزاً فاضحاً لدولة تعيش على أكبر ميزانية نفطية في المنطقة، لكنها تفشل في دفع راتب متقاعد في موعده.
الأخطر من ذلك، كما يحذر الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، أن الكارثة لن تتوقف عند المتقاعدين. "تأخير الرواتب لن يقتصر على المتقاعدين فقط وإنما سيمتد أيضاً إلى الموظفين، لأن أموال النفط لم تعد كافية لتغطية الرواتب، ولأن قدرة الدولة على الاقتراض الداخلي وخصم الحوالات باتت ضعيفة جداً". وأضاف بلهجة صادمة: "عليكم بالأحزمة فقد تحتاجون إليها قريباً، واللي ما يصدگ خل يروح يشرب من شط العرب".
مصادر اقتصادية مطلعة تكشف أن جذور الأزمة تعود إلى تقليص الولايات المتحدة الحصة المالية المخصصة للعراق عبر البنك الفدرالي، إضافة إلى انخفاض أسعار النفط وغياب أي بدائل اقتصادية حقيقية. هذه العوامل جعلت الحكومة تواجه فجوة قاتلة في السيولة، فيما يدفع المتقاعدون الثمن المباشر للعجز المالي والارتهان الخارجي.
إنها ليست أزمة مالية عابرة، بل فضيحة وطنية بكل المقاييس. أن يبكي متقاعد على باب المصرف لأنه لا يملك ثمن دواء، فيما السياسيون يتحدثون عن "خطة مالية" أو "أزمة سيولة"، هو إهانة لمفهوم العدالة الاجتماعية معاً. إنها صرخة واضحة: إذا لم يُفتح تحقيق عاجل في أسباب التأخير ومحاسبة المتورطين في إدارة صندوق التقاعد، فإن ثقة العراقيين بدولتهم ستنهار، ومعها آخر خيط يربط المواطن بالمؤسسات.
السؤال اليوم لم يعد: متى تُصرف الرواتب؟، بل: كيف لدولة بأكثر من 100 مليار دولار إيرادات نفطية سنوياً أن تعجز عن دفع راتب متقاعد؟ والجواب المرّ أن الفساد والارتهان المالي يبتلعان كل شيء، فيما يبقى المتقاعد العراقي ضحية أولى وأخيرة.
المصدر: بغداد اليوم + وكالات
بغداد اليوم – بغداد أصدرت "فرقة العباس القتالية" التابعة للعتبة العباسية المقدسة، اليوم الأربعاء (3 ايلول 2025)، توضيحا بشأن شكاوى وردت من مقاتلين في الحشد الشعبي حول وجود ممارسات مشبوهة تتعلق بالتلاعب بالبطاقات الانتخابية. وقالت الفرقة في