بغداد اليوم - بغداد
تُعد الحدود العراقية – السورية من أكثر الجبهات حساسة في المشهد الأمني العراقي، إذ ارتبطت لسنوات طويلة بذاكرة الاختراقات والتهديدات المتكررة، وكانت مسرحًا لتدفق الجماعات المسلحة وتهريب السلاح والبشر عبر صحراء مترامية الأطراف يصعب ضبطها. هذا الامتداد الجغرافي لم يكن مجرد خط فصل بين دولتين متجاورتين، بل خاصرة رخوة هددت استقرار الداخل العراقي، وحوّل المحافظات الغربية في أكثر من مرة إلى نقاط اختبار لصلابة مؤسسات الدولة. ومع توالي العمليات العسكرية بعد 2014، ظل سؤال السيطرة الكاملة على الحدود حاضرًا في النقاش الأمني والسياسي، وكأنه معيار لقياس قدرة بغداد على الإمساك بزمام المبادرة.
وفي هذا الإطار، يؤكد عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية علاوي البنداوي في حديثه لـ"بغداد اليوم" أن "الحدود العراقية – السورية أصبحت مؤمنة بالكامل عقب العمليات المكثفة التي نفذتها القوات الأمنية والحشد الشعبي على طول الشريط الحدودي". عبارة يراها مراقبون بمثابة إعلان عن اكتمال الطوق الأمني الذي طالما تأجل إنجازه، وعن بداية مرحلة جديدة يُراد لها أن تطوي سنوات الانكشاف الطويلة.
وعندما يضيف البنداوي أن "هذه الجهود أسفرت عن إنهاء جميع الحواضن التي كانت تمثل بيئة للتسلل أو لإعادة تنظيم بقايا الإرهاب"، فإن هذا التصريح يستحضر ذاكرة قريبة لا تزال ماثلة في الأذهان. فالحواضن لم تكن مجرد بيوت آمنة أو مسالك ترابية، بل كانت رمزًا للفجوة الأمنية التي استغلتها التنظيمات منذ سقوط الموصل عام 2014. المختصون يؤكدون أن الحديث عن "سد الثغرات" لا يقتصر على إغلاق منافذ جغرافية، بل يشمل أيضًا تفكيك بيئات اجتماعية اضطرت في مراحل معينة للتعايش مع الجماعات المسلحة في ظل غياب الدولة.
وفي سياق آخر، يشير البنداوي إلى أن "القوات المنتشرة حالياً على الحدود لا تقتصر مهامها على المراقبة الميدانية فقط، بل جرى تعزيزها بالقدرات التقنية الحديثة وأجهزة المراقبة الحرارية والطائرات المسيرة". هذا التحول يعكس، وفق محللين، انتقال العراق من فلسفة دفاعية تقليدية تعتمد على الدوريات البشرية المنهكة، إلى منظومة متعددة الأذرع تجمع بين الميدان والتقنية والقدرة على الاستباق. الطائرات المسيّرة وأجهزة الرصد الحراري لم تعد مجرد أدوات مساعدة، بل أصبحت ركيزة في بناء شبكة إنذار مبكر تُقلّص احتمالات التسلل وتمنح القوات مرونة أكبر في الردع.
ويُكمل عضو اللجنة موضحًا أن "المرحلة الحالية تمثل ثمرة سنوات من العمل المتواصل والتنسيق بين مختلف الصنوف الأمنية، وأن الوضع الحدودي الآن مستقر وآمن بشكل غير مسبوق". هذه الجملة، وإن كانت تعبيرًا عن إنجاز أمني، إلا أنها تحمل أيضًا إقرارًا ضمنيًا بأن الاستقرار لم يكن متاحًا في السابق إلا بشكل هش ومتقطع. محللون يحذّرون من أن وصف "غير مسبوق" يجب أن يُقرأ بحذر، لأن الاستقرار الحقيقي لا يُقاس باللحظة الآنية بل بقدرته على الصمود أمام التحولات الإقليمية والتغيرات في موازين القوى داخل سوريا.
ويختتم البنداوي بالقول إن "النجاحات المتحققة على الحدود هي رسالة واضحة بأن العراق ماضٍ في تثبيت الأمن وإغلاق جميع المنافذ أمام الجماعات الإرهابية، بما يعزز أمن المحافظات الغربية واستقرار البلاد بشكل عام". هذه الرسالة تبدو، في نظر مراقبين، تأكيدًا سياسيًا وأمنيًا في آن واحد، لكنها تظل مشروطة بقدرة بغداد على الحفاظ على زخم الخطط الأمنية وربطها بمشاريع تنموية تعزز حضور الدولة في مناطق الحدود. فالمعادلة لم تحسم بعد: الطوق قد اكتمل، لكن استدامته مرهونة بقدرة العراق على مواجهة أي تبدلات إقليمية قد تعيد فتح الثغرات من جديد.
المصدر: بغداد اليوم+ وكالات
بغداد اليوم – السليمانية أفاد مصدر أمني، مساء الاثنين (22 أيلول 2025)، بمقتل الشخصية البارزة في إدارة كرميان، أكبر حاجي روستم، داخل مزرعته في قضاء كفري بمحافظة السليمانية، دون الكشف عن التفاصيل. وذكر المصدر لـ"بغداد اليوم"، أن الضحية يُعد من