بغداد اليوم - بغداد
بعد أشهر من الاستقرار النسبي، عاد سعر صرف الدولار إلى الارتفاع في الأسواق العراقية، مثيرا قلق الشارع والتجار على حد سواء. ويرى مراقبون أن هذا التذبذب يعكس هشاشة السياسة النقدية أمام الضغوط الخارجية والداخلية، ويؤكد أن الاستقرار السابق لم يكن مبنياً على معالجات بنيوية، بقدر ما كان استراحة مؤقتة في مسار أزمة متواصلة.
كشف الخبير الاقتصادي ناصر التميمي، في حديث لـ"بغداد اليوم"، أن "ارتفاع سعر الصرف مرتبط بعدة عوامل متداخلة، أبرزها استمرار الضغوط على التحويلات الخارجية وتشديد الإجراءات الأمريكية على عمليات بيع الدولار، مما يقلل من حجم المعروض الفعلي في السوق المحلي". وأضاف أن "ضعف التوازن بين العرض والطلب، وزيادة الطلب على العملة الصعبة من قبل التجار لتغطية الاستيرادات، ساهم في إعادة رفع الأسعار".
يؤكد خبراء اقتصاديون أن العامل الخارجي، والمتمثل بالرقابة الأمريكية، لم يعد ظرفيا بل أصبح جزءا من معادلة السوق اليومية. فكلما اشتدت القيود على التحويلات، تراجع المعروض، ومعه يرتفع الدولار مجددا، ما يجعل استقرار السوق مرهونا بعوامل خارج السيطرة الوطنية.
وأشار التميمي إلى أن "من أبرز الأسباب المؤثرة هو اتساع الفجوة بين السعر الرسمي الذي يحدده البنك المركزي والسعر الموازي في السوق، نتيجة بطء وصول الدولار للتجار عبر المنصة الرسمية"، موضحاً أن ذلك "يدفعهم إلى اللجوء للسوق الثانوية، وهو ما ينعكس مباشرة على المواطن البسيط".
هذه الفجوة تعكس، بحسب مراقبين للشأن المالي، أزمة ثقة في النظام المصرفي؛ فحين يفشل البنك المركزي في إيصال الدولار بسلاسة إلى المستوردين، تتحول السوق الموازية إلى الملاذ الأول. وكلما اتسعت الهوة بين الرسمي والموازي، تقلصت قدرة السياسة النقدية على ضبط السوق، لتصبح رهينة المضاربات اليومية.
الأزمة الحالية ليست الأولى؛ فمنذ بداية عام 2023 واجه العراق اضطرابات متكررة في سوق الصرف بسبب الإجراءات الأمريكية المرتبطة بالتحويلات المالية وضبط منافذ التهريب، حيث فُرضت قيود على مصارف وشركات بتهم تتعلق بتمويل أنشطة غير مشروعة. ورغم نجاح البنك المركزي في خفض السعر خلال فترات معينة عبر ضخ الدولار وتقييد السوق، إلا أن الاستقرار ظل هشاً، ينهار مع كل ضغط سياسي أو اقتصادي خارجي.
يوضح باحثون اقتصاديون أن هذه السوابق تثبت أن الأزمة ليست وليدة اللحظة، بل جزء من مسار ممتد، يجعل أي حل آنٍ عرضة للانتكاس من جديد. ومن دون إصلاح بنيوي للنظام المصرفي وإعادة هيكلة آليات التحويل، ستبقى كل موجة استقرار مجرد فترة استراحة تسبق ارتفاعاً جديداً.
وشدد التميمي على أن "معالجة هذه الأزمة تتطلب إجراءات أكثر مرونة في آلية بيع الدولار، ودعماً حقيقياً للقطاع المصرفي لتجاوز البيروقراطية في التحويلات، فضلاً عن تعزيز الثقة بالسياسة النقدية لتقليل المضاربة".
بحسب مختصين في الشأن النقدي، فإن الحل لا يكمن في ضخ الدولار فقط، بل في إصلاح بيئة العمل المالي والمصرفي داخلياً، وبناء ثقة عامة بالسياسة النقدية. وإلى أن يتحقق ذلك، سيبقى سعر الصرف انعكاساً لمعادلة غير متوازنة، طرفها الأول العراق المرهق بأزماته الداخلية، وطرفها الآخر الضغوط الأمريكية التي تمسك بمفتاح الدولار.
المصدر: بغداد اليوم+ وكالات
بغداد اليوم – متابعة قال المحلل الإيراني في القضايا الاستراتيجية، مصطفى خوش جشم، اليوم الأربعاء (20 آب 2025)، إن إسرائيل قامت بتفعيل نواة تنظيم القاعدة وتنظيم داعش عند الحدود السورية – العراقية وتستفيد من قدراتهما الميدانية، مشيراً إلى أن المراكز التابعة