بغداد اليوم - بغداد
في الوقت الذي يسعى فيه العراق لتعزيز التنمية المستدامة وتنشيط القطاع الخاص، تواجه المؤسسات التمثيلية الصناعية تحديات داخلية عميقة، لعل أبرزها ما يُثار اليوم حول أداء "الاتحاد العام للصناعات العراقية"، الذي كان يومًا ما مظلة داعمة للصناعيين، لكنه بات، وفق شهادات من داخله، عبئًا إداريًا ومصدر استنزاف مالي لا يقابله تطوير حقيقي.
رسوم عالية بلا أثر ملموس
تشير مصادر من داخل الاتحاد، في حديث خاص لـ"بغداد اليوم"، إلى أن الاتحاد يفرض حاليًا رسومًا باهظة على الشركات الصناعية المنضوية تحت لوائه، مقابل خدمات محدودة أو شبه غائبة.
تقول تلك المصادر إن "الرسوم ارتفعت بشكل كبير خلال السنوات الماضية، دون أي توضيح حول مصير تلك الإيرادات أو آلية صرفها"، مضيفة أن "معظم الأعضاء لا يلمسون مقابلًا حقيقيًا من تلك الأموال، سواء على صعيد الخدمات أو الدعم الفني والتدريبي".
وفي الوقت الذي يعاني فيه موظفو الاتحاد من انخفاض في الرواتب وتأخير في التخصيصات، تشير الشهادات إلى مفارقة لافتة: بعض أعضاء الاتحاد يظهرون بمظهر الرفاهية المطلقة، ويملكون سيارات فارهة من طراز "تاهو" و"لكزس"، ما يطرح تساؤلات جدية عن آلية توزيع الموارد داخل المؤسسة، والخلل الواضح في بنية الأولويات الإدارية.
منظمة ذات تاريخ.. ولكن بلا حاضر يُذكر
تأسس الاتحاد العام للصناعات العراقية بموجب قانون رقم 35 لسنة 1956، وكان يُعد إحدى أبرز مؤسسات دعم القطاع الصناعي الخاص في العراق، لا سيما خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.
لعب الاتحاد أدوارًا مركزية في تأسيس سوق الأوراق المالية، ودعم تأسيس البنوك الصناعية، وعقد المؤتمرات الصناعية، وتقديم دراسات الجدوى الفنية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة.
حتى العام 2003، كان يُنظر للاتحاد بوصفه بيت الصناعة العراقية، وصوتًا مهنيًا موحدًا في وجه التقلبات الحكومية.
إلا أن الغزو الأمريكي للعراق وما تبعه من انهيار إداري، ضرب البنية المؤسساتية للاتحاد. تراجعت وظيفته التمثيلية، وتحوّل تدريجيًا إلى جهة إدارية تُصدّر كتب تأييد وتفرض رسومًا، دون فاعلية حقيقية في دعم القطاع الخاص أو حماية المصنّعين المحليين.
التمثيل بلا تطوير.. أزمة بنيوية
من أبرز الإشكالات التي تواجه الاتحاد اليوم، غياب خطة تطوير حقيقية تنعكس على الشركات المنتسبة إليه.
فلا توجد برامج تدريب مستدامة، ولا استشارات قانونية فعالة، ولا مبادرات لدعم الصادرات الصناعية أو تطوير سلاسل التوريد، كما لا يتدخل الاتحاد بشكل مؤثر في النقاشات الاقتصادية أو التشريعات ذات الصلة بالقطاع الصناعي.
يقول أحد الصناعيين المنضوين تحت الاتحاد:
"نحن ندفع رسومًا مرتفعة سنويًا، لكننا لا نحصل على شيء. لا حماية، لا تمثيل، ولا حتى تحديث لقواعد البيانات. وكأن الاتحاد أصبح مجرد ختم على ورقة رسمية".
الاتحاد العام للصناعات العراقية يقف اليوم على مفترق طرق. فإما أن يستعيد روحه التمثيلية وفاعليته التنموية، ويعود بيتًا فعليًا للصناعيين العراقيين، أو يبقى في موقعه الحالي: مجرد مبنى يُفرض فيه رسم بلا مردود، وشهادات تأييد لا تحمي أحدًا. المعادلة ليست مستحيلة، لكنها تحتاج إلى قرار شجاع بإعادة بناء مؤسسة كادت أن تُنسى.
المصدر: بغداد اليوم + وكالات
بغداد اليوم – متابعة مع اشتداد موجة الحر في أوروبا هذا الأسبوع، وبلوغ درجات الحرارة مستويات قياسية في فرنسا وإسبانيا وإيطاليا، عاد إلى واجهة الإعلام الغربي مصطلح تقليدي قديم يُعرف بـ "Dog Days of Summer" أو ما يُترجم بـ "أيام الكلب"،