بغداد اليوم - بغداد
في بلد يُعرف بنفطه قبل أي مورد آخر، تقف الإيرادات غير النفطية في العراق على الهامش، كأنها مجرد رقم عابر لا يُسأل عنه أحد. لكنها في الحقيقة تمثّل جزءًا لا يُستهان به من الخزينة العامة، وتفتح بابًا واسعًا للسؤال: أين تذهب تلك الأموال؟
ومع تصاعد التحذيرات من هشاشة الاقتصاد القائم على النفط، تبرز الحاجة لفحص جدية الحكومة في تحصيل وتوظيف الموارد غير النفطية، وسط مؤشرات على ضعف الشفافية وتعدد الجهات المستفيدة.
91% نفط.. والباقي بلا أثر واضح
الخبير في الشؤون الاقتصادية، حيدر الشيخ، أكد لـ"بغداد اليوم" أن "إجمالي الإيرادات النفطية وغير النفطية لعام 2024 بلغت 140 تريليونًا و774 مليار دينار، منها 127 تريليونًا و536 مليارًا من صادرات النفط، أي ما يمثل 91% من موازنة الدولة العامة".
أما الإيرادات غير النفطية، فقد بلغت 13 تريليونًا و237 مليارًا فقط، أي بنسبة 9% من الموازنة، ما يعكس هشاشة التنويع المالي ويكرّس تبعية الدولة لعائدات الخام.
من البنك الفيدرالي إلى دفعات العراق
يشير الشيخ إلى أن "عوائد صادرات النفط تودع في حساب العراق لدى البنك الفيدرالي الأمريكي، ومن ثم تُحوّل إلى الداخل على شكل دفعات متتالية"، ما يعني أن المال النفطي يمر بقنوات خارجية خاضعة للرقابة الدولية.
أما الموارد غير النفطية – كعوائد المنافذ والضرائب – فإنها تدخل مباشرة إلى الخزينة العامة، ما يمنح الجهات المحلية مساحة أوسع للتصرّف، ويُثير تساؤلات عن آليات الرقابة والمحاسبة.
ضرائب، جبايات، رسوم... ثم ماذا؟
الإيرادات غير النفطية تشمل ضرائب تُفرض على الشركات والمصانع والتجار والمواطنين، إضافة إلى جبايات المنافذ الحدودية والرسوم المفروضة على الخدمات.
ورغم هذا التنوع، تبقى هذه الأموال بلا أثر حقيقي في ميزان الخدمات أو التنمية، ما يُثير شكوكًا جدية حول مصيرها. إذ لم تُحدث هذه المبالغ فرقًا ملموسًا في البنى التحتية أو تحسين الخدمات العامة، ما يعزز فرضية تسرّبها داخل منظومة الإنفاق السياسي أو الإداري دون شفافية حقيقية.
2025... ارتفاع الحصيلة لا يضمن الشفافية
بحسب الشيخ، فإن الإيرادات غير النفطية لسنة 2025 متوقع أن تتجاوز 15 تريليون دينار، نتيجة:
زيادة الضرائب على السلع والخدمات.
تفعيل نظام الجباية الإلكترونية لتسديد الرسوم والغرامات.
توسيع دائرة التحصيل من قطاعات جديدة.
لكن هذا التوسع في التحصيل لا يقابله توسع في الشفافية، إذ لم تُعلن الحكومة حتى الآن آليات تتبع دقيقة للمبالغ المُحصّلة، ولا الجهات المستفيدة منها، ما يجعل من الزيادة المحتملة سيفًا ذا حدين: مورد إضافي من جهة، وباب مفتوح للفساد من جهة أخرى.
دولة بلا موارد، رغم الموارد
يبقى السؤال مفتوحًا: إذا كانت الدولة العراقية تفرض ضرائب وجبايات ورسومًا على كل قطاع تقريبًا، فأين تذهب أموالها غير النفطية؟
هل تنتهي في بنود إنفاق غير معلنة؟ أم تُستخدم لسد ثغرات فساد مزمنة؟
وإذا كان النفط خاضعًا للرقابة الدولية عبر البنك الفيدرالي، فإن الأموال المحلية تبدو أكثر عرضة للضياع داخل آليات الدولة نفسها، خصوصًا في ظل تعدد الجهات والمصالح المتداخلة.
المصدر: بغداد اليوم + وكالات
بغداد اليوم – متابعة مع اشتداد موجة الحر في أوروبا هذا الأسبوع، وبلوغ درجات الحرارة مستويات قياسية في فرنسا وإسبانيا وإيطاليا، عاد إلى واجهة الإعلام الغربي مصطلح تقليدي قديم يُعرف بـ "Dog Days of Summer" أو ما يُترجم بـ "أيام الكلب"،