بغداد اليوم - بغداد
تتصاعد المخاوف من انهيار مالي وشيك في العراق، مع بروز مؤشرات غير مسبوقة على عجز الدولة عن تأمين رواتب موظفيها. فبين تصريحات النائب رائد المالكي التي كشفت عن "تستر حكومي" على العجز، ورد وزارة المالية الذي حاول تبديد المخاوف دون نفي جوهرها، تظهر أزمة مالية خانقة، تنذر بانفجار اجتماعي في حال استمرار الإنفاق دون تغطية واقعية.
مديونية متضخمة وإنفاق شكلي في زمن التقشف
النائب رائد المالكي فجّر الجدل بإعلانه أن المديونية العراقية تجاوزت حاجز الـ130 مليار دولار، وأن الإيرادات لم تعد كافية لتغطية الرواتب الشهرية. وجاءت تصريحاته عقب لقائه بوزيرة المالية طيف سامي، التي أقرّت – بحسب المالكي – بعجز الوزارة عن إعداد جداول الموازنة ما لم تُحل أزمة التمويل، خاصة بعد رفض البنك المركزي السماح بالاقتراض.
وفي مفارقة تثير الاستفهام، انتقد المالكي تخصيص 160 مليار دينار للمرحلة الثانية من مشروع "بغداد أجمل"، بينما آلاف المشاريع متوقفة، ومستحقات المقاولين معلقة، والبنى التحتية تنهار بصمت.
سحب الأمانات وبيع الأصول... تمويل من جيب الدولة
أخطر ما كشفه المالكي، هو لجوء الحكومة لسحب أموال "الأمانات" وبيع أصول الدولة – ومنها دور في المنطقة الخضراء – لتغطية الإنفاق التشغيلي، وهي خطوة تمثل وفق اقتصاديين "كسراً صريحاً لقواعد الإدارة المالية". إذ لم يسبق أن باعت دولة أصولها الثابتة لدفع رواتب موظفيها، إلا في حالات الإفلاس أو الحروب الاقتصادية الكبرى.
وفيما أُدرجت هذه التصرفات ضمن الإيرادات غير النفطية، اعتبرها المالكي انعكاسًا لأزمة مالية مزمنة تحاول الحكومة تغليفها بلغة بيروقراطية مبهمة، بينما الواقع يشير إلى استنزاف الاحتياطي الأخير من أدوات التمويل.
المالية ترد... وتُقِرّ دون أن تُعلن
وزارة المالية لم تنف جوهر تصريحات المالكي، لكنها سعت لتقليل أثرها السياسي عبر بيان توضيحي، أكدت فيه أن "الرواتب مؤمّنة"، وأن "العمل جارٍ على إعداد جداول الموازنة"، رغم مرور أكثر من خمسة أشهر من السنة المالية دون موازنة واضحة.
وشرحت الوزارة أن بيع العقارات وإعادة توزيع الإيرادات غير النفطية هو جزء من صلاحياتها القانونية، مشيرة إلى أنها "تعمل على ضغط الإنفاق وتعظيم الموارد"، دون توضيح آليات التنفيذ أو الجداول الزمنية.
الرد الثاني: تأكيد ضمني وتمسك بالموقف
في رده على بيان الوزارة، جدد المالكي تمسكه بكل ما ورد في تصريحه السابق، معتبرًا أن رد الوزارة "يعترف فعليًا بما أُعلن"، خصوصًا فيما يتعلق بوقف تحويلات إقليم كردستان، وإيقاف تثبيت العقود، ورفض الترفيعات، وغياب القدرة على تغطية العجز.
المالكي أشار كذلك إلى أن وزارة المالية لم تجب على عدة نقاط حاسمة، منها: حجم المديونية الحقيقي، مصير أموال مشروع "بغداد أجمل"، مبررات إيقاف الترفيعات رغم النصوص القانونية، وغياب الجدول المالي حتى الآن. وذهب إلى أبعد من ذلك، حين اتهم الحكومة بمحاولة التغطية على الفوضى المالية، مطالبًا البرلمان بالتدخل السريع لإيقاف الانحدار.
تراشق ناعم... لكنه يفضح الأزمة البنيوية
رغم اللغة الدبلوماسية التي استخدمها الطرفان، فإن ما يجري هو اعتراف غير مباشر بحجم الأزمة. فحين تقول وزارة المالية إنها "تعمل على إعداد الموازنة" بينما النائب يؤكد أنها "لا تستطيع أصلاً إرسالها"، فإن الهوة تبدو أوسع من مجرد خلاف في الرواية: إنها فجوة في الاستراتيجية المالية بالكامل.
كما أن تأكيد الوزارة على أن الرواتب "مؤمّنة"، دون تقديم أرقام أو جدول زمني واضح، لا يطمئن الشارع، بل يُغذّي حالة من الشك العام، خاصة مع تراكم العجز، وتراجع أسعار النفط، وانسداد أفق الإصلاح الاقتصادي الفعلي.
بوادر انفجار لا يُعلَن
تكشف التصريحات المتبادلة عن أزمة مكتومة لا تجد طريقها إلى الإعلام الرسمي. فالدولة، كما يبدو، تُدار اليوم بسياسة "اليوم بيومه"، دون موازنة، ودون رؤية اقتصادية صلبة، ووسط تضارب في المواقف بين مؤسساتها.
ومع تراجع الإيرادات، وتجميد الترفيعات، وبيع الأصول، وسحب الأمانات، يبدو أن الحكومة تلجأ لحلول إسعافية في انتظار معجزة تمويلية قد لا تأتي. أما البرلمان، ولجانه، فيبدو صامتًا أو متواطئًا، ليبقى المواطن وحيدًا في مواجهة عاصفة مالية لا يُعرَف متى تضرب، لكن الجميع يسمع هديرها يقترب.
المصدر: غرفة اخبار بغداد اليوم + وكالات
بغداد اليوم - متابعة أكد مساعد وزير الخارجية الإيراني، كاظم غريب آبادي، اليوم الجمعة (30 أيار 2025)، أن التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة سيكون نقطة تحول مهمة للمنطقة. وقال آبادي في تصريحات صحفية تابعتها "بغداد اليوم": "إذا قبلت