بغداد اليوم - بغداد
مع إعلان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق إغلاق باب تسجيل الأحزاب والتحالفات، اتضحت صورة أولية مفادها غياب التيار الصدري رسميًا عن الانتخابات المقبلة. لكن ما بدا إجراءً إداريًا، فُسّر سياسيًا على أنه جزء من سيناريو أوسع يُعيد رسم تموضع التيار الوطني الشيعي بزعامة مقتدى الصدر، الذي انسحب مؤسسيًا لكنه لم يغادر ساحة التأثير. فهل يُعد ذلك نهاية دور التيار؟ أم أن ما يجري هو تمهيد لانفجار مفاجئ في لحظة حرجة؟
الصدر يغيب.. لكن بشروطه
يؤكد الناشط السياسي المقرب من التيار الوطني، مجاشع التميمي، في تصريح خصّ به "بغداد اليوم"، أن "إغلاق المفوضية لباب التسجيل يُعد مؤشرًا واضحًا على أن التيار الصدري، كتنظيم حزبي، لن يشارك في الانتخابات". لكنه يستدرك: "ذلك لا يعني انسحابًا نهائيًا من المشهد، بل يمثل رسالة احتجاجية من الصدر على بيئة سياسية يراها غير صالحة للإصلاح أو للتمثيل الشعبي الحقيقي".
ويضيف التميمي أن "زعيم التيار مقتدى الصدر كان قد صعّد لهجته سابقًا ضد من وصفهم بـ(الفاسدين)، وأكد أن سكوته نُطق، وأن قلوب الفاسدين باتت بأيدي التيار، وهي إشارة مزدوجة: استمرار الهيمنة المعنوية، واستعداد ضمني للتحرك عند الضرورة".
تيار بلا ترخيص.. نفوذ بلا وجود رسمي
رغم أن غياب التيار الصدري عن سجل الأحزاب يقطع الطريق أمام مشاركته الرسمية، إلا أن حضوره في الشارع لا يُقاس بالأطر التنظيمية وحدها. إذ يمتلك التيار كتلة شعبية ضخمة، وتاريخًا طويلًا من التعبئة السريعة في الساحات، كما أن تحالفاته غير المعلنة في المجتمعات المحلية لا تزال قائمة.
ويؤكد التميمي أن "التيار الصدري لا يعتمد فقط على الواجهة الحزبية، بل يمتلك نفوذًا شعبيًا وإعلاميًا وعقائديًا يتيح له التدخل في أي لحظة، حتى بدون وجود رسمي في قوائم الانتخابات".
متى يعود الصدر؟.. سؤال التوقيت لا الإرادة
السؤال الأهم لا يكمن في ما إذا كان الصدر سيعود، بل متى يعود. التميمي يوضح أن "الصدر لن يقف موقف المتفرج إذا رأى أن العراق مهدد داخليًا أو خارجيًا"، مشيرًا إلى أن "الغياب الراهن يُعد احتجاجًا استراتيجيًا، لكن العودة ستُبنى على شرطين: تغيّر المعادلة السياسية، أو تهديد الأمن القومي والمصلحة الوطنية".
هذا السيناريو يفتح الباب لتوقعات بعودة مفاجئة، شبيهة بما فعله الصدر سابقًا حين أعلن الانسحاب ثم عاد عبر التظاهرات أو الخطابات الصاخبة في مفاصل حاسمة من عمر الدولة.
خصوم بلا خصم.. الإطار في وضعية الانتظار
في المقابل، يعيش خصوم الصدر، وعلى رأسهم قوى الإطار التنسيقي، حالة من الحذر رغم ما يبدو أنه "فراغ صدري". فالتيار، ورغم خروجه من البرلمان، كان اللاعب الأخطر في الشارع، وسبق أن أربك حسابات الجميع عبر "الاعتكاف السياسي" الذي انتهى باقتحام البرلمان صيف 2022.
الغياب الحالي يعيد الإطار إلى لحظة قلق مكتوم، إذ أن غياب الصدر لا يعني انتهاء تهديده، بل قد يشكّل عنصر مفاجأة غير محسوب في انتخابات يفترض أن تكون محسومة لصالح القوى التقليدية.
السيناريوهات المقبلة: انتخابات بلا توازن؟
مع خروج التيار الصدري من السباق، يُطرح تساؤل استراتيجي: هل تمضي الانتخابات دون توازن حقيقي في المنافسة الشيعية؟ وما مدى شرعية مخرجاتها إذا غابت عنها شريحة تمثل ما لا يقل عن ربع الجمهور الشيعي، وربما أكثر في مناطق معينة؟
التقديرات تشير إلى أن نسبة العزوف قد ترتفع، ما يعيد إلى الأذهان تجربة 2021 التي أنتجت برلمانًا هشًا، تفجّرت بسببه أزمة تشرين الثانية، وانهار لاحقًا بعد انسحاب الصدريين.
التيار ينسحب من الشكل... لا من الفعل
التيار الصدري، كما يبدو، غاب عن الورق ولم يغب عن الحسابات. وأي قراءة سطحية لموقفه الحالي ستقود إلى استنتاجات خاطئة. فالصدر، بخطابه وشبكته وخطوطه المفتوحة مع القواعد، قادر على إعادة خلط الأوراق في أي لحظة.
وإذا كانت الانتخابات المقبلة ستُجرى بغيابه، فإن نتائجها ستبقى رهينة لقراره. فالرجل الذي قال ذات يوم "إذا حضرنا غيّرنا، وإذا غبنا زلزلنا"، يبدو اليوم أقرب إلى تجسيد نبوءته القديمة، حين يصبح الغياب نفسه أداة تأثير تفوق الوجود الرسمي.
المصدر: بغداد اليوم+ وكالات
بغداد اليوم - متابعة ضرب زلزال بلغت قوته 3.7 درجات مدينة إزمير غربي تركيا، اليوم السبت (24 أيار 2025)، مما أثار حالة من القلق والهلع بين السكان الذين شعروا بالهزة في عدد من الأحياء. وذكرت إدارة الكوارث والطوارئ التركية (AFAD)، وتابعتها "بغداد