بغداد اليوم - البصرة
تصاعد التوتر مؤخرًا بين رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني ومحافظ البصرة أسعد العيداني على خلفية ملف إزالة التجاوزات السكنية، وسط اتهامات متبادلة بين الحزم الحكومي ومطالبات بالتعامل الإنساني مع المتجاوزين. هذا السجال السياسي امتد ليشمل اتهامات بوجود مخدرات وأنشطة غير أخلاقية داخل بعض المنازل المتجاوزة، ما زاد من تعقيد المشهد، وأثار تساؤلات حول مَن يدير فعليًا البصرة، ومَن يملك الكلمة الفصل في شؤونها التنفيذية.
قرار الإيقاف.. وتحدي المحافظ
في خطوة اعتبرها البعض محاولة لاحتواء الأزمة المتصاعدة، أصدر رئيس الوزراء محمد شياع السوداني توجيهًا بإيقاف حملة إزالة التجاوزات في محافظة البصرة مؤقتًا، إلى حين إيجاد حلول سكنية بديلة تضمن كرامة المواطن، خصوصًا في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
لكن التوجيه قوبل برفض واضح من المحافظ أسعد العيداني، الذي صرّح بلهجة حادة قائلًا: "أنا مو موظف عندك، أني منتخبني مجلس المحافظة"، في إشارة إلى استقلاليته الإدارية والسياسية عن الحكومة الاتحادية، واعتماده على دعم الأغلبية داخل مجلس المحافظة.
هذا التصريح، وفقًا لمراقبين سياسيين، يعكس بداية تمرد على قرارات المركز، ويكشف عن تراجع واضح في قدرة بغداد على فرض سلطتها على المحافظات، وخصوصًا البصرة، ذات الثقل الاقتصادي والسياسي الكبير.
منازل التجاوز بين الحاجة والاتهام
النائب عن المحافظة عامر الفائز أكد لـ"بغداد اليوم" أنه يرفض التصعيد بين رئيس الوزراء والمحافظ، لكنه بالمقابل يلفت إلى وجود حالات خطيرة داخل بعض المنازل المتجاوزة، حيث تم العثور على مواد مخدرة واستغلالها في أنشطة غير أخلاقية، وهو ما يضع ملف التجاوزات في سياق أمني واجتماعي حساس، وليس فقط إنسانيًا.
وأضاف الفائز أن بعض تلك التجاوزات لم تكن على أراضٍ حكومية، بل شملت أراضيَ تعود لمواطنين، بعضهم متوفى أو متقاعد، مما دفع الدولة إلى رفعها استجابة لحقوق المواطنين الأصليين.
وفيما أشار الفائز إلى أن بعض تلك التجاوزات تحولت إلى مخازن ومعامل ومصانع، تساءل عن مدى أحقية أصحابها بالاستفادة منها، متسائلًا: "هل بُنيت لخدمة الفقراء أم لمتنفذين يستغلون الفوضى؟".
صوت آخر من البرلمان... حلول بدل الهدم
في المقابل، شدد النائب عن البصرة أحمد طه على ضرورة التمييز بين المتجاوزين المضطرين والمستغلين للمشهد. وقال لـ"بغداد اليوم" إن "الناس سكنت اضطرارًا بسبب عدم وجود بدائل، ولا يجب التعامل معهم بعنف أو قسوة".
ودعا طه إلى دراسة شاملة للملف قبل أي حملة إزالة، مع ضرورة إيجاد بدائل سكنية تحفظ كرامة المواطن، بدلًا من تركه عرضة للتشرد أو السكن في العراء. وقال: "إزالة التجاوز لا يجب أن تتحول إلى عقاب جماعي، بل إلى مشروع إصلاحي عادل يوفر سكنًا كريمًا للفقراء".
بين الأمن والسياسة... البصرة في مفترق طرق
تتزايد الشكوك في قدرة الحكومة المركزية على فرض رؤيتها في محافظة تملك فيها القوى السياسية المحلية نفوذًا واسعًا، ويبدو أن قضية التجاوزات تحوّلت من مجرد ملف خدماتي إلى صراع سياسي مفتوح.
في الوقت نفسه، لا يمكن تجاهل البعد الأمني، إذ حذر البعض من أن بعض المتجاوزين هم مجرمون مطلوبون للعدالة، هربوا من محافظاتهم واستقروا في مناطق التجاوزات في البصرة، ما يُحوّل بعض تلك الأحياء إلى ملاذات آمنة خارج سيطرة الدولة.
علاقة هشة
ملف التجاوزات في البصرة لم يعد مجرد قضية محلية، بل تحوّل إلى مرآة تعكس هشاشة العلاقة بين المركز والمحافظات، وإخفاق الدولة في إنتاج حلول شاملة لأزمة السكن المزمنة.
وبين خطاب القانون وخطاب الشعب، تبدو البصرة اليوم عالقة بين حكومتين: واحدة في بغداد تُصدر الأوامر، وأخرى في البصرة يقول رئيسها: "آني مو موظف عندك".
بغداد اليوم- بغداد اندلع حريق كبير في مساحة واسعة من محصول الحنطة، مساء اليوم الجمعة (23 أيار 2025)، في قضاء شمك بمحافظة أربيل. وقال مراسل "بغداد اليوم"، إن "15 فرقة إطفاء وصلت إلى مكان الحادث، لكن كان من الصعب السيطرة على الحريق".