آخر الأخبار
أسعار النفط العراقي تسجل انخفاضا ملحوظا في السوق العالمية جدول أعمال مجلس النواب لجلسة السبت العراق.. ساحة الرؤى المتشابكة بين مرآة واشنطن وظلال طهران سوريا.. تطاير ملايين الليرات على طريق حمص – دمشق عقوبات أمريكية على قادة حوثيين وشخص مرتبط بإرسال مقاتلين إلى أوكرانيا

انتفاضة كردستان.. ماذا ربح الكرد وماذا خسروا بعد ثلاثة عقود من الحكم الذاتي؟

سياسة | أمس, 22:50 |

+A -A

بغداد اليوم -  كردستان

في الذكرى السنوية لانتفاضة كردستان ضد نظام صدام حسين، والتي استطاعوا بعدها من الحصول على الحكم الذاتي، وشكلوا إقليم كردستان، الذي ضم فيما بعد 3 محافظات، هي أربيل، ودهوك، والسليمانية.

ويأتي السؤال الأبرز عن  ماذا ربح الكرد وماذا خسروا؟، وذلك بعد ثلاثة عقود ونيف من الاستقلال شبه الذاتي فمازالوا يعانون من تصدعات وانشقاقات داخل البيت الكردي، وايضاً أزمات مالية واقتصادية منذ عقد من الزمن وتراجع الاقتصاد والاستثمار وانعدام فرص العمل واستمرار الهجرة، وانقسامهم على دول إقليمية وغربية مثل ايران وتركيا وأمريكا.


أزمات خانقة

ويعيش إقليم كردستان منذ سنوات أزمة مالية خانقة، أثرت على جميع مفاصل الحياة، الاقتصادية، والاجتماعية، اضطر بسببها الآلاف من الشباب إلى أتباع طريق الهجرة إلى أوربا، بالرغم من مخاطرها الكبيرة.

فيما يعيش الكرد سلسلة أزمات متوالية، وعلاقات متوترة مع العاصمة بغداد، فضلاً عن تراجع كبير في مستوى الخدمات المقدمة للمواطن، وارتفاع في معدلات الضرائب، ونسب الفقر، والبطالة.

وهنا يؤكد النائب الكردي السابق غالب محمد أن، الشعب الكردي الذي قارع النظام الدكتاتوري، كان يأمل أن يشكل نموذجا للحرية، وبناء المؤسسات.

ولفت في حديثه لـ "بغداد اليوم" أنه "بعد 34 عاماً، فإن أحزاب السلطة الكردية فشلت في إدارة السلطة، وأعادت كردستان سنوات إلى الوراء، بسبب الفساد، والسرقات، وقمع الحريات، والاعتقالات التعسفية، وهم لا يختلفون في أفعالهم عما كان يفعله نظام صدام حسين، مع قمر للحريات، وسرقات، وجرائم كبيرة".


من يتحمل الفشل

من جهة أخرى اعترف القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني غياث سورجي بالفشل بإدارة إقليم كردستان، لكنه حمل هذا الفشل للحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني.

وبين في حديثه لـ "بغداد اليوم" إلى أنه "منذ عام 1992 وإدارة إقليم كردستان بيد الحزب الديمقراطي، إلا في عامين تولى برهم صالح وهو قيادي في الاتحاد الوطني، رئاسة الوزراء في كردستان، وحقق نجاحات كبيرة".

وأشار إلى أن "الملفات الحساسة، مثل النفط، والاقتصاد، والسياسة الخارجية بيد الحزب الديمقراطي، ولهذا فهو من يتحمل الفشل الذي وصل له الوضع، وخاصة في السنوات الأخيرة، التي تلت الحرب على داعش، حيث بات المواطن، وخاصة من الجيل الجديد، يقارن بين الوضع في الإقليم، والوضع في الدول الأخرى".

وأكد أنه "على الرغم من حالة الفشل والخلافات، والأزمات، لكن يبقى الوضع الحالي أفضل بألف مرة من حكم نظام البعث، والجرائم التي ارتكبها ضد الكرد، وباقي المكونات".

وتابع أن "وجود عدد من القيادات البعثية وعوائلهم في الإقليم، يعود لسياسة الحزب الديمقراطي، الذي احتضن هؤلاء، بالرغم من الجرائم التي ارتكبها البعث ضد الكرد، وسكان أربيل، وعائلة البارزاني نفسهم".

ويصادف اليوم الخامس من آذار ذكرى الانتفاضة التي بدأت من قضاء رانيا بمحافة السليمانية، ضد نظام صدام حسين.

وأكد زعيم الحزب الديمقراطي مسعود بارزاني، أن انتفاضة آذار عام 1991 أثبتت حقيقةَ أن مصير الاحتلال والطغيان إلى زوال مهما بلغت قوتهما، وأن الغلبة ستكون لإرادة وعزيمة شعب كردستان. 

يشار الى ان اقليم كوردستان قاد انتفاضة في العام 1991 ضد نظام صدام حسين مما اضطر الكثير من السكان إلى الفرار والنزوح من البلاد ليصبحوا لاجئين في المناطق الحدودية مع إيران وتركيا.

وفي العام 1991 أنشئت في الإقليم منطقة حظر الطيران بعد حرب الخليج الثانية، مما شكل ملاذًا آمنًا سهل عودة اللاجئين الكرد، بعد تشكيل الحكم الذاتي.


لماذا يحتضن الإقليم القيادات البعثية

في سياق آخر فإن عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني وفا محمد كريم يرى بأنه إذا كانت هنالك حالات سلبية، فهذا لا يعني حجم الانتصار والمكاسب التي حققها الكرد بعد الانتفاضة.

وذكر في حديثه لـ "بغداد اليوم" أن "الكرد ظلمتهم الجغرافية وطبيعة المنطقة، وكلما حاولنا تأسيس كيان مستقل يتمتع بالتطور، نتعرض لحرب من دول الجوار، ومن السلطة الموجودة في بغداد، سواءً في عهد صدام حسين، أو ما بعد عام 2003".

وأردف أنه "على الرغم من المشاكل التي عاشها إقليم كردستان، فضلاً جغرافية المنطقة التي ظلمته، لكنه استطاع من التطور، من النواحي الاقتصادية، والأمنية، وتصدى لتنظيم داعش، وحقق تطوراً عمرانياً كبيراً".

وفيما يخص السؤال حول وجود قيادات بعثية تعيش في كردستان أشار إلى أن "الحزب الديقراطي عمل بمبدأ عفا الله عما سلف، ولا يمكن العقاب الجماعي لملايين العراقيين الذين انتموا للبعث، ونحن نفرق بين من ارتكب جريمة، وتلطخت أيديه بالدماء، وبين من انتمى للبعث لمجرد الانتماء، ولهذا فإن الآلاف يعيشون بأمن وسلام، وخوفاً على حياتهم من المخاطر، وخشية الاغتيال".

حلم الدولة العصرية

الكاتب والصحفي سامان نوح يؤكد أنه، في الذكرى 34 للانتفاضة الكردية، هناك خيبات ومرارات يشعر بها المواطن الكردي، فالكثير من الأحلام والتطلعات الكردية تبددت. 

وقال في حديثه لـ "بغداد اليوم" إنه "قبل 10 او 12 سنة كان القادة الكرد يتحدثون عن ترسيخ أسس بناء الدولة الكردية الموعودة، كان الإقليم محور الحراك السياسي في العراق، يوجه القرارات ويحدد مسار الحكومات، ويصنع الملوك، كان الاقليم على طريق ازدهار لافت، حركة البناء والاعمار والتحديث تجدها في كل مكان، كانت البطالة في أدنى درجاتها، وفرص العمل في الاقليم تستقطب مئات الآلاف من خارج كردستان، اليوم الصورة مغايرة، الاقليم الكردي في أضعف حالاته، يعاني من أزمات سياسية، ادارية، اقتصادية، وحتى ثقافية اجتماعية، لايوجد برلمان فهو معطل منذ نحو عامين، بمعنى تعطل الدور التشريعي والرقابي، ولا توجد حكومة موحدة على الأرض".


وأضاف أن "جزءاً كبيراً من منجزات ومكتسبات انتفاضة 1991، بعد التضحيات الكردية الكبيرة طوال عقود والتي تجسدت بعشرات آلاف الضحايا، باتت مهددة اليوم نتيجة الخلافات بين الحزبين الكرديين الحاكمين (الديمقراطي والاتحادي) والمبنية على مصالح حزبية وشخصية، وليس على رؤى فكرية وسياسية او ايديلوجية. غياب المؤسسات وتداخل السلطات وضعف المجتمع المدني وغياب المساءلة مع تغول المصالح الحزبية والفئوية التي جاءت في الغالب على حساب المصلحة القومية، باتت تؤثر على كل مجالات الحياة في كردستان، حتى كدنا لا نجد احتفاء كرديا شعبيا بالانتفاضة".

وتابع سامان، هذا الواقع، الذي يؤثر على قوة الاقليم داخليا، كما على حضوره ودوره في بغداد، هو محل قلق كبير، ويتطلب مراجعات عميقة، ونقاشات داخلية يفترض ان تنتهي بمعالجات حقيقية، لكننا لا نجد فعليا شيئا من ذلك، وهو ما يجعل المواطن الكردي يشعر باحباط وألم وخوف من ما يحمله المستقبل، على الرغم من الفرص التي تخلقها اليوم تغير المعادلات الاقليمية، والتي يمكن اذا ما تم استغلالها كرديا بعد انهاء الخلافات الداخلية وتوحيد المواقف، ان تشكل انطلاقة جديدة للاقليم الكردي بما يرسخ فيدراليته المقرة دستوريا واستقلاله السياسي وحتى الاقتصادي.

إلى ذلك يقول عضو حزب العدل الإسلامي لقمان عبد الله إنه، للأسف فقد فشلت أحزاب السلطة الحاكمة من تأسيس نواة حقيقية لكيان نموذجي.

مؤكداً في حديثه لـ "بغداد اليوم" أنه "على الرغم من الفرص التي حصلوا عليها، لكنهم فشلوا في تحقيق حلم الشعب الكردي، ببناء مؤسسات الدولة، ومازالت عوائل السلطة هي التي تتنعم بالخيرات، وتتقاسم الثروات، وتمارس القمع والاضطهاد والسرقات، فيما يعيش الشعب الكردي حالة الفقر والأزمات المتعددة".