آخر الأخبار
القبض على شاب رسم راية داعش على جدران مدرسة في بغداد تقرير أمريكي يكشف خسائر حزب الله البشرية والمادية.. وأمر بالانسحاب التيار الصدري وخلافات الأحزاب يؤجلان تمرير قانون الانتخابات الجديد بولندا تسرق 91 مليون يورو كانت مخصصة لأوكرانيا حقن السكري والتنحيف تقتل "82" شخصا في بريطانيا

انهيارات محتملة.. العقوبات الأمريكية "قريبة ولا مناص منها": ترامب يفرض واقعا جديدا على العراق

سياسة / اقتصاد | اليوم, 14:13 |

+A -A

بغداد اليوم -  بغداد

تشير التوقعات إلى أن العراق مقبل على مرحلة جديدة من الضغوط الاقتصادية الأمريكية، في إطار سياسة واشنطن الساعية إلى تقويض النفوذ الإيراني في المنطقة. الباحث في الشأن العراقي، عباس عقيل، والمختص في الشؤون الاستراتيجية، مصطفى الطائي، أكدا في تصريحات منفصلة لـ"بغداد اليوم" أن العقوبات الأمريكية على العراق باتت مسألة وقت، مستندين إلى معطيات سياسية واقتصادية تعكس نهج الإدارة الأمريكية الحالية.


الملف السياسي وأهمية التوازن

قال الباحث عباس عقيل إن "العقوبات الاقتصادية الأمريكية على بغداد قادمة ولا شك في ذلك، فالمسألة ليست سوى قضية وقت"، لكنه استبعد أن يكون الهدف الأساسي منها هو تغيير الطبقة السياسية في البلاد أو الإطاحة بالإطار التنسيقي، مشيرًا إلى أن "إدارة ترامب لا تسعى بالضرورة إلى تغيير القوى الحاكمة بقدر ما تهدف إلى تقليص النفوذ الإيراني داخل العراق".

وأضاف عقيل أن "مواقف الإدارة الأمريكية تجاه العراق ليست نتيجة لضغوط من لوبيات داخل واشنطن، بل تعكس قناعة متنامية في البيت الأبيض بأن العراق أصبح جزءًا من النفوذ الإيراني"، موضحًا أن هذا التصور ليس مقتصرًا على وجهة النظر الأمريكية، بل يعبر عنه عراقيون أيضًا.

وفرضت الولايات المتحدة الأمريكية مؤخرًا عقوبات جديدة على عدد من المصارف العراقية، مما أثار قلقًا واسعًا في الأوساط الاقتصادية والسياسية العراقية، من توسعها كونها تأتي في إطار الجهود الأمريكية لمكافحة تمويل الإرهاب وضمان الامتثال للقوانين الدولية المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الأنشطة غير المشروعة.

وقد تؤدي هذه العقوبات إلى تقييد وصول العراق إلى الأسواق المالية العالمية، مما يُعقد عمليات الاستيراد والتصدير ويؤثر على الاستقرار الاقتصادي. كما قد تُضعف العقوبات ثقة المواطنين والمستثمرين في المصارف المحلية، مما يؤدي إلى انخفاض الودائع وزيادة الضغوط على السيولة. بالإضافة إلى ذلك، قد تواجه التحويلات المالية الدولية صعوبات أكبر، خاصة مع تقييد التعامل مع المصارف العراقية من قبل المؤسسات المالية العالمية.


الأبعاد الاقتصادية وعراقيل تجارية

من جانبه، أوضح المختص في الشؤون الاستراتيجية مصطفى الطائي أن "أمريكا تدرك جيدًا أن العراق يعد الرئة الاقتصادية لإيران، ولهذا ستسعى إلى فرض عقوبات متنوعة تستهدف بغداد بشكل مباشر، في محاولة للحد من الدعم المالي الإيراني".

وأضاف الطائي أن "تصريحات النائب الثاني لرئيس البرلمان، شاخوان عبد الله، بشأن العقوبات الأمريكية لم تأتِ من فراغ، بل تعكس رسائل تسلمها خلال زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة، ما يشير إلى وجود خطة أمريكية واضحة بهذا الصدد".

وأشار إلى أن "التداعيات الاقتصادية لهذه العقوبات ستكون خطيرة على العراق، حيث تعتمد الحكومة العراقية على الدولار الأمريكي في تعاملاتها المالية، وأي قيود أمريكية على التحويلات المالية ستؤثر سلبًا على الاقتصاد العراقي، ما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع وتدهور القدرة الشرائية للمواطنين".

والسبت الماضي، أكد نائب رئيس مجلس النواب شاخوان عبدالله، أنه "من المحتمل أن تصدر الإدارة الأمريكية قرارات سياسية واقتصادية جديدة بشأن العراق والولايات المتحدة، والتي تم مناقشتها عدة مرات مع الحكومة الاتحادية". 

وبحسب مراقبين ومختصين، تشكل التجارة بين العراق وإيران جانبًا مهمًا من العلاقات الاقتصادية بين البلدين، حيث تربطهما حدود طويلة وعلاقات تاريخية وثقافية واقتصادية عميقة. تنقسم هذه التجارة إلى قسمين رئيسيين: التجارة الظاهرة (الرسمية) والتجارة المخفية (غير الرسمية أو الموازية)، وكل منهما له خصائصه وتأثيراته.

فيما يتعلق بالتجارة الظاهرة، تُعد إيران واحدة من أكبر الشركاء التجاريين للعراق، حيث يبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين مليارات الدولارات سنويًا. تشمل الصادرات الإيرانية إلى العراق مجموعة واسعة من السلع، مثل المواد الغذائية، والمنتجات الصناعية، والكهرباء، والمواد الإنشائية. كما تم توقيع العديد من الاتفاقيات الثنائية بين البلدين لتسهيل التبادل التجاري وتعزيز التعاون الاقتصادي، بما في ذلك اتفاقيات في مجالات الطاقة والنقل والاستثمار.

أما التجارة المخفية أو غير الرسمية، فهي تشكل جزءًا كبيرًا من التبادل الاقتصادي بين العراق وإيران، وتتم عبر الحدود البرية بعيدًا عن الرقابة الرسمية. تشمل هذه التجارة تهريب السلع مثل الوقود، والتبغ، والأجهزة الإلكترونية، والسلع الفاخرة، بالإضافة إلى الأدوية والمنتجات الزراعية، إضافة الى تهريب العملة والنفط وهي العمليات المستهدفة بالعقوبات.

وتؤثر التجارة المخفية سلبًا على الاقتصاد العراقي، حيث تُضعف الصناعات المحلية بسبب تدفق السلع الإيرانية بأسعار منخفضة، كما تساهم في انتشار الفساد وعدم الاستقرار الأمني في المناطق الحدودية. بالإضافة إلى ذلك، تُثير هذه التجارة مخاوف دولية، خاصة من جانب الولايات المتحدة، بسبب احتمال استخدامها في تمويل أنشطة غير مشروعة أو جهات مصنفة كإرهابية.

في المقابل، تستفيد إيران بشكل كبير من التجارة مع العراق، سواء الرسمية أو المخفية، حيث تُعتبر السوق العراقية منفذًا مهمًا للسلع الإيرانية في ظل العقوبات الدولية المفروضة على إيران. كما تُساهم هذه التجارة في تعزيز النفوذ السياسي والاقتصادي الإيراني في العراق.


الأبعاد الأمنية وتأثيرات محتملة

يرى عباس عقيل أن "الأحداث الأخيرة في المنطقة، خصوصًا ما تلا طوفان الأقصى، أظهرت ملامح المرحلة المقبلة"، مشيرًا إلى أن "النظام السياسي في العراق، الذي تأسس بعد عام 2003، لن ينهار، لكن الطبقة الحاكمة، خصوصًا الإطار التنسيقي، معرضة لخطر حقيقي بسبب قبولها بأن يكون العراق جزءًا من النفوذ الإيراني، وتشجيعها للفصائل المسلحة، وهو ما قد يجعلها في مواجهة مباشرة مع العقوبات الأمريكية".


الملف الدبلوماسي وموقف العراق دوليًا

تشير المعطيات إلى أن العراق يواجه تحديًا دبلوماسيًا صعبًا، إذ أن العقوبات الأمريكية قد تؤثر على علاقاته مع القوى الغربية، ما قد يدفعه إلى مزيد من التقارب مع روسيا والصين لتعويض الخسائر الاقتصادية المحتملة.

ويرى الطائي أن "الولايات المتحدة لم تغلق الباب أمام العراق بشكل كامل، لكنها تطالب بموقف أكثر استقلالية عن طهران"، مضيفًا أن "العقوبات قد تشمل تقليص التعاون الأمني بين بغداد وواشنطن، ما قد يؤثر على جهود مكافحة الإرهاب، خاصة في ظل بقاء تهديدات تنظيم داعش في بعض المناطق العراقية".


خطوة ضرورية لمصلحة العراق

في ظل هذه التحديات، يرى مراقبون أن العراق بحاجة إلى إعادة تقييم سياسته الخارجية لتجنب التصعيد مع الولايات المتحدة، من خلال اتباع نهج أكثر توازنًا في علاقاته الإقليمية، وتقليل اعتماده على إيران اقتصاديًا وسياسيًا.

يؤكد الطائي أن "العراق يمكنه تجنب السيناريو الأسوأ من خلال تبني إصلاحات اقتصادية تقلل من اعتماده على الدولار الأمريكي في التعاملات المالية، بالإضافة إلى تعزيز علاقاته مع الدول العربية والخليجية لمواجهة التبعات الاقتصادية للعقوبات".


دوامة جديدة أم فرصة؟

يبدو أن العراق مقبل على مرحلة معقدة، حيث تتزايد الضغوط الأمريكية بهدف تقليص النفوذ الإيراني، وهو ما قد يضع الحكومة العراقية في موقف صعب بين مطالب واشنطن وضغوط طهران. وفي ظل هذه التحديات، يتعين على العراق اتخاذ خطوات جادة لحماية اقتصاده واستقراره السياسي، لتجنب الدخول في دوامة جديدة من الأزمات.


المصدر: بغداد اليوم+ وكالات