آخر الأخبار
كين يحقق رقما قياسيا في الدوري الالماني أطلق سراحه في العراق.. إسرائيل تغتال صيدًا ثمينًا لأمريكا بسوريا انتهاء المرحلة الثانية للتعداد السكاني بنجاح استقرار نسبي بأسعار الدولار في أسواق بغداد النزاهة تكشف عمليات اختلاس جديدة بمصرف حكومي في كربلاء

لفقدان الامل بمستقبل افضل

بين قوارب الموت والغابات.. عراقيون يفضلون الهجرة على بلادهم والوجهة واحدة

+A -A

بغداد اليوم -  بغداد

القت ويلات الحروب والتهجير والحصار الاقتصادي، ومؤخراً انعدام الخدمات وشحة فرص العمل وصراعات السياسة، بثقلها على كاهل المواطن العراقي، حتى شكلت عوامل ضغط اجبرته على اتخاذ خيار "الهجرة" رغم خطورة الطريق والاجراءات الحكومية لمحاولة صده عن مسعاه، الا ان فقدان الامل بمستقبل افضل يدفعه بقوة لعله يستجمع شتات كيانه وينعم بعيش هانئ.

لماذا يهاجر العراقيون؟

تعددت اسباب الهجرة بحسب مدير شبكة نيريج للصحافة الاستقصائية، سامان نوح، والذي استهل حديثه الصحفي، عن هجرة النازحين وأبناء المكونات كالأيزيديين العراقيين من أهالي سنجار ومناطق سهل نينوى. ويؤكد نوح أن الأيزيديين ما زالوا يعيشون خارج مناطقهم. ثلثا الأيزيديين لم يعودوا لا إلى سنجار ولا إلى مناطق استقرارهم قبل 2014. وبحسب استبيانات لمنظمات وحتى لمؤسسات معنية بالهجرة، هناك أكثر من 50% ممن يقيمون في المخيمات لا يرغبون في العودة إلى مناطقهم بسبب عدم الاستقرار السياسي وعدم وجود ظروف اقتصادية ملائمة، وأكثر من 75% من هؤلاء، بحسب استطلاعات الرأي يفكرون بالهجرة إلى خارج البلاد، وينتظرون فتح الطرق أو إيجاد أي وسيلة ممكنة للوصول إلى أوروبا، خصوصاً ألمانيا وبعض دول الاتحاد الأوروبي.يؤكد نوح ان ملف النازحين بات أكثر تعقيداً في الفترة الأخيرة، مع رغبة السلطات العراقية في إغلاق المخيمات، وهذا يعني إجبار النازحين على البحث عن وسائل هجرة خارج البلاد باعتبار أنهم لا يفكرون بالعودة إلى مناطقهم الأصلية، لغياب الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي، بالتالي قرارات وزارة الهجرة والمهجرين بإغلاق المخيمات كافة، وتقليص المساعدات للمخيمات سيعني بالضرورة التفكير بالهجرة بدل العودة إلى مناطقهم".


اغنياء على طريق الهجرة

بالنسبة للمناطق الكردية، التعثر الاقتصادي وعدم الاستقرار السياسي عوامل تدفع للهجرة. الهجرة تشمل شريحة الفقراء ومتوسطي الدخل، وأيضاً تشمل الأغنياء. في الأشهر الأخيرة زادت محاولات الهجرة باستخدام ما يمكن تسميته بالهجرة الشرعية إلى دول منطقة الكاريبي كالدومينيكان وغيرها. هذه الدول بدأت تستقطب عبر شركات رسمية آلاف العراقيين الراغبين بالهجرة إلى أوروبا، أو إلى أميركا أو إلى دول أخرى عن طريق الكاريبي، وهي تتم عبر طرق رسمية، حيث يتم قبول هؤلاء كمجنسين في هذه الدول، بعد دفع أموال محددة تقارب الـ100 ألف دولار للفرد الواحد أو شراء عقار، وبالتالي يحصل هؤلاء على جواز الكاريبي لكنهم لاحقاً عبر هذه الدول يتوجهون إلى بريطانيا أو إلى دول أخرى ويتخلون عن هذا الجواز. في النتيجة الهدف ليس الحصول على فرص في هذه الدول، بل الهدف الأساسي هو الهجرة "وهذه المعدلات ارتفعت في الأشهر الأخيرة". ورغم أن هؤلاء "يصنفون ضمن الهجرة الشرعية لكن أحياناً يقومون باستخدام أوراق غير رسمية، كتغيير في المستندات لناحية الأعمار وأسماء العائلات".

صحافيون مطاردون

مدير شبكة نيريج للصحافة الاستقصائية يتحدث عما يسميها "الهجرة المحدودة المتعلقة بالنشطاء المدنيين في العراق وبعض الصحافيين والمدونين. هؤلاء مطاردون من قبل السلطات، ومن قبل جماعات مسلحة بسبب ما يكتبونه، أو بسبب نشاطهم السياسي ومشاركتهم في انتفاضة 2019. هؤلاء فعلاً ملاحقون وبالتالي هم يفكرون بالهجرة وفي الغالب يحاولون بطرق شرعية، وفي حال لم تتوفر فإنهم يلجؤون إلى الطرق غير الشرعية عبر تركيا".

مخاطر الطريق

رئيس الفريق التطوعي لإنقاذ غرقى اللاجئين أحمد يونس، يبين بعضاً من اسباب اتخاذ قرار الهجرة ومخاطر الطريق، حيث قال: في البداية كان العراقيون يحاولون اللجوء بطرق شرعية من خلال السفر إلى تركيا والأردن ومصر وغيرها من الدول أولا، ثم التقديم عبر مكاتب الأمم المتحدة للهجرة إلى أميركا وأستراليا وكندا وغيرها، وكان اللاجئ يمضي نحو عامين لإتمام الإجراءات التي تمكنه من السفر للدول الغربية.

وتابع: أن تأخير الأمم المتحدة لطلبات اللاجئين، دفع أعدادا من طالبي اللجوء العراقيين لسلوك طرق غير شرعية؛ مثل التهريب عن طريق تركيا إلى اليونان، ومن ثم إلى بقية الدول، سواء كان ذلك عن طريق البحر أو البر، رغم مواجهة الكثير من الصعوبات، مجازفين بأرواحهم وأطفالهم وعوائلهم في سبيل الحصول على مستقبل زاهر في المهجر.ويتحدث يونس عن مخاطر كثيرة تواجه العراقيين في رحلة اللجوء، منها مخاطر الطرق البرية، حيث تواجههم الغابات والأنهار التي غرق فيها الكثيرون، وكذلك مات الكثيرون بسبب الجوع والعطش بعد أن تاهوا في الغابات، والبعض يواجهون قوات عسكرية على الحدود اليونانية، والتي تبطش بالمهاجرين، وتقوم بإرجاعهم إلى تركيا.


قوارب الموت

ويسترسل بالقول طريق البحر خطرة، حيث يركب المهاجرون العراقيون القوارب المطاطية، ويكون حجمها 6 أمتار، يركب فيها من 50 إلى 60 مهاجرا، ولا تتحمل كل القوارب هذا العدد الكبير، فتنتهي الرحلة بالغرق.

ويتحدث يونس -المقيم في تركيا- عن آلاف الجثث لضحايا هذه القوارب، التي سماها بـ"قوارب الموت"، تملأ المقابر التركية، ومقابر الغرباء في اليونان، حيث تجد أكثرهم من العراقيين والسوريين، إضافة إلى الكثير من المفقودين الذين لا يعرف مصيرهم حتى الآن.وفي حزيران الماضي، أعلنت منظمة القمة لشؤون اللاجئين والنازحين، عن مصرع 31 عراقيا في طريق الهجرة غير الشرعية خلال عام ونصف العام.

وقال رئيس المنظمة آري جلال في تصريح صحفي إن “31 عراقيا وأربعة آلاف و347 شخصا حول العالم لقوا حتفهم في غضون عام ونصف العام أثناء محاولتهم الوصول إلى بلدان المهجر بطرق غير مشروع”.

وأضاف أن “555 مهاجرا لقوا مصرعهم على طرق الهجرة غير الشرعية خلال الأعوام السبع الماضية”، لافتا إلى “إعادة جثمان 319 مهاجرا إلى بلدانهم، فيما سجل 236 مهاجرا في عداد المفقودين”.

وأكد أن “العراقيين يأتون في المرتبة الـ 12 على مستوى دول العالم في مسألة الهجرة غير الشرعية”، مشيرا إلى أن 345 ألفا و305 عراقي تقدموا بطلب اللجوء إلى الدول الأوروبية والعالم، من دون أن تلقى طلباتهم ردا حتى الآن”.


موت بتكلفة عالية

ويلفت أحمد يونس، إلى تكاليف كبيرة يدفعها اللاجئون إلى المهربين في رحلة اللجوء إلى أوروبا، حيث تصل تكلفة رحلة اليونان بالقوارب المطاطية إلى 1400 دولار للشخص، فيما تصل تكاليف رحلة البر إلى 2500 دولار، بحجة كونه أكثر أمانا، رغم أنه لا يقل خطورة عن البحر، وأما أسعار رحلة قارب (غيت بوت) ذي المحركات، فتصل إلى 1800 دولار.

وأشار يونس إلى أن المهربين عندما يتفقون مع المهاجرين يوهمونهم بأن عملية نقلهم بالبحر ستكون بواسطة يخوت سياحية آمنة من 3 طوابق، بتكلفة تصل إلى 2500 دولار للشخص، وعندما يصل المهاجرون إلى نقطة الانطلاق يجدون اليخت المزعوم إما قاربا مطاطيا أو يختا خشبيا، فيخفضون الأجرة.


اعداد اللاجئين

ولم تتمكن حتى الجهات الحكومية من احصاء اعداد اللاجئين، حيث قال المتحدث بإسم وزارة الهجرة العراقية "علي جهانكير" في العام 2021، إنه "لا توجد إحصائية دقيقة عن أعداد المهاجرين العراقيين، لأن هجرتهم تمت بطرق غير شرعية، عبر الغابات والمناطق الوعرة مما يصعّب على أي جهة إحصاء أعدادهم مهما كانت الظروف بحسبه".

وأضاف جهانكير في حديثه لصحيفة محلية، أن "وزارة الهجرة طالبت سفراء الدول المعنية بهذا الملف بأهمية التعامل اللاجئين بالطرق الانسانية وعدم التجاوز عليهم بطرق تتنافى مع حقوق الإنسان والمواثيق الدولية"، مضيفاً أن "وزارة الهجرة مستعدة للتدخل وإجلاء العائلات في وقت، إلا أن المهاجرين العراقيين ورغم سوء الأوضاع والظروف التي يعيشونها يرفضون العودة إلى البلاد".

وبإحصائية لم تشمل اللاجئين مؤقتا في تركيا وغيرها من الدول، كانت مؤسسة "القمة" المتخصصة بشؤون اللاجئين العراقيين، قد احصت أعداد اللاجئين خلال 5 سنوات للفترة بين 2015 إلى 2020، حيث بلغت 562 ألفا و293 شخصا، يتوزعون في 35 دولة حول العالم، مشيرة إلى وفاة 242 منهم خلال رحلة اللجوء، و171 آخرين في عداد المفقودين.


اجراءات حكومية لإحتواء الهجرة

برز في الآونة الاخيرة، سعي حكومي لإيقاف الهجرة غير الشرعية للعراقيين، وضحه وكيل الوزارة كريم النوري في حديث لـ"بغداد اليوم"، قائلاً ان "الحكومة العراقية تسعى بكل جهدها من أجل  إيقاف الهجرة الغير شرعية للعراقيين، وهناك تقدم كبير بهذا الملف، كما ان تقدم اكبر سيكون بعد إقرار مجلس الوزراء مؤخرا الخطة الوطنية الشاملة للحدّ من الهجرة غير الشرعية".واضاف النوري ان "هناك ارتياح دولي، خصوصاً من قبل الاتحاد الأوروبي بشأن خطوات العراق من أجل إيقاف الهجرة غير الشرعية للعراقيين"، مبيناً ان "مافيات خطيرة تقف خلف هذا الملف، تعرض هؤلاء العراقيين الى خطر فقدان الحياة، ولهذا نحن نسعى بشكل حقيقي لإيقاف هذه الهجرة".

وفي وقت سابق من العام الجاري، أعلنت وزارة الهجرة والمهجّرين العراقية، عن إطلاق الحملة الوطنية للحدِّ من مخاطر الهجرة غير الشرعية في البلاد.

وقالت وزيرة الهجرة والمهجرين، ، في كلمةٍ لها خلال الملتقى الدولي الأول للنزوح والهجرة الدولية، الأربعاء، "تقرر إطلاق الحملة الوطنية للحد من مخاطر الهجرة غير الشرعية، بعد استحصال موافقة مجلس الوزراء على ذلك".

وجدّدت جابرو "دعمها للعودة الطوعية ورفضها العودة القسرية للعراقيين المتواجدين في دول المهجر"، مؤكّدةً على "ضرورة تعريف الناس بمساوئ الهجرة غير القانونية وانعكاساتها السلبية على المجتمع في جميع نواحي الحياة".

وأضافت "عملنا على إقناع المسؤولين في دول المهجر بالتعامل مع العراقيين بشكلٍ إنساني ينطبق مع المواثيق الدولية ومبادئ حقوق الإنسان".

المصدر: بغداد اليوم+ وكالات