ولادة عسيرة للتعديلات المرتقبة
التعديلات الوزارية.. وسيلة للاستهلاك الإعلامي ام ضغوط سياسية تمنعها؟
سياسة | 8-08-2023, 17:55 |
بغداد اليوم - بغداد
منذ انبثاق أول حكومة في عام 2005 بعد الغزو الامريكي للعراق، "لم يجرؤ" رئيس وزراء على تعديل كابينته الحكومية دون التشاور مع القوى السياسية كما يؤكد مختصون، حيث ان التشكيل الوزاري كان ولا يزال يعتمد مبدأ "الاستحقاقات الانتخابية" او مايصطلح عليه شعبياً بـ"المحاصصة"، الا ان رئيس الحكومة الحالي محمد شياع السوداني، اعلن عزمه التعامل مع هذا الامر غير المألوف سياسياً بعد 2003، متحدياً القوى السياسية بقوله المعروف "من يريد أن يرفض فليرفض".
ومن المفترض ان تغيير الوزراء سيجري على اساس تقييم مدته 6 اشهر، لكن عمر حكومة السوداني قد مضى عليها 9 اشهر منذ 13 اكتوبر 2022، ولم ترى التعديلات الوزارية النور لغاية اللحظة.
وتحدثت "بغداد اليوم" مع الباحث في الشأن السياسي أحمد الشريفي، اليوم الثلاثاء (8 آب 2023)، للوقوف على اسباب تأخر التعديلات، حيث اكد، انه "بما لا يقبل الشك ان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، يواجه ضغوطات واعتراضات من بعض الأطراف السياسية المختلفة، بهدف منعه من اجراء أي تعديل وزاري، رغم وعوده بذلك".
واضاف، ان "هناك وزراء في الحكومة الحالية، لم يقدموا أي شيء، ونعتقد هناك ضرورة لتغييرهم، لكن تبقى الضغوطات هي المتحكمة بهذا الامر، ولهذا نجد رئيس الوزراء توجه لإعفاء بعض المسؤولين في الدولة من المدراء وغيرهم، دون المساس بالشخصيات التي لها حماية سياسية وحزبية".
وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، الذي شكل حكومته خلال شهر تشرين الأول 2022، تعهد بعد أيام من تشكيلها أنه سيعمل على تقييم أداء أصحاب الدرجات الخاصة في الدولة (المديرين العامين ووكلاء الوزارات) في غضون 4 أشهر وإخضاع الوزراء للتقييم في غضون 6 أشهر.
وفي الحكومة الحالية 23 وزارة، موزعة على الأحزاب السياسية السنية والشيعية والكردية، إضافة إلى الأقليات، بطريقة "المحاصصة"، أو كما تعبر عنها الأحزاب التقليدية بالاستحقاق الانتخابي، وهي "توافقية" وفق تصنيفات المراقبين العراقيين، إذ إنها مُررت عبر البرلمان العراقي في تشرين الأول العام الماضي، من دون خلافات بين الأحزاب.
وفي السياق، انتقد أستاذ الفكر السياسي بجامعة الكوفة اياد العنبر، عبر "بغداد اليوم"، تأخر التغييرات الوزارية، عازياً الاسباب الى انها "للاستهلاك الاعلامي، سيما ان التقييمات التي تحدث عنها السوداني بعد 6 اشهر، لم تستند الى قضية معيارية ولم يطلع الرأي العام عليها، حيث لا يُعرف اصلا ماهي الخطط والبرامج التي قدمها الوزراء لتقييمها، وهل التقييم على المستوى الاداري ام على مستوى الانجاز".
واضاف العنبر، ان "هذه عادة كل الحكومات السابقة بالتسويف والاستهلاك الاعلامي لهكذا قضايا، وحتى لو تم طرح التعديلات الوزارية بعد نشر تعليمات الموازنة فهو لا يتعدى كونه تسويفاً واستهلاكاً اعلامياً، كونه يحتاج الى اتفاقات سياسية وايجاد بدلاء وتمريره بالبرلمان"، مبيناً ان "الموضوع سيبقى في حلقة مفرغة كون رئيس الوزراء لا يمتلك القرار بالتعديل".
اما الحديث عن الفيتو الامريكي الذي تحدثت به بعض الصحف على بعض وزراء الاطار، اكد العنبر، ان "هذا الحديث غير واقعي ويتم طرحه من خصوم سياسيين ليس اكثر".
وقال السوداني بكلمة له خلال جلسة مجلس الوزراء في شباط الماضي، إن "الوزير تنتهي علاقته مع القوى السياسية بعد ترشيحه ونيله ثقة البرلمان".
وبيّن رئيس الحكومة في مقطع بثه التلفزيون الرسمي ان "الوزير الذي يشعر بالضغط أو التهديد فأنا موجود"، فيما ظهر بعد ساعات قليلة من خطاب السوداني عدد من الوزراء اثناء اجتماع لائتلاف ادارة الدولة.
واضاف السوداني في الجلسة "لم نر أي مؤشرات أولية عن أداء الوزراء في مكافحة الفساد، وعلى الوزراء والمسؤولين والمديرين العامين التواجد الميداني لحل المشكلات".
واكد رئيس الوزراء: لن أجامل أي زعيم أو حزب بالتعديل الوزاري، ومن يريد أن يرفض فليرفض.
اما الباحث في الشأن السياسي زياد العرار، قال لـ"بغداد اليوم"، ان "التعديل الوزاري غير ممكن بعدم وجود وفرة مالية يستطيع من خلاله رئيس الوزراء تقييم عمل الوزير وانجازاته".
ويرى العرار، ان "هنالك تقييماً وتغييراً قادماً خلال الاشهر الثلاثة القادمة، ولا يوجد اي امكانية حالياً للتقييم او التغيير".
الى ذلك يقول رئيس مركز التفكير السياسي احسان الشمري ان "كلام رئيس الوزراء هو ضغط على وزراء متخادمين مع بعض الجهات او غير قادرين على كشف ملفات الفساد".
واضاف الشمري في تصريحات صحفية، ان "فشل السوداني في ادارة ملف الفساد وانتشاره في مؤسسات الدولة يضعف من شعبيته وتعهداته على حل هذا الملف".
ويتابع الشمري :"السوداني في الخطاب الذي ظهر عليه يبدو بانه يريد ان ينأى بنفسه فيما لو فشل في مكافحة الفساد، فاللوم سوف يكون على الوزراء الذين حذرهم من عدم اداء واجبهم".
الأخبار المتواترة تتحدَّث عن تغيير 5 وزراء و4 محافظين على الأقل، على ضوء أدائهم الذي يتولَّى السوداني شخصياً تقييمه.
ويمكن لرئيس الوزراء وفق دستور العراق أن يجري تعديلات على كابينته، شريطة أن يتمّ التصويت عليها بأغلبية النصف زائد واحد من البرلمان.