الزوري والسنطة والشعواط.. باحثون يستعرضون اصولا قديمة لأغرب المفردات العراقية
منوعات | 20-05-2023, 18:38 |
بغداد اليوم-متابعة
استعرض باحثون واكاديميون، جملة من المفردات المستخدمة في اللهجة العراقية والتي تعد مفردات غريبة، تعود اصولها الى العصور السومرية وكذلك لها ارتباطات باللغة الاكدية والارامية كذلك.
ويقول الأكاديمي والباحث فالح حسن الأسدي اناللهجة العراقية انفردت بعدد كبير من المفردات والأساليب التي تميزها عن اللهجات الأخرى، مشيرا الى ان أسباب تمسك العراقيين ببعض الكلمات الموغلة في القدم ودمجها مع العربية ولغات العراق الأخرى تعود إلى تركيبة العراقي ومزاجيته، فهو يحافظ على أصالته من جهة ويندمج مع الحديث من جهة أخرى، فالعراقي متفتح وغير منغلق على نفسه، بل يتفاعل مع الحضارات الأخرى في أنماط الحياة كافة، ومن بينها اللغة.
وتضم اللهجة العراقية مجموعة من الكلمات المتداولة التي توارثتها الأجيال عبر العصور، والتي يعود أصلها إلى آلاف السنين.
ومن الأمثلة على الكلمات القديمة -بحسب الأسدي- استخدام كلمة "زَقْنبوت" عند الدعاء على الشخص بالشر، وتعني في اللغة الأكدية "السم"، وكذلك من الكلمات الماثلة على لسان العراقيين كلمة "شِعْواط"، وهي كلمة آرامية تعني "رائحة الحريق"، وهناك كلمة "سَنْطة" التي يستعملها العراقيون بمعنى الهدوء والسكينة، وأصلها كلمة آرامية تحمل المعنى نفسه.
والأكدية لغة سامية شرقية قديمة تعد من أقرب اللغات للعربية القديمة.
ويتابع الأكاديمي العراقي أن من الاستعمالات أيضا كلمة "تَنْبَل" وجمعها "تَنابِل"، وهذه المفردة تعني الكسول في السومرية، ويطلقها العراقيون على الشخص كثير النوم والعاطل عن العمل.
ويبين الأسدي أن بعض الكلمات القديمة قد تلبس لباسا دلاليا جديدا في كل وقت وزمن، فمثلا اللاحقة "جي" دلالتها القديمة تدل على لفظة الاحترام، لكن العراقي أضافها إلى المهنة، مثل "باجة جي" وغيرها.
من جانبه يشير الباحث في اللسانيات ماجد الخياط، الى ان الأكدية والسومرية تعتبر (لغة معزولة لاسامية ولا تشترك في أصولها مع اللغات العاربة) من أقدم اللغات المكتوبة التي وصلتنا منها رُقم طينية، كتبت بالحروف المسمارية، وتعود إلى 5 آلاف سنة قبل الميلاد، ثم تبعتها الآرامية وهي لغة عاربة سامية قديمة لا تزال مستخدمة بشكل محدود بين أتباع الكنائس المسيحية السريانية في سوريا والعراق، وما زالت بعض مفردات هذه اللغات مستعملة إلى يومنا هذا، لا سيما في اللهجة العراقية.
ويؤكد الخياط أن قائمة المفردات تطول، ومنها أداة الفلاح لصعود النخل "التِبَلْية"، وكذلك اسم النخلة الصغيرة "تَاله"، و"حِب" وهو وعاء كبير من الطين يحفظ فيه الماء، و"حَالوب" للمطر المتجمد، وكذلك كلمة "زُوري" وهو السمك الصغير، و"جِرّي" لنوع من أنواع السمك ليست له حراشف، وأسماء بعض النباتات مثل "كُرَاث، كَمّون، شّنّان"، فهذه جميعها كلمات سومرية ما زالت حية في اللهجة العراقية.
وهناك كلمات أخرى في اللهجة العراقية أصولها أكدية وآرامية، مثل "شَبّوط" وهو نوع من الأسماك الكبيرة الحجم، و"عَكروكـ" بمعنى الضفدع، و"بُوري" بمعنى أنبوب، و"جَرخ" بمعنى عجلة أو أسطوانة دائرية، و"هَسّه" بمعنى الآن، و"كِتْلي" بمعنى الغلاية، حسب الخياط.
ويعزو الخياط سبب احتفاظ العراقيين ببعض الكلمات القديمة كونهم أخذوها من أفواه المناطق التي لم يصلها التمدن، ولم يحتكوا بأقوام أخرى، كما أن العراقيين لم يستسيغوا بعض الكلمات العربية، إضافة إلى تراجع التعليم في تلك المناطق، فضلا عن أن اللغة العربية ليست لغة أصيلة لسكان العراق.
ويلفت الباحث في اللسانيات إلى أن بعض الكلمات العربية من أصول سومرية وأكدية، ومنها كلمة "مشْط" وهي آرامية، وكلمة "جرّة" وهي سومرية، و"مِزمار" وهي سومرية، و"دُمْية" وهي سومرية كانت تعني التمثال الصغير، و"زَقْزَقة" وأصلها سومري، وكذلك كلمة "العقرب" وهي أكدية كانت تلفظ "أكربا" والعراقيون إلى الآن يسمونه "عكربة".
ويشير الخياط إلى أن بعض الباحثين في مجال فقه اللغة يعملون على نشر بعض أصول هذه الكلمات، لتجديد التعريف بها، حيث جمعت في أكثر من كتاب، وهناك بعض البرامج التراثية عبر الإذاعة والتلفزيون تحرص على التذكير بها.