بين الوعود والواقع .. متى يستغني العراق عن استيراد المشتقات النفطية ؟
اقتصاد | 15-05-2023, 22:08 |
بغداد اليوم - بغداد
يصنف العراق بأنه لاعب مهم ورئيس في سوق النفط العالمية، مع امتلاك البلاد احتياطيات ضخمة من الخام تصل إلى 145.01 مليار برميل، بحسب بيانات أويل آند غاز.
ارتفع إنتاج العراق من النفط بنهاية العام الماضي (2022) إلى 4.4 مليون برميل يوميًا، مقابل 4.16 مليون برميل يوميًا.
وبعد تحقيق العراق إيرادات كبيرة خلال العام الماضي وصلت إلى 115.5 مليار دولار بدعم من قفزات سعر النفط في السوق العالمية، تأثرت إيراداته خلال الربع الأول من العام الجاري (2023)، مع تراجع الأسعار عالميًا.
وتظهر البيانات الرسمية، أن إيرادات صادرات النفط العراقي تراجعت بقيمة 6 مليارات دولار تقريبًا خلال الأشهر الـ3 الأولى من العام الجاري، على أساس سنوي.
وتراجعت قيمة صادرات النفط العراقي إلى 22.12 مليار دولار خلال المدّة من يناير/كانون الثاني حتى مارس/آذار 2023، مقارنة بـ28.03 مليار دولار خلال المدة المقابلة من 2023.
المشتقات النفطية
لم يمنع وجود العديد من مصافي النفط في العراق -الذي يُعَد قوة نفطية كبيرة من حيث الإنتاج والاحتياطيات- معاناة البلاد من عدم قدرتها على تلبية استهلاك المشتقات النفطية.
ويعود تضرر قطاع التكرير في البلاد ولجوؤها إلى الاستيراد، لتعرض العديد من المصافي إلى هجمات إرهابية تسببت في تدمير بعضها؛ ما أضر بالقدرة التكريرية ودفع العراق إلى إطلاق خطة لإعادة التأهيل والتطوير، مع طرحه مؤخرًا فرصًا استثمارية لبناء مصافٍ جديدة.
وتوضح أحدث البيانات السنوية لمنظمة أوبك أن القدرة التكريرية لمصافي النفط في العراق وصلت إلى 1.11 مليون برميل يوميًا بنهاية عام 2021، ولكن إنتاجها أقل من ذلك؛ إذ سجّل 623 ألف برميل يوميًا فقط؛ حيث تعمل عدة مصافٍ بقدرة أقل من طاقتها التصميمية، بعدما كانت ضحية الصراعات المسلحة.
ويعمل العراق على تنفيذ خطة لوقف استيراد الوقود وتحقيق الاكتفاء الذاتي في اتجاه التحول من الاستيراد إلى التصدير للخارج.
خطط تطوير مصافي النفط
يتكوّن قطاع مصافي النفط في العراق من 3 شركات حكومية رئيسة تقع تحت قبضتها غالبية مصافي التكرير في البلاد؛ جاء في مقدمتها شركة مصافي الشمال، ثم شركة مصافي الجنوب، وشركة مصافي الوسط.
ورغم أن العراق من أكبر منتجي النفط الخام في العالم (أكثر من 4 ملايين يوميًا)، إلا أنه يعاني عجزًا في المشتقات النفطية يستنزف نحو 5 مليارات دولار من موارد البلاد لتوفير احتياجات السوق المحلية عبر الاستيراد؛ من بينها 3.5 مليار دولار لاستيراد البنزين والديزل فقط.
هذا الأمر دفع الحكومة مؤخرًا إلى إطلاق مخطط لزيادة سعة مصافي النفط في العراق، بهدف وقف استيراد الوقود وتحقيق شبه الاكتفاء الذاتي من المنتجات النفطية بحلول عام 2025، والتحول بعد ذلك إلى التصدير للخارج.
ويبلغ إجمالي الطاقة الإنتاجية الحالية لشركة مصافي الشمال نحو 210 آلاف برميل يوميًا -قد تشهد بعض المصافي اضطرابات تؤثر في القدرة الإجمالية بين مدّة وأخرى- مع سعى البلاد لزيادتها بدعم من مصفاة الصمود (بيجي سابقًا).
كما تخطط البلاد لرفع الطاقة التكريرية لشركة مصافي الوسط إلى 500 ألف برميل يوميًا بحلول عام 2026، بدعم من توسعة مصفاة الديوانية.
وتعمل أيضًا على زيادة إجمالي الطاقة الإنتاجية لشركة مصافي الجنوب لنحو 280 ألف برميل يوميًا، عبر تطوير وإضافة وحدات جديدة إلى مصافي تكرير النفط التابعة لها.
وترتكز خطة وقف استيراد الوقود على مراحل أساسية يتقدمها بدء الإنتاج من مصفاة كربلاء، التي ستعمل على تقليل استيراد البنزين والكيروسين من 15 مليون لتر يوميًا إلى 7 ملايين لتر يوميًا.
وفي المرحلة الثانية للخطة، يعتزم العراق توسعة مصفاة البصرة، بهدف تقليل احتياج استيراد البلاد لنحو 3 ملايين لتر يوميًا من البنزين والكيروسين.
ويليها العمل على الانتهاء من توسعة مشروعي مصفاة الصمود في بيجي شمال بغداد ومصفاة الديوانية وسط العراق؛ لتعويض الكمية المتبقية من الاحتياجات عبر تطوير مصافي النفط القائمة.
أبرز مصافي الشمال
يحتضن العراق العديد من مصافي تكرير النفط التي تقع جميعها تحت مظلة الشركات الـ3 على حسب التوزيع الجغرافي لها.
ومن أبرزها وأكبرها مصفاة الصمود التي كانت تسمّى سابقًا "بيجي" والتي تبلغ طاقتها التصميمية 280 ألف برميل يوميًا، وتتبع شركة مصافي الشمال، لكنها تعمل حاليًا بسعة 140 ألف برميل يوميًا فقط، لتعرضها إلى هجمات إرهابية من تنظيم داعش عام 2014، وهو السبب وراء تغيير اسمها.
ويعمل العراق على تطوير هذه المصفاة وإعادة تأهيلها؛ إذ تستهدف البلاد رفع طاقتها إلى 300 ألف برميل يوميًا، وتتكون مصفاة الصمود من 3 مصافٍ؛ هي صلاح الدين 1، وصلاح الدين 2، ومصفاة الشمال.
مؤخرًا، استطاع العراق إعادة تأهيل مصفاة صلاح الدين 1 ورفع طاقتها إلى 60 ألف برميل يوميًا، في حين تعمل مصفاة صلاح الدين 2 بطاقة تصل إلى 65 ألف برميل يوميًا، مع استهدافه إعادة تأهيل مصفاة الشمال بطاقة 150 ألف برميل يوميًا.
وتضم شركة مصافي الشمال، مصفاة كركوك بطاقة تكريرية 56 ألف برميل يوميًا، ومصفاة الصينية بسعة 30 ألف برميل يوميًا، ومصفاة الكسك بقدرة 20 ألف برميل يوميًا، ومصفاة حديثة بطاقة 16 ألف برميل يوميًا، والقيارة بقدرة 10 آلاف يوميًا.
أبرز مصافي الوسط
من أكبر مصافي النفط في العراق، مصفاة الدورة التي تبلغ طاقتها التكريرية 140 ألف برميل يوميًا، وهي تتبع شركة مصافي الوسط إحدى أقدم الشركات العاملة في قطاع التكرير.
كما تتبع مصافي الوسط، مصفاة كربلاء أحدث مشروعات مصافي النفط في العراق بطاقة إنتاجية تصل إلى 140 ألف برميل يوميًا، وأهم العناصر في خطة وقف استيراد الوقود.
هذا بالإضافة إلى مصفاتي السماوة والنجف بطاقة 30 ألف برميل يوميًا لكل منهما، فضلًا عن مصفاة الديوانية بقدرة 20 ألف برميل يوميًا.
ويعمل العراق على توسعة مصفاة الديوانية عبر إضافة وحدة تكرير جديدة بطاقة تصل إلى 70 ألف برميل يوميًا، لترفع إجمالي إنتاجها إلى 90 ألف برميل يوميًا، باستثمارات 125 مليون دولار.
وفي مطلع أبريل/نيسان الماضي، افتتح العراق مصفاة كربلاء بصفتها أول مصفاة في البلاد تعمل بتقنيات حديثة نفذتها شركة هونداي الكورية.
ومن المقرر أن تظل مصفاة كربلاء تحت التشغيل التجريبي لمدة 3 أشهر بسعة 70 ألف برميل يوميًا، قبل الافتتاح رسميًا بكامل طاقتها الإنتاجية في يوليو/تموز 2023.
وبحسب البيانات الحكومية، تحتوي المصفاة على 33 وحدة تشغيلية، ومستودعًا ومحطة ضخ المنتجات إلى المستودعات الخارجية ومعامل لتعبئة الغاز.
وتتبع مصفاة الكربلاء محطة كهرباء بقدرة توليد 200 ميغاواط لتزويدها باحتياجاتها، مع توفير نحو 60 ميغاواط للشبكة النقل.
أبرز مصافي الجنوب
تضم شركة مصافي الجنوب، مصفاة البصرة بطاقة تكريرية إجمالية 210 آلاف برميل يوميًا، وتضم 3 مصافٍ فرعية (البصرة 1، البصرة 2، البصرة 3) بقدرة 70 ألف برميل يوميًا لكل منها.
ومن بين مصافي النفط في العراق -أيضًا- والتابعة لشركة الجنوب، مصفاة ميسان بطاقة تكريرية تصل إلى 40 ألف برميل يوميًا، ومصفاة ذي قار بمدينة الناصرية بسعة 30 ألف برميل يوميًا.
وفضًلا عما سبق ذكره، توجد في العراق -أيضًا- مصافٍ بطاقات إنتاجية صغيرة تسعى البلاد إلى زيادة قدرة البعض منها وأخرى لا تعمل بطاقاتها التصميمية الكاملة.
كما تُعَد مصفاة بازيان بقدرة تكريرية 40 ألف برميل يوميًا أبرز مصافي النفط في إقليم كردستان، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
مصافٍ مرتقبة
شهد منتصف مارس/آذار 2023، طرح وزارة النفط العراقية 7 فرص استثمارية لتطوير وتعزيز قدرة مصافي النفط في العراق، بهدف زيادة إنتاج المشتقات النفطية لتوفير احتياجات السوق المحلية ومن ثم تحقيق فائض للتحول البلاد من مستورد إلى مصدر للمنتجات النفطية.
ومن أبرز الفرص الاستثمارية التي طرحها العراق، مشروع مصفاة ميسان بطاقة 150 ألف برميل يوميًا، ومصفاة القيارة بطاقة 70 ألف برميل يوميًا.
وشملت تلك الفرص أيضًا مشروع توسعة مصفاة الناصرية أو ذي قار، بسعة 150 ألف برميل يوميًا، ومشروع مصفاة الكوت بقدرة 100 ألف برميل يوميًا، ومشروع مصفاة السماوة بطاقة تصل إلى 70 ألف برميل يوميًا.
كما يعتزم العراق طرح مشروع توسعة مصفاة حديثة بطاقة 70 ألف برميل يوميًا للمستثمرين في وقت لاحق.