آخر الأخبار
بدوافع تجارية.. القبض على مجموعة تقوم بعمليات "تخريب ممنهجة" لخطوط الانترنت في ميسان الصحة اللبنانية: 105 قتلى و359 مصابا جراء الاعتداءات الإسرائيلية خلال 24 ساعة الفصائل: رصاصة مواجهة اجتياح لبنان ستكون عراقية وصواريخنا جاهزة قام بمساومة وابتزاز المواطنين.. خمسة احكام بالحبس الشديد بحق ضابط في بغداد دائرة الطرق والجسور: هناك من يأجج الرأي العام ويشوه منجزاتنا

لا أحياء ولا أموات.. المغيبون قسرًا يتحولون لحكاية مرعبة في العراق

محليات | 17-12-2022, 21:39 |

+A -A

بغداد اليوم- متابعة

كتبت صحيفة الاندبندنت تقريرا مطولاً، اليوم السبت، عن قضية المغييبن قسراً من منطقة جرف الصخر.

وقالت الصحيفة في تقريرها الذي تابعته (بغداد اليوم)، إن أهالي المغيبين قسراً يتشبثون بأمل العثور على أبنائهم على رغم إدراك كثيرين منهم أنها أمنية شبه مستحيلة التحقق بعد مرور أكثر من ثماني سنوات على تغيبهم وعدم معرفة مصيرهم. 

وبات ذوو المغيبين قسراً يقولون "إن الكل نسي أو بدأ بتناسي قضية المغيبين، فلا توجد جهود حكومية جادة لمعرفة مصيرهم".

وعبر والد أحد المغييبن قسراً من منطقة جرف الصخر، والذي تم اعتقاله من قبل الميليشيات بعد تحرير المنطقة من سيطرة تنظيم "داعش" في عام 2014 بالقول أن" تكون سجيناً في زنزانة ضيقة أهون ألف مرة من أن تكون مجهولاً في فضاء غير معروف ولا حدود له".

وقال الأب الذي تزدحم مخيلته بالمخاوف عن ابنه الذي لا يعلم مصيره، "بدأت أخشى من سماع أي خبر يتعلق بالكشف عن مقبرة جماعية لعلني أجد بقايا ابني فيها ويضيع أملي ببقائه حياً".


لا وجود لمغيبين بل مغدورين

وقال التقرير إن "الأمل الذي يتمسك به أهالي المغيبين يتصدع وينهار تحت وقع تصريحات رسمية متلفزة لرئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي لإحدى القنوات العراقية، قائلاً إنه لا وجود لمغيبين بل مغدورين،  مشيراً إلى عمليات إعدام عشرات آلاف المختفين قسرياً في العراق بعد عام 2014".
وبعد تصريحات الحلبوسي طالب "مركز جنيف الدولي للعدالة" بتشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة للكشف عن المختفين قسرياً في العراق.
وأوضح المركز في بيان أن "تصريحات الحلبوسي تعكس محاولة النظام التخلص من أعباء هذا الملف من خلال تحويل المعالجة إلى مجرد تعويضات مالية تقدم إلى العائلات مقابل التوقف عن المطالبة بالكشف عن مصير أبنائها وسيعني ذلك عدم محاسبة الجهات التي ارتكبت جريمة الاختفاء القسري، بالتالي استمرار سياسة الإفلات من العقاب في العراق التي تقود إلى استمرار تفاقم الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان".

 

لجنة الأمم المتحدة المعنية بحالات الاختفاء القسري

وقالت الصحيفة إن لجنة الأمم المتحدة المعنية بحالات الاختفاء القسري بالعراق زارت اللجنة بغداد والأنبار وأربيل والموصل والتقت عائلات الضحايا ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية، فضلاً عن المؤسسات الوطنية والحقوقية للوصول إلى وضع إجراءات عاجلة لمعالجة حالات الاختفاء القسري.
وأشارت اللجنة في بيانها إلى "ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لإدراج الاختفاء القسري كجريمة مستقلة في التشريع الوطني". 
ودعت اللجنة إلى فتح تحقيق تجريه لجنة محايدة ومستقلة يمكن أن تجمع خبراء وطنيين ودوليين. 

 

أكثر من 20 ألف مغيب منذ عام 2014

وتقدر جهات حكومية ومنظمات مجتمع مدني أن عدد المختفين قسرياً في محافظة الأنبار يتجاوز ستة آلاف مغيب، معظمهم اختفوا بعد فرارهم من قبضة "داعش" في مارس 2015، بينهم 2200 عند بحيرة الرزازة وألفان على جسر بزيبز، وحسب المصادر ذاتها فإنه قد جرى اقتيادهم من الميليشيات واختفى أثرهم.

وتؤكد هذه المنظمات وجود أكثر من ثمانية آلاف مختف قسرياً من مدينة الموصل عدا أولئك الذين غيبهم "داعش" والذين يقدر عددهم بأكثر من ثلاثة آلاف مختف معظمهم من الطائفة الإيزيدية.

وهكذا فإن أعداد المختفين قسراً على يد الميليشيات بعد عام 2014 تتجاوز عشرين ألف مختف، يخشى أن تكون قد جرت تصفية معظمهم ودفنوا في مقابر جماعية بدأت تتكشف أماكنها بين الحين والآخر، لكن الميليشيات ما تلبث أن تسوقها وتمنع أي شخص من التقرب منها بما في ذلك السلطات المحلية.

 

التقرير سيصدر في مارس 2023

وأشار المدير التنفيذي لـ"مركز جنيف الدولي للعدالة" ناجي حرج إلى أن زيارة لجنة الأمم المتحدة المعنية بحالات الاختفاء القسري تعد "تاريخية بمضامينها"، كما أن "الهدف منها لا يتعلق بإبداء النصح في قضايا الاختفاء القسري وإنما إنهاء هذه الحالات". وأوضح أن "اللجنة دعت إلى تشكيل لجنة مستقلة حيادية بين العراق وفريق دولي لغرض التحقيق في قضايا الاختفاء القسري والسجون السرية وهي فكرة تتطابق مع ما قامت به الحكومة العراقية ومجلس الأمن من تشكيل فريق دولي وعراقي للتحقيق في جرائم داعش".

ويذكر أن اللجنة التي اطلعت على حالات الاختفاء القسري ستواصل متابعتها حول هذا الموضوع  حتى موعد إصدار تقريرها في مارس (آذار) 2023، وسيقدم التقرير النهائي إلى مجلس حقوق الإنسان ثم إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة وعليه فإن قضية المغيبين ستتخذ أبعاداً دولية خلال الفترة المقبلة.


مغيبون بسبب تشابه الأسماء

ووصل عدد المغيبين الذين تم تسجيلهم في محافظة صلاح الدين إلى 4000 مغيب، لكنه قد يصل إلى 8000 مغيب، لأن كثيراً من العائلات تتخوف من اللجوء إلى المحاكم المدنية أو تقديم الشكاوى خوفاً من المطاردة وعمليات القمع. كما أن "كثيرين من المغيبين قسراً وقعوا ضحية تشابه الأسماء مع مطلوبين للقضاء"، حسبما أوضح رئيس "مجلس شباب تكريت التطوعي" نصير طارق، الذي أضاف أن "تشابه الأسماء مشكلة قديمة لم يتم وضع حلول جادة لها، فلا توجد محاسبة مركزية كما لا توجد معلومات وافية عن المطلوبين، إذ يتم تدوين أسمائهم الثلاثية فقط، والأسماء الثلاثية تتشابه عند كثير من السكان فيتم اعتقال الشخص وتطبق عليه شروط الإرهاب ويقبع بالسجن إلى أن تثبت براءته". 

 

لا أحياء ولا أموات
وعانت المناطق التي احتلها "داعش" من سلسلة متكررة من حالات التغييب القسري ضد أبناء هذه المحافظات لا سيما من هم ضمن سلك الشرطة والجيش، لتأتي بعدها عمليات تغييب أخرى قامت بها الميليشيات ضد الأهالي أثناء عمليات التحرير بدوافع انتقامية وطائفية. 

ويمتنع الناجون من عمليات الاختفاء التي تمت على يد الميليشيات عن الحديث عن الجهات التي اقتادتهم إلى أماكن بعيدة عن قراهم لغرض تصفيتهم، كما حدث في الصقلاوية التي تقع شمال الفلوجة، فبعد عمليات التحرير من "داعش" شهدت تلك المنطقة عمليات تغييب لأكثر من 700 شخص من قرية البوعكاش بعد هروبهم ولجوئهم إلى أقرب نقطة عسكرية ترفع العلم العراقي، لكن الناجين منهم يروون كيف أنهم فوجئوا بأنها تعود إلى الميليشيات التي باشرت بتعذيبهم وقتل المئات منهم في حين اختفى الباقون. 

 

قرية العباءات السوداء

وأوضح عمر محمد، رئيس "منظمة رحمة" في لقائه مع (الاندبندنت) أن قرية البوعكاش شهدت تغييب 700 رجل بينهم أطفال في عمر 13 سنة ورجال بعمر 80 سنة. وتابع محمد أن "تلك القرية بات يطلق عليها اسم قرية العباءات السوداء، فأغلب رجالها مغيبون وتعيش النساء فيها بانتظار مصير رجالهن". ويعانون الفقر وضيق اليد بسبب غياب المعيل، كما أن بعضهم موظفون في الدولة انقطعت رواتبهم بسبب غيابهم، فلا بد من اللجوء إلى الإقرار بوفاة المغيَّب قضائياً لكي يحصلوا على مستحقاتهم المالية وهذا ما تمتنع عنه العائلات لأن ذلك يعني تنازلهم عن الأمل بالعثور عليه".

 

فرق وطنية للكشف عن المقابر الجماعية

ويتعدد ضحايا ملف المغيبين في العراق، إذ هم المغيب وعائلته، فعائلات المغيبين تخشى من التعرض لعمليات انتقامية بحال تقديمهم الشكاوى للمحاكم المدنية، وهذا ما أكدته لجنة الأمم المتحدة المعنية بحالات الاختفاء القسري، إذ أعربت اللجنة عن قلقها البالغ إزاء الادعاءات العديدة بارتكاب أعمال انتقامية ضد أسر وأقارب وممثلي المختفين، وكذلك ضد الجهات الفاعلة التي تشارك في عمليات البحث والتحقيق.
ويبقى العراق بحاجة إلى فرق وطنية تختص بفتح المقابر الجماعية المعروفة لدى الأهالي قبل أن يتم العبث بها أو إضاعة معالمها، فالعراق يمتلك فريقاً وطنياً واحداً فقط مدرباً على الكشف عن المقابر وهو غير كاف للكشف عن كل المقابر التي اتسع مداها في العراق بسبب "داعش" والميليشيات. كما لا يمتلك العراق إلا مختبراً مركزياً واحداً لإجراء فحوصات الحمض النووي لغرض التعرف إلى هوية الضحايا.


الحكومة توفر الحماية لمرتكبي الانتهاكات

وذكر التقرير أنه وعلى رغم من إعلان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني تعيين مستشار خاص له لقضايا حقوق الإنسان ونشره بريداً إلكترونياً لتلقي الشكاوى، فإن المدير التنفيذي لمركز جنيف الدولي للعدالة ناجي حرج يشكك في هذه الخطوة، مبيناً "أنها لا تختلف عن إعلانات سابقة كثيرة لرؤساء وزراء سابقين لكنهم لم يتخذوا أي إجراء للحد من الانتهاكات بل وفروا الحماية لمرتكبي الانتهاكات ومارسوا الضغط ضد كل من يحاول فضح انتهاكاتهم وجرائمهم. كما أن الجهة المختصة بحسب القانون للنظر في قضايا حقوق الإنسان هي المفوضية العليا المستقلة لحقوق الإنسان، وليس مكتب رئيس الوزراء الذي تقع عليه مهمة اتخاذ القرارات وليس تسلم الشكاوى".