"تنذر بمستقبل مُقلق".. تقرير بريطاني يتحدث عن اسباب العواصف الترابية في العراق
تقارير مترجمة | 21-05-2022, 10:42 |
بغداد اليوم _ ترجمة ياسمين الشافي
في الآونة الأخيرة، أصبحت العواصف الرملية أكثر تواترًا واستمرارية، مما أدى إلى الإغلاق المستمر للحركة الجوية ودخول المستشفيات ومن المتوقع أن تزداد حدة العواصف وسط ارتفاع درجات الحرارة وعدم انتظام هطول الأمطار، مما يؤدي إلى مزيد من حالات الجفاف. حيث يؤدي الجفاف السريع للأرض إلى تدهور التربة وتسريع التصحر ، مما يساهم في المزيد من العواصف الرملية.
بهذا الصدد،قال تقرير لصحيفة "middle east eye “ الذي ترجمته (بغداد اليوم)، ان "العواصف الرملية الأخيرة التي اجتاحت العراق تُنذر بمستقبل مقلق للأمة وبقية المنطقة".
واضاف ان "كونها في حين تمثل ظاهرة طبيعية تفاقمت بسبب تغير المناخ، إلا أنها أصبحت أكثر حدة بسبب السياسات السيئة لإدارة المياه والمساحات الخضراء بإلاضافة الى فشل الحكم العراقي منذ حرب 2003".
واشار التقرير الى ان "هذه العواصف الرملية ،بمثابة تذكير للمنظمات متعددة الأطراف مثل الأمم المتحدة، إلى جانب المنظمات غير الحكومية الإقليمية والقادة العراقيين المحليين، بأن الأمن القومي والإقليمي والبيئي يتقاطع. وان الوقت حان للاعتراف بهذا التقاطع وحل المعضلات الأمنية الجديدة - مثل اللاجئين بسبب المناخ التي ستظهر نتيجة للتصحر".
وقال عزام علوش، العالم البيئي العراقي البارز، الى ان "تزايد العواصف الرملية يعزى الى التصحر الناتج عن ارتفاع ملوحة المياه".
ووضح التقرير، قائلاً انه على سبيل المثال، فقد "أدى ارتفاع مستوى سطح البحر إلى تسرب المياه المالحة إلى قنوات وجداول البصرة على ارتفاع 300 كيلومتر عبر مجرى شط العرب المائي، مما أدى إلى نفوق المحاصيل والماشية والأسماك. ومما زاد الطين بلة، تركت الأهوار - الإرث البيئي السياسي للرئيس السابق صدام حسين عرضة بشكل خاص لتغير المناخ".
واستذكر التقرير البريطاني ان "صدام أمر سابقاً بتجفيف الأهوار الجنوبية في التسعينيات، بعد أن أصبحت المنطقة موقعًا لانتفاضة مناهضة للحكومة. لكن حتى مع محاولات استعادة الأهوار، تركت تصرفات صدام إرثًا سهّل تسلل المياه المالحة من الخليج إلى البصرة. حيث توفر أحواض المسطحات المائية الجافة علفًا لمزيد من العواصف الترابية".
ولفت انه "في السنوات الأخيرة، عانت مناطق في الخليج والعراق من بعض أشد درجات الحرارة حرارة على الإطلاق في تاريخ الكوكب. وفي المستقبل ، قد تشهد مدن مثل البصرة وبغداد شكلاً من أشكال "الفصل العنصري المناخي"، حيث لن يتمكن سوى الأثرياء الذين لديهم إمكانية الحصول على مصدر للكهرباء، من تحمل تكاليف تكييف الهواء لتحمل الحرارة".
وتابع انه "في العراق، سيؤدي الانهيار البيئي إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي والمائي، مما يزيد من تقويض حالة الأمن القومي غير المستقرة في البلاد".
وقال انه "على الرغم من أن نهري دجلة والفرات يمران عبر العراق، إلا أنه يصنف على أنه أحد البلدان الخمسة الأكثر عرضة لتغير المناخ والتصحر في العالم.ويمكن أن تؤدي مجموعة من العوامل إلى تفاقم مشاكل الأمن الداخلي عند حدوث اضطرابات مناخية".
واشار: "ان تغير المناخ هو مجرد محرك واحد للعواصف الرملية في العراق. السياسات البيئية سيئة هي أخرى. لقد أساءت الدولة العراقية إدارة الموارد المائية من خلال إخفاقها في كبح الممارسات الزراعية غير الملائمة والاستنزاف السريع لموارد المياه الجوفية ، مما يؤدي إلى تجفيف الأرض. كما عانت وزارة الموارد المائية العراقية من تخفيضات في الميزانية.وفي حين أن البرامج البيئية المستدامة يجب أن تحدث على مستوى متعدد الأطراف، يمكن للدولة العراقية على الأقل أن تتبنى سياسات للتخفيف من آثار التقلبات المناخية، لا سيما على السكان المعرضين للخطر مثل البدو. وللأسف، لم يقم العراق بتشكيل حكومة منذ انتخابات 2021 للتعامل مع هذه المشكلة".
وختم انه "في نهاية المطاف، تحتاج الحكومات الوطنية في المنطقة والهيئات مثل الأمم المتحدة أو جامعة الدول العربية، إلى تطوير استراتيجيات أمنية بشرية المنشأ، وإعادة تصور حالات الجفاف التي تفاقمت بسبب تغير المناخ باعتبارها مخاطر بيئية عابرة للحدود. وهذا يتطلب من الدول ومؤسسات الأمن الجماعي التكيف مع المخاطر التي لا تنبثق من جهات فاعلة حكومية أو غير حكومية. ومن المفارقات أن العراق الحديث يتوافق مع الهلال الخصيب التاريخي، حيث بدأت الحضارة لأول مرة بسبب الظروف المناخية المثلى، لكن للأسف، قد تبدأ الحضارة في الانهيار هنا أيضًا بسبب تأثير المجتمع الحديث على المناخ".