"فاتن أمل حربي".. إبراهيم عيسى يفند الانتقادات ويدين تقديس التراث
منوعات | 3-05-2022, 17:14 |
بغداد اليوم - متابعة
رد الإعلامي والمؤلف المصري إبراهيم عيسى على الانتقادات المثارة حول المسلسل الرمضاني "فاتن أمل حربي" الذي قام بتأليفه، قائلا إن عمله الدرامي "طرح وجهة نظر دينية من قلب الدين نفسه"، ومدينا ما وصفها بـ"الثقافة المتطرفة" وتقديس التراث الديني.
وتصدر مسلسل "فاتن أمل حربي" نسب المشاهدة في الكثير من الدول العربية، بسبب القضية التي يطرحها ويعتبرها البعض "تابو"، كما وصفها عيسى، لا يجب الاقتراب منه، فأثار الجدل في مواقع التواصل الاجتماعي، وتعرض لهجوم من مؤسسات دينية رسمية.
وفي مقابلة بثت الاثنين على شاشة الحرة، قال عيسى إن المسلسل أثار موضوع "حرج جداً" عن قصة المرأة في الثقافة العربية، وما يحيطها من قوانين وفهم ديني.
وشدد عيسى أن عمله الدرامي طرح وجه نظر دينية من قلب الدين نفسه، مستشهدا بمشهد من المسلسل، عندما سأل القاضي عن القضية، فقال إن "الشريعة جنينة (حديقة) واسعة والمهم معرفة من أي شجرة نقطف".
ويعالج العمل الدرامي الذي عرض في شهر رمضان، عدة قضايا تتعلق بالمرأة، وناقش حقوق النساء بعد الطلاق، مثل النفقة، والولاية التعليمية على الأطفال، وسقوط حقها في حضانة الأبناء عند الزواج من جديد، مسلطاً الضوء على قانون الأحوال الشخصية في مصر.
والمسلسل من إخراج محمد جمال العدل، وبطولة نيلي كريم وشريف سلامة وهالة صدقي وفادية عبد الغني ومحمد الشرنوبي ومحمد ثروت.
ومنذ اليوم الأول لعرضه، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي، بجدل حول العمل الدرامي الرمضاني، وكانت ردود الفعل عليه متباينة للغاية، بعدما أثار الاستقطاب بين فئات وشرائح فكرية وثقافية مختلفة.
"أزمة مع المرأة"
وخلال استضافته ببرنامج "اليوم"، علق عيسى، قائلا: "نحن أمام ثقافة متطرفة طوال الوقت تقدم عبر الجماعات والخطاب الديني المتشدد، مضيفا "حضور المرأة في الذهنية المتطرفة حضور هائل؛ سواء بالمنع والتحريم أو التجريم أو الشيطنة أو التحدث عن المرأة باعتبارها الغواية والفتنة".
ورأى أنه من الطبيعي إثارة المسلسل هذا الجدل المتعدد في تنوعاته، لأنه يتناول "موضوع شديد الاشتباك مع القانون والدين".
ويقول عيسى إن قصة المسلسل تجسد الواقع العربي على امتداده، وعما يتعلق بمصر بشكل خاص، قال:" هناك مليون ونصف المليون قضية طلاق منظورة أمام المحاكم، و 220 ألف قضية طلاق سنوياً".
وأوضح أن 40% من حالات الطلاق تقع في السنة الأولى من الزواج، مضيفاً "نحن أمام ظاهرة اجتماعية ممتدة في الوطن العربي بقوة شديدة".
واستشهد الكاتب الصحفي، بالكويت كنموذج لارتفاع نسب الطلاق، فيقول "مررت على بناية يطلق عليها المواطنين (بناية المطلقات)، لأن نسبة الطلاق هناك مرتفعة أيضاً".
وكان مركز الفتوى التابع للأزهر قد أصدر في وقت سابق تعقيبا على المسلسل، مؤكداً دعم الأزهر "الإبداع المُستنير الواعي"، ومحذراً من "الاستهزاء بآيات القرآن وتشويه صورة رجل الدين".
وعن دخول الأزهر على خط الأزمة الخاصة بالجدل حول المسلسل، يقول عيسى: "هناك فهم تقليدي للدين وآخر متطرف وثالث معتدل"، معتبرا أن المؤسسات الدينية في الوطن العربي "تقليدية".
"التراث التقليدي"
وأعرب عيسى عن اعتراضه على تطبيق "التراث التقليدي" الخاص بالمرأة الذي "وضعه أوائل من الفقهاء عملوا وفقاً لمتطلبات عصرهم"، مشيرا إلى أنهم لم يكونوا معنيين بتطبيقه عام 2022.
وقال إن المؤسسات التي تتمسك بهذا التراث "تقف ضد التجديد، رغم كونه تراثا بشريا قائما على اجتهاد أئمة، لكنها تقتات على حراسة التراث".
وأضاف: "رأي التيار التقليدي في تلك القضايا يصب في صالح التيار المتطرف"، مما يتسبب في "هضم حق المرأة وتقديم وجه بدائي صحراوي قديم لا يمكن اعتباره فهم متحضر وسطي عصري للدين، والمرأة ضحيته الأولى في كل الأحوال".
وفيما يتعلق بمعاناة المرأة المطلقة في المحاكم، قال: "المشكلة ليست في القانون، لكن في المناخ الذي صنع هذا القانون، والبيئة الدينية والتقليدية التي شرعته".
وتعرض العمل الدرامي لهجوم واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي علق عليه عيسى، قائلا: "المجتمع المصري متنوع ومتعدد للغاية وهناك قبول بهذه الفكرة"، مضيفاً بدأت المسلسل وهناك 10 ملايين مشاهد للعمل مبدئيا، وهم أسر الحالات الخاصة بالطلاق.
وأوضح مؤلف المسلسل أن قطاعا من المجتمع صدم بأحداث المسلسل، وروع بما يحدث في القانون والمحاكم.
"مثير للجدل"
عيسى، المشهور بطرحه مواضيع مثيرة للجدل، قال في المقابلة مع تلفزيون الحرة إنه سعيد بأن عمله الدرامي أثار "صخباً وجدلاً ونقاشاً وحركة على كل الأصعدة وحول اختلافات في القانون والدين وفهم الدين وعلاقتنا بالرجل والمرأة".
وعن الانتقادات الموجهة إلى شخصه، يقول عيسى: "اختياري كمحل لهذا العداء منطقي ووجيه للغاية، لأنني صوت أنافس في ساحة الحوار والنقاش، في قضايا التطرف والتنوير، وصوت مؤثر وموجود إعلامياً في برامج ذات أهمية وصدى وصدامية في طرح وجهات نظرها".
وعما إذا كان متخوفا من الاتهامات المستمرة الموجهة إليه بازدراء الأديان، يقول: "الدولة المصرية طول الوقت محل هذا الابتزاز من قبل المتطرفين والإرهابيين والتيار المتجمد المتعصب المتسلف".
وأضاف "ربما أنا الكاتب العربي الوحيد الذي تعرض لحملة تفتيش مليونية، ملايين من البشر يفتشون في قلبي يومياً، أمور كنا نقرأ عنها في القرون الوسطى أو منذ قرن أو 50 عاماً".
ومؤخرا واجه عيسى انتقادات بعد تشككه في روايات بشأن واقعة "الإسراء والمعراج" وحديثه عن صلاة التراويح في رمضان. وعن هذه "المعارك" كما يسميها عيسى، قال: "هي نتيجة وجود أطراف مستنفرة ومستفزة طوال الوقت من الآراء غير المواتية لأفكارهم، مع التدليس واجتزاء واقتطاع وتشويه الحديث، فيبدو أن هناك رغبة في استهدافي".
وأضاف قائلا: "الأصل في المجتمعات العربية الليبرالية السماحة والانفتاح والتسامح، أما الطارئ فهو التطرف الديني الذي تجذر عبر نصف قرن، ووجد جمهور من المؤسسات الدينية الرسمية التقليدية".
وتابع "ليس من اليسير انتزاع التأثير الذي خلفه التطرف الإسلامي في المجتمعات العربية، لكن ذلك ليس مستحيلاً في ظل محاولات واجتهادات"، مضيفا "نحن نكسب أراضي كثيرة جدا ونكتسب جمهوراً أوسع، الناس بدأت تفكر في تراثها الديني".