آخر الأخبار
الاطار يحمل "تقدم" مسؤولية فقدان السنة رئاسة البرلمان: العيساوي خيار الاغلبية إدارة الجوية: أخطاء حكام الدوري كارثية وعلى اتحاد الكرة استبدالهم بأجانب نائب: حتى لو تم بناء "100" جسر لن تتخلص بغداد من الاختناق المروري بغداد اليوم تنشر يوم غد الاربعاء نتائج السادس الابتدائي العوادي يشدد على دور العشائر في مساندة الداخلية بمحاربة المخدرات والسلاح المنفلت (فيديو)

"العطش العطش".. أرض السواد تستغيث

سياسة | 30-11-2021, 09:10 |

+A -A

بغداد اليوم - تقرير : محمود المفرجي الحسيني

سواد العراق هو اسم أطلقه الفاتحون المسلمون على الأراضي الزراعية التي تقع جنوب بلاد النهرين، على أطراف دجلة والفرات وما بينهما، وتعبر عن غزارة الخير في هذه الأرض الطيبة التي يأكل اهلها مما رزقها الله به، ولم يرزق به غيرها.

ارض السواد اصبحت اليوم على اعتاب ان تصبح ارض قاحلة، لا ماء ولا خضرة تسر الناظرين، كئيبة حزينة، تشكو ظلم سياسة اهلها، وظلم جيرانها الذين تركوها تصارع العطش بعد ان حبسوا الماء عنها.

وحذر مستشار لجنة الزراعة النيابية والمختص بالشأن الزراعي والمائي عادل المختار، اليوم الإثنين، من مشاكل كبيرة تواجه القطاع الزراعي والبيئي في حال لم تتدارك الحكومة العراقية الأمر سريعاً.

وقال المختار في تصريح لـ(بغداد اليوم)، إن "شحة المياه في العراق اثرت بشكل كبير على القطاع الزراعي وتسبب بتراجعه وتقلصه إلى 50% حيث اصبحت المساحة المخصصة لزراعة الحنطة تقدر بملونين و200 الف دونم والمساحة المخصصة لزراعة الشعير اصبحت 200 الف دونم".

واضاف، أن "هذا يعد تقلص كبير في المساحات المزروعة سيؤدي إلى بطالة كبيرة حيث ان نسبة العراقيين العاملين في الزراعة تبلغ 60% ولهذا من المحتمل جدا حصول هجرة كبيرة من الريف إلى المدينة".

وتابع، أن "شحة المياه وارتفاع نسبة الملوحة في المياه تسبب بتهديد الجاموس العراقي بالانقراض وتراجع انتاج الحليب كما ان تربية الأسماك بالاقفاص والبحيرات ستتوقف بسبب انخفاض مناسيب مياه الانهار ".

وبين المختار، أن "هنالك قلق كبير في حال استمرت وزارة الزراعة ووزارة الموارد المائية بنفس السياسية الحالية في إدارة الزراعة بالطريقة القديمة واستخدام منظومات الري القديمة وعدم وجود دراسة جدوى للمشاريع الزراعية".

وأشار إلى أن "انخفاض مناسيب المياه ادى إلى تلوث بيئي فضلا عن زيادة نسبة الملوحة"، داعياً "الحكومة إلى تصفية مياه الصرف الصحي التي تذهب إلى الانهار قبل حصول ازمة بيئية كبيرة".

ولفت إلى أن "المشاكل التي تواجه الزراعة في العراق هي عدم استخدام منظومات الري الحديثة وتقليل استهلاك المياه التي تقدر ب25 مليار إلى 15 او 12 مليار في ظل الظروف الحالية التي حذر منها مؤتمر كلاسكو الذي عقد في لندن والذي صنف العراق كخامس اكبر دول العالم تضرراً من أزمة الجفاف".

في إطار السعي لتحصيل حقوقه المائية، يقوم العراق بجهود دبلوماسية منذ سنوات مع الجارتين تركيا وإيران لضمان عودة تدفق المياه من مصادرها لتصب في أنهار العراق وتنقذه من خطر شح المياه. ورغم تحقيق بغداد تقدما بالحوار مع أنقرة في هذا الإطار فإنها تواجه عثرات في المفاوضات مع طهران قد تضطره لتدويل المشكلة.

وتقول وزارة الموارد المائية العراقية إنه بعد أن استنفدت كل خياراتها السياسية والدبلوماسية مع الجانب الإيراني لإنهاء أزمة قطع المياه عن 42 نهرا، فإنها وجهت خطابا لوزارة الخارجية طالبت فيه بتدويل ملف أزمة المياه مع إيران.

وقالت وزارة الموارد المائية العراقية إن طهران على مدار السنوات الماضية رفضت كل الدعوات العراقية التي وجهت لها للجلوس على طاولة الحوار من أجل مناقشة أزمة شح المياه، مشترطة اعتراف مسبق من بغداد باتفاقية الجزائر مقابل قبولها لهذه الدعوات والتفاوض.

وتشير التقارير التي اعدتها منظمة (اليونسيف) إلى أن قرابة 3 من بين كل 5 أطفال في العراق ليس لديهم وصول إلى خدمات الماء الآمن، كما أن أقل من نصف المدارس في عموم البلد تمتلك خدمات الماء الأساسية، مما يعرض صحة الأطفال للخطر، ويهدد تغذيتهم، ونموهم المعرفي، وسبل عيشهم المستقبلية.

وتذكر ايضا أن اقليم الشرق الأوسط وشمال افريقيا سيكون المنطقة الأكثر شحا في المياه في العالم. إذ أن زهاء 66 مليون نسمة ممن يسكنون الاقليم يفتقرون إلى الصرف الصحي الاساسي، مع نسبة قليلة جدا ولا تكاد تذكر من المياه العادمة (أي مياه الصرف) تتم معالجتها على نحو ملائم، بحسب تقرير جديد لليونيسف عنوانه "الجفاف الداهم: أثر ندرة المياه على الأطفال في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا."

ويسلط التقرير، الذي أطلق خلال الأسبوع العالمي للماء، الضوء على أبرز الاسباب وراء شحة المياه في المنطقة والعراق، بما فيها الطلب الزراعي المتزايد، واتساع رقعة الاراضي الزراعية المروية باستخدام المياه الجوفية. وبينما تشكل الزراعة نسبة 70% من استهلاك المياه على الصعيد العالمي، نجد أنها تبلغ أكثر من 80% في المنطقة المذكورة في أعلاه.

وفي هذا الصدد، قالت السيدة شيما سين غوبتا، ممثلة اليونيسيف في العراق: "إن مستوى شحة المياه في العراق تنبأ بالخطر، فالاطفال لا يستطيعون النمو ليبلغوا كامل طاقاتهم بدون الماء." وأضافت قائلة: "آن الأوان للقيام ببعض الاعمال بشأن التغير المناخي، وضمان الوصول للماء الآمن لكل طفل."

فالطلب المتزايد على الغذاء، والنمو الحضري، والادارة السيئة للمياه، فضلا عن التغير المناخي، تظافرت جميعها لتهدد الأطفال والفقراء والمهمشين.

وبينما ليس التغير المناخي السبب الوحيد لشحة المياه، إلا أنه تسبب في تناقص في مياه الأمطار للزراعة، وتدهور في جودة احتياطي المياه العذبة نتيجة للتدفق العكسي للمياه المالحة القادمة من الخليج العربي نحو طبقات المياه الجوفية العذبة، وتركيزات التلوث المتزايدة.

في العراق، كان موسم الامطار 2020-2021 هو الموسم الأكثر جفافا في الأربعين عاما الأخيرة، مما تسبب في تناقص حاد تدفق المياه في نهري دجلة والفرات بلغت نسبته 29% و 73% على التوالي.

ستواصل اليونيسف دعمها للحكومات الاتحادية والاقليمية، والشركاء المحليين، والمجتمع المحلي، والقطاع الخاص، للتعاطي مع ضعف الموارد المائية في الشرق الأوسط وشمال افريقيا، عبر مجموعة من الحلول بما في ذلك:

إيجاد بيئة تمكينية راسخة ذات سياسة وطنية عامة قوية، ومنظومات ترشيدية تتصدى لشح المياه، بما في ذلك استخراج المياه الجوفية، والمحاسبة المائية، وتحليل البيانات.

العمل مع المجتمع المدني، ولا سيما الشباب بوصفهم وكلاء التغيير، حول قيمة الماء والحفاظ على المياه.  

الشروع في خطط استجابة للتغير المناخي، وادراج قلة المياه كمكوّن ذي أولوية وتخصيص موازنة مالية كافية لمعالجة شح المياه.

استحداث مجموعات تنسيق بين أصحاب المصلحة الرئيسيين كالبلديات، ومديرات الماء، والبيئة، والصحة، والزراعة، والطاقة والمالية، والمؤسسات الوطنية، والفاعلين في القطاع، بما في ذلك ممثلي المجتمع الدولي، لدعم مراجعة السياسات العامة، وزيادة القدرات التكنولوجية.

دعم بناء القدرات للفاعلين الرئيسيين في قطاع الماء، بما في ذلك الكيانات التنظيمية – منشآت المياه، لتقديم المياه النظيفة، ولا سيما في المجتمعات المتضررة بشكل كبير من خلال تحديث البنى التحتية القديمة، واعداد عمليات مستدامة، وتقليل الهدر في المياه.