بغداد اليوم - بغداد
تقرير : ياسمين محمد
يُعّد المجتمع العراقي من اكثر المجتمعات في العالم تماسكا والتزاما بالروابط الاسرية، وهذا الامر يعود الى الجذور والثقافة الطويلة للأسرة العراقية، التي تقدس روابط الزواج الشرعي، وتمقت حالات الانفصال الذي عبر عنه القرآن الكريم بـ "ابغض الحلال".
وواحدة من اوجه هذا التقديس لروابط الزواج في المجتمع العراقي، هي ما ذكره اكثر الطاعنين بالسن في الاسر العراقية، الذين اكدوا ان حالات الطلاق في القرن الماضي كانت نادرة نسبيا، وغريبة جدا على المجتمع العراقي.
لكن .. مع سير الاحداث التي عصفت بالعراق والتي تأثر بها المجتمع العراقي، منذ ثمانينات القرن الماضي مرورا بتسعيناته، وانتهاء بعصرنا الحاضر، ارتفعت نسب حالات القضاء بشكل ملفت ومخيف، حتى وصل الامر الى ان هذه الحالات باتت طبيعية جدا وجزء من ثقافة سادت وفرضت نفسها.
وتشير الاحصائيات التي خرجت من مجلس القضاء الاعلى العراقي، بان حالات الطلاق وصلت إلى 516 ألف و784 الف حالة، من عام 2004 – 2014، في وقت كان مجموع حالات الزواج خلال نفس المدة 2 مليون و623 ألف و883 حالة، ما يعني أن حوالي 20% من هذه الزيجات انتهت بالطلاق، وتشير تلك الأرقام إلى أن حوالي 145 حالة طلاق يومياً وست حالات كل ساعة، ما يعني حالة طلاق كل 10 دقائق.
كما اشارت الأرقام الصادرة عن المجلس، إلى أن دعاوى الطلاق لعام 2004، كانت 28 ألفاً و689، وارتفعت إلى 33 ألفاً و348 في 2005، ثم ارتفعت مجددًا إلى 35 ألفًا و627 في 2006، وارتفعت مجدداً في العام 2007 إلى 41 ألفًاً و536 حالة طلاق، ثم حققت نسبة الطلاق انخفاضاً في الأشهر الأولى من العام 2008، إلا أنها عادت لترتفع في العام 2009 بواقع 82 ألفاً و453 حالة طلاق، وفي عام 2010 ارتفعت لتكون 113 ألفاً و312، ازدادت في عام 2011 إلى 133 ألفاً و869 حالة.
وفي عام 2012 كانت الحصيلة 160 ألفا و260 حالة طلاق، وارتفعت بشكل خطير فى عام 2013 بواقع 820 ألف و453 حالة طلاق، خلال عام 2015 سجلت 52 ألف و465 حالة طلاق، وارتفعت إلى 56 ألف و594 حالة طلاق في عام 2016.
وسجلت حالات الطلاق عبر المحاكم العراقية، خلال السنوات الماضية، ارتفاعاً ملحوظاً، واحتلت مركز الصدارة بين الدعاوى الشرعية أمام محاكم الأحوال الشخصية، وسط تفاقم دور المكاتب الشرعية الذي يقوم بتوقيع الطلاق تفادياً لمحاولات الصلح التي يقوم بها القضاة في محاكم الأحوال الشخصية، والذي يلجأ إليه الزوجين لإنهاء إجراءات الطلاق.
وقد نشر “مجلس القضاء الاعلى”، إحصائيات الشهرية لعدد حالات الزواج والطلاق التي سجلتها محاكمه في عموم محافظات العراق عام 2017، حيث بلغت حالات الطلاق بين الزوجين خلال نيسان/ابريل الماضي في الدعاوى التي تقدم إلى المحكمة 4691 حالة، في المقابل 4685 حالة طلاق خلال أذار من نفس العام.
وكانت النسبة الاكبر في ذلك العام سجلتها محافظة نينوى، التي كانت بوقتها تحت طائلة الارهاب الداعشي، حيث كانت الأكثر عدداً في حالات الزواج بـ962 حالة، قابلها 216 حالة طلاق، فيما كانت بغداد بجانبيها، الرصافة والكرخ، أعلى محافظة بحالات الطلاق بالدعاوى التي تقدم إلى المحكمة في أذار من ذلك العام بواقع 1650 حالة طلاق، أما خلال نيسان فقد بلغت 1561 حالة طلاق.
اما حالات الطلاق في شهر نيسان الماضي من العام الحالي (2021)، فقد بلغت 4,491 حالة تصديق للطلاق الخارجي، و1,631 حالة تفريق بحكم قضائي ، اي بمجموع 6,122 حالة، بينما بلغ عدد حالات الزواج لنفس الشهر 29,004 حالة بحسب احصاءات رسمية لمجلس القضاء.
وعدّت رئيسة منتدى الاعلاميات العراقيات، الدكتورة نبراس المعموري، ان ارتفاع حالات الطلاق في العراق، هو نتيجة لكثير من العوامل التي تتعرض اليها الاسرة العراقية، وبالذات المرأة العراقية، منها عوامل العنف الاسري الذي يمارس بحقها.
وقالت المعموري لـ (بغداد اليوم)، ان "هناك عوامل اخرى ادت الى ارتفاع حالات الطلاق، منها (زواج القاصرات)، مشيرة الى ان هناك "من حاول خرق القانون والعمل على رقعة طائفية مذهبية ترتب عليها كم هائل من المطلقات وأطفال غير مسجلين، وهذا نوع آخر من العنف تستثمره بعض العوائل بسبب الظروف الاجتماعية والأمنية والعادات والتقاليد، التي يفترض مغادرتها لرقعة ذات فسحة أكبر للحرية والمساوات والعدالة".
اما الباحثة الاجتماعية، منال كريم، فقد اكدت الى جوانب اخرى تؤدي الى عدم استمرار الروابط الزوجية، منها ما استحدث اخيرا واصبح غريبا على المجتمع العراقي، هو التعارف عن طريق منصات التواصل الاجتماعي.
وقالت كريم لـ (بغداد اليوم)، ان "هذه الظاهرة تأتي عن طريق شاب وشابة بدون التمييز والتقدير والتفكير الحكيم لمستقبل هذه العلاقة، التي عادة ما تكون صادمة عند الزواج، اذ يكتشف الزوجين انهما غير متفاهمين تماما بسبب وجود الفجوات الاجتماعية والفكرية لدى الطرفين".
واضافت، ان "هناك احصائيات كثيرة بهذا الجانب اكدت، ان الذين يتزوجون وفق هذه الطريقة، يفوتهم الجانب الاقتصادي، وضرورة توفره قبل الاقدام على الزواج، او اختلاف المستويات المعيشية لدى الطرفين".
واشارت كريم الى، مسألة اخرى، هو ارتفاع نسبة العنوسة لدى الكثير من الفتيات، وشعورهن بان قطار الزواج قد فاتهن، فيلجأن الى الزواج باي طريقة بدون اي دراسة مستفيضة، فعادة ما تقع بطريق اشخاص لا يقدرون الروابط الزوجية، فيحكمون على هذا الزواج بالإعدام في اول لحظات تحقيقه".
وعلى الصعيد ذاته، رأت التربوية والباحثة الاجتماعية وفاء محمد، ان ازدياد نسبة الفقر في العراق، هي اهم اسباب ارتفاع حالات الطلاق في العراق.
واوضحت في تصريح لها لـ (بغداد اليوم)، ان " اخر احصائية لنسبة الفقر في العراق، اعلنتها وزارة التخطيط في تموز من العام 2020، بلغت 31.7 في المئة، اي بارتفاع يقدر بـ12 في المئة عن عام 2019، وهو معدل قياسي يسجل للمرة الأولى منذ عام 2003، وهذا بدوره يزيد من معاناة الاسر العراقية وتهدد كيانها، وتؤدي الى الانفصال بين الزوجين في اغلب الاحيان".
ويشير اغلب الباحثين الاجتماع، الى ضرورة معالجة ظاهرة الطلاق في المجتمع العراقي، والحفاظ على بنيته الاجتماعية، وهذه المعالجات لا تأتي الا بعمل مضن، وبقوانين جديدة تتماشى مع لغة العصر والمتغيرات التي طرأت عليه.
بغداد اليوم - بغداد أكد النائب الكردي السابق، غالب محمد، اليوم السبت (19 نيسان 2025)، أن هناك محاولات واضحة من قبل الأحزاب الحاكمة في إقليم كردستان للالتفاف على قرار المحكمة الاتحادية بشأن توطين رواتب الموظفين. وقال محمد في تصريح لـ”بغداد اليوم”، إن